تقرير: أمام المجتمع العربي فرصة للوقوف بوضوح ضد العنصرية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

منذ سنة 2015، يُطلب من الجمهور العربي، المرة تلو الأُخرى، الاقتراع بذريعة أن ما يجري هو "انتخابات مصيرية". هذه الكلمات كررها زعماء الأحزاب الذين شددوا على أهمية التمثيل العربي في الكنيست. لكن الجمهور العربي يئس من ذلك، وتبدو هذه الكلمات تكراراً واجتراراً لا أكثر.

هذه المشاعر ناجمة عن تجربة النتائج في المعارك الانتخابية الأربع الأخيرة. قرار حزب راعام ورئيسه منصور عباس، الانضمام إلى الائتلاف، أدى إلى إنجازات كثيرة في المجال المدني، في رأي الحزب، لكن لا أحد يختلف على أن هذا لم يؤدّ إلى تغييرات حقيقية في القضايا العميقة للمجتمع العربي. راعام لم تتطرق إلى قانون القومية، ولا إلى عملية سياسية تسعى لإنهاء الاحتلال، وليس هناك مَن يجرؤ على الكلام عن الموضوع.

والسبب واضح: أغلبية الجمهور الصهيوني في إسرائيل لم تختَر قرار احتضان عباس، لكنها انحازت نحو اليمين المتطرف. الخطاب المتطرف الذي ميّز الأحزاب المتطرفة تغلغل في داخل الأحزاب التي تعتبر أنها تقف في وسط الخريطة السياسية. ونسمع مطالبات بإبطال ترشيح عرب، وبإدخال قوات حرس الحدود والجيش إلى المدن المختلطة، وبتعيين تلميذ كهانا إيتمار بن غفير في منصب وزير الأمن الداخلي. في المقابل، الأحزاب التي تدّعي التمسك برؤيا المساواة والقيم الديمقراطية، مثل ميرتس والعمل، تجتاز نسبة الحسم بصعوبة.

مع ذلك، يجب على المواطنين العرب عدم التهاون، وعدم التباكي على الواقع المرير، أو مقاطعة الانتخابات، في ظل غياب خيار عملي.

لا شك في أن الموضوع الذي يشغل الجمهور اليهودي، ليس إنهاء الاحتلال أو المساواة في الحقوق للمواطنين العرب، بل مسألة عودة رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو إلى الحكم. لكن على الجمهور العربي ألّا يسمح بأن يُستخدم، من دون أن يسأله أحد عن رأيه، كوقود للتحريض الوحشي الذي يقوم به اليمين المتطرف المؤيد للتفوق اليهودي.

أمام هذا الواقع، ليس لدى المواطن العربي ترف القول "لا يهمني"، بل عليه أن يستغل الفرصة والتعبير عن رأيه. هذه هي الساعة كي يصوت بما يؤمن به. ما من أحد يمكنه أن يضمن للجمهور العربي مستقبلاً أفضل، أو يقدم له ضمانات بأنه في عهد ما بعد نتنياهو، لن يصبح الواقع سيئاً. لكن على الجمهور العربي هذه المرة، كما في كل المعارك الانتخابية التي جرت منذ قيام الدولة، التمسك بمبدأ أنه سيبقى هنا، ولن يذهب إلى مكان آخر، وسيبقى هنا، جيلاً بعد جيل، وأيضاً بعد سموتريتش وبن غفير.

يوم الانتخابات الذي يبدأ هذا الصباح، له أهمية مزدوجة بالنسبة إلى الجمهور العربي: إمكانية التعبير عن موقف واضح وصارم ضد عنصرية وفاشية اليمين المتطرف، وكي يعبّر أمام زعماء الأحزاب الأربعة عن رأيه بصورة مباشرة. من هنا، فإن الحديث هذه المرة عن انتخابات مصيرية ليس مجرد كلام، بل حقيقة. يجب على المواطنين العرب الذهاب للإدلاء بأصواتهم، هذه المرة أكثر من أيّ مرة أُخرى.