حتى لو حصل نتنياهو على 61 مقعداً الأزمة لن تنتهي
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • إذا صدّقنا استطلاعات الرأي، فثمة حظوظ لا بأس بها في أن تقدم انتخابات 2022 سبيلاً للخروج من الدورات الانتخابية التي لا نهاية لها. يبدو أن بنيامين نتنياهو أقرب اليوم، أكثر من أي وقت آخر في الأعوام الثلاثة الأخيرة، إلى الوصول إلى الرقم الذهبي: 61 مقعداً.
  • في الليكود، هناك مَن يتجرأ على الحديث عن 62 و63 مقعداً، إذا لم يتمكن حزب التجمع (بلد)، وأيضاً حداش - تعل من تجاوُز نسبة الحسم. في الاستديوهات لا يتجرأ أحد على الحديث عن ذلك علناً، لأن هدف نتنياهو الأول كان ويبقى خلق أزمة وضغط وترهيب حتى الساعة العاشرة من يوم الثلاثاء، موعد إغلاق صناديق الاقتراع، والإحساس بالنشوة هو الأمر الأخير الذي يريد زرعه بين الناخبين.
  • لكن حتى ولو تحقق هذا السيناريو، ونجح نتنياهو في تأليف الحكومة، يجب ألّا نخطىء، فإن المأزق السياسي لن ينتهي. ومن أجل أن نفهم السبب، يجب أن نعود بالزمن إلى الوراء. التفسير الأول لِما يحدث ناجم عن حكومة التغيير: للمرة الأولى منذ 12 عاماً، ينتقل نتنياهو إلى صفوف المعارضة والائتلاف المكون من 8 كتل حاولت التعايش معاً ضمن إطار سياسي واحد أخذ في المضي قدماً، وحتى الميزانية أٌقرَّت، وتحرر الاقتصاد من وضع الجمود. لكن بعد مرور عام، ها نحن في النقطة عينها، في طريقنا إلى صناديق الاقتراع التي بتنا نعرفها جيداً كما نعرف الطريق إلى غرف نومنا.
  • حكومة مؤلفة من 61 لن تكون الحكومة التي ستُخرج إسرائيل من المأزق. لا يغير شيئاً مَن الذي يؤلفها، نتنياهو، أو لبيد، أو غانتس. المشكلة أعمق من ذلك، وهي ليست تحديداً في معسكرات "نعم لبيبي - لا لبيبي" وهي مكونة من 4 مكونات و4 تفسيرات يمكننا من خلالها القول بكل ثقة، حتى ولو حدث حسم، فإنه سيكون موقتاً وقصير المدى، ولن يحقق استقراراً طويل الأمد، وربما سنعود إلى الانتخابات، وإلى النقطة عينها في سنة 2023.
  • التفسير المركزي له علاقة بأسلوب النظام في إسرائيل، وهو الذي يعطي كل حزب مؤلف من 4 مقاعد القدرة على عرقلة كل المنظومة السياسية. لا داعي للمبالغة في الحديث عن التشويه الذي جرى في إطاره اختيار رئيس للحكومة، زعيم حزب لديه 7 مقاعد في الكنيست تراجعت فيما بعد إلى ستة، لتصل في النهاية إلى خمسة مقاعد. ومن دون علاقة بمستوى أداء نفتالي بينت، فإن الشيء المهم الآن، كيف انتهى كل ذلك، أي التفكك السريع.
  • لم يكن هذا هو التشوه الوحيد الذي أوجده نظام الحكم. لنحاول التفكير في الفترة التي عُرفت بالانتخابات أ وانتخابات ب، وأن نتذكر ماذا فعل أفيغدور ليبرمان يومها في هاتين المعركتين الانتخابيتين، فقد قال "لا" لنتنياهو وللحريديم"، وأيضاً "لا" للعرب. وخلال دورتين، مع قوة سياسية لا تتعدى الخمسة أو ستة مقاعد، تمكن ليبرمان من عرقلة المنظومة السياسية: لم يحصل أيّ طرف على 61 مقعداً، وللأسف الشديد، هذا ما سيحدث الآن هذه المرة. أحزاب صغيرة، حتى ولو لم تتمكن من دخول الحكومة، فإنها تستطيع وضع سلسلة مطالب، و"ابتزاز" رئيس الحكومة. وهذه ليست وصفة للاستقرار، ولا يغير شيئاً مَن سيؤلف الحكومة، وإلى أيّ طرف ينتمي في الخريطة السياسية.
  • السبب الثاني الذي بسببه لا نزال عالقين في الدوامة عينها، هو بيبي. بكلمات أُخرى، السابقة القضائية. لم يسبق أن شهدت إسرائيل الوضع الذي لم يتغير خلال خمس معارك انتخابية يكون فيها المرشح لرئاسة الحكومة رئيس حكومة سابق ورئيساً للمعارضة، المطلوب منه تأليف الحكومة المقبلة، بينما يحاكَم في 3 قضايا فساد. ومن دون إبداء رأينا في الملفات التي يحاكَم فيها، السابقة القضائية، أو قضايا ملفات نتنياهو، تؤدي إلى أن التسويات التي كان من الممكن القيام بها في الماضي، لا يمكن أن تحدث اليوم...
  • السبب الثالث له علاقة بوسائل الإعلام. وإذا أردنا اختيار جانب من التهمة، فهو يعود لأننا فضّلنا، ولا نزال نفضّل مجموعة اعتبارات – من نوع ماذا "يقول ليبرمان عن نتنياهو"، وعن "الحرب بين لبيد وغانتس"، أو "تسجيلات سموتريتش"، بدلاً من البحث المكثف في الأيديولوجيات والمواقف والأفعال والنيات. تفضل وسائل الإعلام الإسرائيلية، وهي لا تختلف بذلك عن وسائل الإعلام في العالم، تغطية سباق الخيل، وليس سباق الحياة. وهذا هو السبب بأن السياسيين يعرفون أنهم قادرون على التحدث بالشعارات وعدم الإجابة عن الأسئلة الحقيقية - وخلق حالة، حتى ولو انفجرت قنبلة نووية،  فإنها لن يستطيع نقل الناخبين من كتلة إلى أُخرى.
  • السبب الرابع والأخير، هو ظاهرة شهدتها إسرائيل بقوة، لم تعرفها أيّ دولة في العالم، حتى الدول التي ألّفت حكومات واسعة، وهي غياب الأيديولوجيا. إذا نظرنا إلى الأطراف التي تألّفت منها الحكومة الأخيرة: 8 كتل من الصعب أن يكون بينها خط جامع واحد. وأيضاً بعد مرور عام، من الصعب أن نقتنع بوجود قاسم مشترك بين ليبرمان وزهافا غليؤون ونيتسان هوروفيتس [حركة ميرتس]، وبين أييليت شاكيد وإبتسام مراعنة، وبين جدعون ساعر وغابي ليسكي، وبين نفتالي بينت وبين ميراف ميخائيلي. الحقيقة المؤسفة أن جميع هؤلاء السياسيين استطاعوا أن يتوحدوا بعد أن قرروا أن لا مفر من طيّ أعلامهم الأيديولوجية، وأن الأيديولوجيا الكلاسيكية لا أهمية عملية لها. وهذا بحد ذاته يربك الناخب المحتمل أكثر فأكثر، وذلك من خلال تحديد صورة تقسّم العالم بين مع بيبي وضد بيبي، بدلاً من النظر إلى ما تقترحه الأحزاب عليه.
  • الخلاصة واضحة - إذا لم تؤلَّف حكومة واسعة، وبحسب كل التوقعات، هذا ليس وارداً - فإن المأزق السياسي لن ينتهي. تأليف حكومة ضيقة من أيٍّ من الجانبين قد تجعلنا نتقدم خطوة، لكنها ستعيدنا إلى الوراء خطوتين بسرعة. 61 مقعداً هو ليس الرقم السحري، بل أشبه بتقديم إسعافات أولية أو مخدر. بينما الوضع السريري للمنظومة السياسية لن يتغير فعلياً.