بميزانية متدنية وفي مواجهة قيود قانونية، منظمات مدنية تحاول إقناع المجتمع العربي بالتصويت
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- بلغت ذروة الناخبين العرب في انتخابات الكنيست 65% خلال الجولة الثالثة، ولا آمال معقودة على تكرار هذه النسبة. اليوم، تقدَّر نسبة مَن ينوون الإدلاء بأصواتهم أكثر قليلاً من 45%، ومن المستبعد أن تتجاوز نسبة الـ 50%. الوصول إلى هذه النسبة يحتّم تكريس الكثير من العمل لتشجيع العرب على التصويت.
- يمكن لنسبة الاقتراع أن تحسم التعادل بين الكتل بطريقة أو بأُخرى، وهو ما يجذب اهتمام كتلة التغيير التي تأمل بأن تكبر بما يكفي لمنع نتنياهو من تأليف الحكومة. أمّا كتلة نتنياهو، فهي تحاول تخريب نشاط التشجيع على التصويت.
- تقوم بهذه النشاطات مجموعة من العوامل المركبة، بعضها منظم، والآخر ليس كذلك. بعضها مبادرات محلية على صعيد أحياء في بعض القرى، وأُخرى على صعيد الدولة. تتبّعت "هآرتس" نشاطات هذه الجمعيات ومبادراتها لرفع عدد الناخبين، ومدى تأثيرها في نتيجة الانتخابات.
- يبدو أن اللاعب المركزي للتشجيع على التصويت هو "الائتلاف". وهو في الواقع مظلة جامعة تضم 14 جمعية، منها في المجتمع العربي، وأُخرى عربية يهودية مشتركة. ومع أن كل واحدة تعمل باستقلالية عن الأُخرى، من ناحية الحملات ومنطقة التركيز الجغرافي ونوعية النشاطات، إلا أنها تتشارك في التنسيق والمعلومات. هذه هي الحملة الانتخابية الرابعة التي يعمل فيها الائتلاف، بعد تشكيله فور انتهاء الجولة الأولى من انتخابات 2019، بسبب ضعف الإقبال.
- واحدة من أقوى المنظمات في التحالف هي حركة "نقف معاً". تعمل الحركة بصورة رئيسية في مدن رهط والطيرة والطيبة، ومن المتوقع أن توسع نطاق نشاطاتها إلى التجمعات البدوية في النقب فيما تبقى من أيام حتى موعد الانتخابات. هو حراك راسخ ومنظم نسبياً، وله مكاتب في تل أبيب بإدارة عربية ويهودية. ينشر الحراك حملته على الباصات واللوحات الدعائية والإنترنت، تحت شعار "لا نستسلم"، برفقة وجوه لمؤثرين من المجتمع العربي يشرحون أهمية المشاركة في الانتخابات.
- بعض المنظمات ليس لديها إدارة أو ميزانية، مثل "نصوت معاً"، وهي ليست جزءاً من التحالف، لكنها منظمة مدنية تنشط على مجموعة واتساب، ويديرها ثلاثة أشخاص. الحركة تنظم مجموعات صغيرة تذهب إلى التقاطعات في المدن المختلطة ومراكز المدن العربية. "نصوت معاً" ليست جمعية، وليس لديها ميزانية إطلاقاً، وفقاً لمعلومات هآرتس، بل هم في المجمل متطوعون يتحدثون مع عدد محدد من الناس في وقت واحد، بهدف إقناعهم بالتصويت. هناك أيضاً حركة "شباب أجيال"، وهي حركة ميدانية تنضوي تحت الائتلاف، ترسل متدربين لطَرق أبواب المنازل والتنقل في الأحياء لتشجيع الناس على التصويت.
- قَرع أبواب الناخبين ليست مبادرة شبابية فحسب. إذ إن أعضاء الائتلاف يهدفون إلى الوصول إلى عشرات الآلاف من المنازل في الأيام الثمانية المتبقية حتى موعد الانتخابات. استُخدمت هذه المبادرة للمرة الأولى في الجولة الثانية من الانتخابات ووصلت إلى ذروتها في الجولة الثالثة من الانتخابات. خلال الجولة الحالية، سيحاول نحو 600 طالب وطالبة، وظّفهم التحالف ومنظمات مختلفة، الوصول إلى 150 ألف منزل في 40 مدينة وقرية عربية، وهو رقم كبير جداً. من ناحية أُخرى، يحاول الليكود إقامة منظومة موازية، لها هدف مماثل - نشطاء من حزب الليكود يطرقون أبواب 150 ألف ناخب يميني لم يخرجوا للتصويت في الانتخابات الأخيرة. إلّا أنه وعلى عكس حزب الليكود الذي رصد، وفقاً للتقديرات، عدة ملايين وحتى عشرات الملايين من أجل الانتخابات، فإن تكلفة أنشطة المنظمات الائتلافية تقدَّر بمبالغ أقل بكثير، وذلك بفضل اعتمادها على متطوعين غير مدفوعي الأجر، وتتميز بمستوى تنظيم أقل تعقيداً.
- هل سينجح أعضاء التحالف في الوصول إلى العديد من المنازل؟ وهو سؤال مهم، وذلك بعد أن شهد الائتلاف فشلاً ذريعاً خلال الجولة الانتخابية السابقة. وقال الدكتور سامر سويد، مؤسس الائتلاف ومديره، لصحيفة "هآرتس": "أعتقد أن نظام الانتخابات هذا أفضل من نظام الانتخابات السابق، أي الرابع، لكنه أقل جودة من الثالث. هذا يعني أن الجهود المبذولة للتشجيع على التصويت هي في الوسط. أتوقع أن تكون النتيجة وسطية كذلك - ما يزيد قليلاً عن 50 في المئة."
- سويد (44 عاماً) هو مدير المركز العربي للتخطيط البديل، إحدى منظمات الائتلاف. حصل سويد على الدكتوراه من جامعة حيفا بشأن خطاب القيادة السياسية العربية في إسرائيل، ويقيم حالياً بلندن، ويحضر شهادة ما بعد الدكتوراه حول موضوع المشاركة السياسية للأقليات في الانتخابات، في كلية لندن الجامعية UCL. في آب/أغسطس، أجرى سويد دراسة معمّقة لتحديد الرسائل الأكثر فعالية في التشجيع على التصويت، في ضوء الوضع السياسي للقيادة العربية ونقل النتائج إلى المنظمات.
- ومع ذلك، فإن سويد يدرك التأثير المحدود لحملات التشجيع في التصويت. يقول: "يتأثر معدل التصويت بعدة عوامل. بعد حملتنا الأولى في الجولة الثانية، وفقاً لدراسة محايدة، فإن جميع نشاطات المنظمات معاً رفعت الإقبال على التصويت بنسبة 5%. أعتقد أن هذا هو المعدل." سويد يعتقد أن القوة القادرة على دفع الناس إلى التصويت بشكل أساسي هي بيد الأحزاب وبنيتها التنظيمية، وليس في المنظمات الخاصة. يقول: "جهودنا ثانوية، نحن نساهم في المناخ، لكن عمل القدوم والتصويت في يوم الانتخابات لن يصدرا عنا. العامل الرئيسي الذي يحفّز الناس هو الأحزاب."
- يسمح قانون تمويل الأحزاب لمنظمة مدنية بالتصرف لمصلحة حزب سياسي، أو معسكر سياسي فقط، بإحدى الطريقتين: إما أن يصل سقف نفقاتها إلى 104 آلاف شيكل من المال، أو ما يعادل تلك القيمة، أو تسجيل المنظمة كـ"هيئة نشطة في الانتخابات" لدى مراقب الدولة، وهي قائمة مفروض عليها الكثير من القيود، أولها الحد من قيمة التبرعات التي يمكن للمنظمة الحصول عليها. طُبّق التعديل خلال الجولة الثانية من الانتخابات في سنة 2019، والآن، صرّحت رئيسة لجنة الانتخابات المركزية القاضية حنان ميلتزر بأن منظمة «متحركة» قدمت خدمات النقل إلى البدو في الشتات، انتهكت القانون، وأجبرت المنظمة على التسجيل كجهاز نشط، أو إيقاف نشاطها. يوم أمس، أرسل الليكود خطاب تحذير قبل تقديم التماس ضد منظمتين إلى لجنة انتخابات، يزعم أنهما هيئة نشطة في الانتخابات.
- أحدث التعديل في القانون تغييراً جوهرياً في عمل جميع الهيئات. وترافق نشاطهم الآن مجموعة من المستشارين القانونيين لتجنُّب اعتبارهم هيئة فاعلة في الانتخابات. فهي حريصة جداً على الدعوة إلى التصويت لأي حزب، أو حتى أي معسكر. القراءة العامة تُظهر أن حملات التشجيع على التصويت تساهم، إلى حد ما يصعب تقديره، في نتائج الانتخابات، حتى لمصلحة نتنياهو الذي يحظى ببعض المؤيدين في أوساط الجمهور العربي. وبحسب بعض المصادر في المنظمات، فإن الناخبين في الشارع العربي يرون أن إجراءات حكومة لبيد - بينت ضد البناء غير القانوني، على سبيل المثال، أضرَّت بالعرب أكثر من نتنياهو الذي "أراحهم". يقول أحدهم: "خلال فترة لبيد، كانوا أكثر حرصاً، فقد عملوا في القدس الشرقية، وقاموا بأشياء لم يتم القيام بها من قبل."
- أهمية قانون V15 في كونه اقتصادياً أيضاً. تشير المصادر في منظمات مختلفة إلى انخفاض مستمر في رغبة الجمعيات وفاعلي الخير في التبرع لها لسببين رئيسيين: معظم الجهات المانحة هي مؤسسات تعمل في مجموعة متنوعة من المجالات، وبما أن قانون تمويل الأحزاب يلقي بظلاله القانونية على أنشطة المنظمات - ليس لديهم الرغبة في العبث بالقانون. السبب الثاني هو انخفاض النتائج في الجولة السابقة. يقول أحدهم: "لقد أصيب المانحون والمؤسسات بخيبة أمل كبيرة بسبب تدني الإقبال."
- تشير مصادر صحيفة "هآرتس" إلى أنه مقارنةً بالجولات الانتخابية السابقة، هناك انخفاض بنسبة 50% في المبالغ المستثمرة في الشارع العربي خلال الجولة الحالية. وتقدّر المصادر أن ميزانية الأنشطة الانتخابية لجميع أعضاء الائتلاف بلغ مجموعها نحو 3 ملايين شيكل، في حين بلغ مجموع ما استُثمر خلال الجولات السابقة 6-7 ملايين شيكل. وتجدر الإشارة هنا إلى صعوبة التحقق من تلك الأعداد بسبب العدد الكبير من المنظمات وطبيعة عملها في مسائل لا علاقة لها بالانتخابات. ومع ذلك، تشير التقديرات إلى أنه لم تنفق أي منظمة أكثر من بضع مئات الآلاف من الشواكل على الحملة بأكملها.
- وعلى الرغم من انخفاض ميزانية المنظمات التي تعمل على تشجيع التصويت داخل المجتمع العربي، فإنها في الواقع مشجِعة، مقارنةً بالدورة السابقة. يقول الدكتور سويد: "في الانتخابات السابقة، كان هناك توقعات تشير إلى التوحيد. توقع الناس مشروعاً مشتركاً مرة أُخرى، وحصلوا بدلاً من ذلك على تفكيك القائمة المشتركة وخوض راعام الانتخابات بصورة منفردة." ويتابع: "الآن، لا يوجد مثل هذا التوقع لأن القائمة المشتركة انهارت فعلاً في الجولة السابقة، لذلك لا يشعر الناس بخيبة أمل. هناك غضب. في المرة الماضية كان هناك شعور باليأس."
الكلمات المفتاحية