إذا كانت إيران تبيع روسيا المسيّرات، فهي لا تخاف من هجوم إسرائيلي
تاريخ المقال
المصدر
- حقيقة بيع طهران مسيّرات لروسيا تدل على عدم وجود خيار عسكري إسرائيلي موثوق به في مواجهة إيران. ولو كان مثل هذا الخيار موجوداً وتعتبره الاستخبارات الإيرانية موثوقاً به لما كانت طهران باعت روسيا مسيّرات. فالدولة التي تستعد لخوض حرب ضد إسرائيل مع خيار تدخُّل أميركي، تحافظ على مخزونها الكبير من المسيّرات بقدر الممكن.
- بالاستناد إلى رئيس جهاز الاستخبارات الأوكراني كيريلو بودانوف، باع الإيرانيون الروس دفعة أولى مؤلفة من 300 طائرة من طراز شاهد -131 و136. ومن المنتظر وصول دفعة أُخرى قريباً إلى موسكو. في الإجمال، طلب الروس قرابة 1700 مسيّرة هجومية من إيران. ووفقاً للأوكرانيين، خلال فترة شهرين، الإيرانيون سيزودون الروس بـ 600 مسيّرة هجومية.
- بالنسبة إلى صناعة المسيّرات في العالم، بما فيها في إسرائيل، فإن المقصود رقم خيالي. وللمقارنة، تشير التقديرات إلى أن الصناعة التركية تنتج قرابة 200 طائرة مسيّرة سنوياً من طراز TB2. بينما تنتج الصناعة الإسرائيلية أقل من ذلك بكثير سنوياً.
- وتجدر الإشارة إلى أن الصناعة الإيرانية، بعكس الصناعة التركية، خاضعة للعقوبات القاسية منذ أعوام، ومن الصعب على الإيرانيين شراء مواد خام ومحركات وآلات وغيرها، لذلك من الصعب التصديق أن الصناعة الإيرانية قادرة على إنتاج 600 مسيّرة خلال 3 أو 4 أشهر. ومعنى ذلك أن هذه المسيّرات تأتي من المخزون الموجود في إيران.
تناقُص المخزون الموجود
- ما الهدف من المخزون؟ العقوبات المفروضة على إيران تمنع تصدير السلاح الإيراني. معنى ذلك أن أي دولة تشتري مسيّرات إيرانية، من المتوقع أن تتعرض لعقوبات من الولايات المتحدة وأوروبا، وربما من الأمم المتحدة. وعلى ما يبدو، الدول تحجم عن شراء المسيّرات الإيرانية، خوفاً من العقوبات، بينما تحصل تنظيمات "إرهابية" ترعاها إيران، مثل الحوثيين وحزب الله، على مسيّرات إيرانية. ونسمع في الأخبار عن هجمات منسوبة إلى إسرائيل في سورية، جزء منها موجّه ضد مخازن المسيّرات الإيرانية.
- على الرغم من ذلك، فإن احتمال أن تكون إيران أنتجت ما يزيد عن 600 مسيّرة هجومية مخصصة لحزب الله والحوثيين ليس كبيراً. وإذا افترضنا أن هذا الكلام صحيح، يكون المخزون الذين تزود به الروس مأخوذاً من مخزون إيران، أو حزب الله. وفي الحالتين، فإن هذا المخزون من المسيّرات كان مُعداً للاستخدام في الحرب ضد إسرائيل.
- علاوة على ذلك، وإذا كان التقرير من روسيا صحيحاً، فمعنى هذا أن إيران "تضحي" بعدة أعوام من إنتاج المسيّرات، من أجل استكمال الـ 1700 أو الـ 2000 مسيّرة التي طلبتها روسيا. ونظراً إلى أن الحرب الأوكرانية لن تنتهي قريباً، يخطط الروس للقتال عدة أشهر، ومن هنا المقصود إنتاج إيراني خلال المدى الزمني المباشر. بكلمات أُخرى، خطوط إنتاج المسيّرات الهجومية في إيران ستكون مشغولة بالطلب الروسي.
- ما هو عدد المسيّرات التي تقدر إيران على إنتاجها شهرياً؟ السؤال مفتوح، هل هو 60 مسيّرة، بمعدل مسيّرتين في اليوم؟ من أجل إنتاج 1000 مسيّرة، المطلوب عام ونصف العام من العمل من دون توقف، وعلى الرغم من ذلك، فإن المطلوب فترة زمنية لا تقلّ عن عامين.
- ثمة خيار آخر، هو نقل المعرفة إلى الروس وإقامة بنية تحتية للإنتاج في روسيا. مثلما فعلت إسرائيل مع روسيا في الماضي. حتى في مثل هذه الحال، المقصود هو عدة أعوام من العمل كي يتمكن الروس من امتلاك المعرفة التقنية وإعداد سلاسل التزود بكل المواد والآلات والمحركات. وروسيا مثل إيران، تخضع لعقوبات قاسية منذ غزوها أوكرانيا. ومؤخراً ظهر تقدير للإدارة الأميركية يقول إنه من دون الرقائق [ships] الأميركية، فإن روسيا غير قادرة على إنتاج صواريخ كروز.
لا يتوقعون هجوماً إسرائيلياً
- إذا صدّقنا الادعاء أن المسيّرات التي تتزود بها روسيا تأتي من المخزون المخصص لإيران وحزب الله، فمعنى هذا أن الاستخبارات الإيرانية لا تتوقع هجوماً إسرائيلياً ضد منشآتها النووية في إيران. ولو كانت تتوقع مثل ذلك لما خفضت مخزونها من السلاح كي تبقى مستعدة.
- قد يدّعي البعض أن اتفاق شراء المسيّرات وُقّع بين إيران وروسيا قبل غزو أوكرانيا. في مثل هذه الحال، أنتجت إيران فائضاً من المسيّرات لعِلمها بأن روسيا ستشتريه. عندما نفحص الجدول الزمني للحرب في أوكرانيا، يظهر لنا أن العقيدة العسكرية الروسية كانت توجيه ضربة خاطفة واحتلال كييف خلال أسبوع. لكنها فشلت، الروس تخلوا عن كييف، وهم يركزون على جنوب شرق أوكرانيا، وبدأوا بتغيير استراتيجيتهم نحو قتال طويل.
- معنى هذا أن الروس في بداية الحرب فكروا في ضربة عسكرية خاطفة. قتال قصير يعتمد على القوة العسكرية الروسية الموجودة. بيْد أن الحاجة إلى مسيّرات أجنبية برزت لاحقاً خلال الحرب. في تموز/يوليو الماضي، زار بوتين طهران، وبحسب التقديرات، سمحت هذه الزيارة بشراء المسيّرات الإيرانية من أجل الجبهة الأوكرانية. للتذكير، كان بوتين قد طلب ذلك في البداية من تركيا، لكنها رفضت، فتوجه نحو طهران.
- يدل بيع المسيّرات الإيرانية لروسيا على أن إيران لا تعتقد أنها ستدخل في حرب ضد إسرائيل. وبصورة أو بأُخرى، فإن التقدير في إيران لا يتوقع هجوماً إسرائيلياً قريباً.