تجاهل إسرائيل لمواقف اليمين الأوروبي المعادية للسامية مقابل سكوته على الاحتلال الإسرائيلي
تاريخ المقال
المصدر
- الفوز المذهل لزعيمة اليمين المتطرف في إيطاليا جورجيا ميلوني في الانتخابات يوم الأحد، كان متوقعاً. وعلى الرغم من ذلك، فإنه يقلق الكثيرين الذين يتخوفون من التوجه الذي ستسلكه إيطاليا الآن. ميلوني تعارض اللاجئين بشدة؛ وهي ضد الإسلام؛ وضد المثليين؛ وضد مطالب الاتحاد الأوروبي. الحزب الذي تتزعمه "أخوة إيطاليا" يسير على طريق الحزب الفاشي الإيطالي. مَن سبقها في زعامة الحزب، إيغناسيو لا روسا، صرّح مؤخراً - "كلنا ورثة الدوتشي" (موسوليني).
- رمزياً، يجيء الفوز الأول لحزب يميني متطرف في إيطاليا منذ الحرب العالمية الثانية، بعد مرور مئة عام على "المسيرة إلى روما"، التي جرت في تشرين الأول/أكتوبر 1922، حين سيطر أعضاء "القمصان السود" - أتباع موسوليني، على العاصمة، وهو ما أدى إلى تعيين بينيتو موسوليني - الدوتشي، الذي كان زعيم الحزب الفاشي حينها، في منصب رئيس الحكومة.
- مَن سارع إلى تهنئة ميلوني بفوزها كان رئيس حكومة هنغاريا الشعبوي فيكتور أوربان، وزعيمة اليمين المتطرف في فرنسا ماري لوبان (التي سجلت هي الأُخرى إنجازاً مقلقاً في الانتخابات الفرنسية)، ورئيس حكومة بولندا ماتيوش مورافيتسكي، الذي تحاول حكومته إعادة كتابة دور البولنديين في محرقة اليهود خلال الحرب العالمية الثانية.
- ومع نهاية العيد، انضمت وزيرة الداخلية الإسرائيلية أييلت شاكيد إلى المهنئين. وقفت أمام الكاميرا وسجلت التهنئة وأضافتها إلى حسابها في "تويتر" وكتبت بالعبرية والإنكليزية: تهانيّ الحارة لجورجيا ميلوني على الفوز. اليمين فاز في إيطاليا، وسيفوز أيضاً في إسرائيل. نعم، تستطيع النساء القيام بكل شيء، ومن ضمنه قيادة دولة." وفي هذه التهنئة، لا تمثل أييلت شاكيد الحكومة التي تشغل منصب عضو فيها، إنما تستمر في محاولاتها لاستمالة اليمين الإسرائيلي الذي شكّل تحالفاً إشكالياً جداً مع اليمين المتطرف في أوروبا.
- فيكتور أوربان الهنغاري الذي يرى في ميلوني حليفة "شركاء في التحديات التي تعصف بأوروبا"، هو أيضاً صديق مقرب من زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو. فحين كان رئيساً للحكومة، تحالف نتنياهو معه، في مقابل تجاهُل حكومة إسرائيل للعداء للسامية للرئيس أوربان في هنغاريا، يتجاهل أوربان الاحتلال الإسرائيلي في الضفة، ويمنع الإجماع المطلوب داخل الاتحاد الأوروبي لتمرير قرارات من شأنها أن تضرّ بإسرائيل، بسبب الاحتلال والتمييز ضد الفلسطينيين.
- نذكر أن أوربان خطب قبل شهر ضد "الاختلاط بين الأعراق الأوروبية وبين أعراق أُخرى." واستقالت مستشارة لديه مباشرةً بعد خطابه، وقالت إن "ما قاله يُخجل جوزيف غوبلز، وزير الدعاية النازية."
- اليمين الإسرائيلي الذي لا يتردد في استعمال ذكرى المحرقة، بهدف إبعاد أي انتقاد لسياساته، اختار التكاتف مع الذين يكملون درب مَن أدت أقوالهم إلى الأمور الكارثية هذه. المقايضة واضحة: نحن نتجاهل كراهية الأجانب والعداء للسامية الخاصة بكم. وأنتم، في المقابل، تتجاهلون الاحتلال وتسمحون لنا بالاستمرار في السياسة العنصرية تجاه الفلسطينيين، فأغلبيتهم من المسلمين الذين تكرهونهم.
- جورجيا ميلوني، التي يبدو أنها ستكون المرأة الأولى التي ستتولى رئاسة إيطاليا، تحاول أن تتبرأ من ماضيها الفاشي وماضي الحزب الذي تتزعمه. بحسب قولها، إن الدعم غير المشروط لإسرائيل هو جزء من الخطوات لإبعاد الرائحة الكريهة التاريخية. لكن ليس هناك ما يمكن أن يخفي الحقيقة الصارخة: الفاشيون في أوروبا لم يتحولوا إلى محبين لليهود؛ ببساطة، هم يكرهون المسلمين أكثر.