مبادرة السلام العربية إشكالية، لكنها تنطوي على إمكانات
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

  • تقدير الكثيرين في إسرائيل أن المطالب التي قُدمت في مبادرة السلام العربية [خلال القمة العربية التي عُقدت في بيروت في سنة 2002] كشرط لتطبيع العلاقات مع إسرائيل لم تعد صالحة، يتضح أنه غير صحيح. فالسعودية، الدولة العربية المسلمة التي لم توقّع اتفاقاً مع إسرائيل، تشدد على التزامها بالمبادرة، تحديداً منذ توقيع اتفاقات أبراهام، وتربط بينها وبين تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
  • السعودية التي كانت وراء المبادرة الأصلية، تطالب الآن بنفض الغبار عن الفكرة، وذلك كصيغة منافِسة لاتفاقات أبراهام من أجل السلام بين إسرائيل والعالم العربي. فما هي دوافع السعوديين؟ من المحتمل أن يكون الدافع انعكاساً لتراجُع التأييد الشعبي في الخليج لاتفاقات أبراهام في السنة الأخيرة، ومحاولة لمواجهة الانتقادات في الشارع العربي حيال المملكة، لأنها دعمت هذه الاتفاقات من الخارج، وبصورة غير مباشرة.
  • محاولات السعودية الدفع قدماً بالمبادرة، لها علاقة أيضاً برغبة المملكة في احتلال موقع الزعامة في العالم العربي، ورغبة ولي العهد والحاكم الفعلي محمد بن سلمان في تحصين مكانته في داخل المملكة، وفي الساحتين الإقليمية والدولية، والتعامل معه كلاعب براغماتي وإيجابي.
  • مبادرة السلام العربية، عملياً، هي صيغة تشمل الخطوط المبدئية للمفاوضات بشأن الحل الدائم. وهي تترك مجالاً للمناورة لمفاهيم مختلفة وحلول عملية. وعلى سبيل المثال، هي ترى أن حل "مشكلة اللاجئين الفلسطينيين" يجب أن يكون "متفقاً عليه". مثال آخر هو عدم وجود المطالبة بإخلاء كل المستوطنات، والهدف من ذلك الإبقاء على هامش من المرونة بشأن الترتيبات التي تتعلق بالكتل الاستيطانية المتاخمة لإسرائيل.
  • موقف إسرائيل من المبادرة العربية للسلام كان ولا يزال متحفظاً. فالمقصود وثيقة إشكالية بالأساس في موضوع اللاجئين (التي تعتمد على قرار الأمم المتحدة 194، وترفض حل تجنيس اللاجئين في الدول المضيفة لهم). لكن إعلان إسرائيل من جديد أنها تعتبر مبادرة السلام العربية أساساً لاستئناف المفاوضات، بالإضافة إلى أنه يُظهر الاستعداد لتعزيز مكانة السلطة الفلسطينية المتدهورة واستئناف العملية السياسية معها، يشكل اختراقاً للحائط المسدود الذي يواجهه النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي.
  • بالنسبة إلى إسرائيل، هناك أهمية لإجراء حوار مع لاعبين براغماتيين مثل السعودية، ومحاولة التوصل معها إلى صيغة متفَّق عليها للمبادرة. وبذلك تحصل إسرائيل على نقاط لدى أهم دولة في العالم العربي، وعلى شرعية لدى الرأي العام، من أجل المزيد من الانفتاح حيال إسرائيل.
  • في ضوء تراجُع التأييد لاتفاقات أبراهام في العالم العربي، يتعين على إسرائيل فحص النموذج العربي للسلام، ما إذا كان لا يزال له دلالة في الظروف الإقليمية والدولية الحالية. ومن أجل تعزيز عملية التطبيع، يجب التفكير في حلول أُخرى.
  • بعد مرور عقدين على إعلان المبادرة العربية، وعامين على توقيع اتفاقات أبراهام، لا تزال مبادرة السلام العربية ذات دلالة. لا تستطيع إسرائيل القبول بها كما هي، لكن السعوديين أوضحوا أن المقصود هو أساس للمفاوضات. لا تزال المبادرة العربية للسلام تنطوي على إمكانية، بالنسبة إلى إسرائيل، التي يتعين عليها فحصها من جديد كمنطلق لنقاش، تُقدم في إطاره تحفظاتها ومطالبها.