عن تدخُّل أبو مازن في الانتخابات الإسرائيلية
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • في أعقاب تقرير الصحافي محمد مجادلة بشأن اجتماع سرّي عقده رئيس الاستخبارات الفلسطينية مع أعضاء في القائمة المشتركة، وصل خبر الرسالة التي أرسلها الشاباك إلى أبو مازن بألّا يتدخل في الانتخابات في إسرائيل. وسارع مرشحون من قوائم اليمين إلى المطالبة بتحقيق للشرطة، بينما انقض آخرون بشدة على أبو مازن وأعضاء القائمة المشتركة، عبر وسائل الإعلام المحافظة، وعلى شبكات التواصل الاجتماعي. وبسرعة كبيرة، احتلت القضية العناوين الأولى، من دون أن يعترض أحد على رفض تدخُّل السلطة الفلسطينية في الانتخابات. لماذا فعلاً؟
  • في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر، في إمكان ملايين المواطنين الإسرائيليين ممن يحق لهم الاقتراع - يهوداً وعرباً - التصويت في الانتخابات. وهذا الاقتراع سيحدد بصورة كاملة مصير 4.5 ملايين فلسطيني لا يحق لهم الاقتراع، والذين يعيشون منذ 50 عاماً تحت حكم عسكري ومنظومة لا نهاية لها من أوامر عسكرية وإدارية، وهم عموماً محرومون من حقوقهم الأساسية، ومن حقوقهم السياسية بصورة خاصة- وليس لديهم أي إمكانية أو قناة يمكن التأثير عبرها في مصيرهم، ولو قليلاً.
  • أليس هذا مزعجاً؟ أليست مزعجة حقيقة أن ملايين الفلسطينيين لا يستطيعون التأثير في نهب أراضيهم؟ ولا يستطيعون التأثير في تضييع الوقت على المعابر الكثيرة؟ أو متى، وهل في إمكانهم الذهاب إلى عملهم؟ ولا يستطيعون التأثير في مخطط جدار الفصل، وفي العمل في أراضيهم التي عمل فيها آباؤهم وأجدادهم وأجداد أجدادهم؟
  • أليس من المزعج أنهم لا يستطيعون التأثير في مصير أولادهم، ولا في توفير حياة طبيعية لهم؟ أليس مزعجاً أنهم لا يستطيعون الانتقال من منازلهم والزواج بمن يحبونه أو يريدونه، ولا التخطيط لمهنة أو اتخاذ قرار بالتعلم في الخارج، ولا يمكنهم التخطيط لوقتهم؟ ألا يستغرب أحد أنهم لا يستطيعون بناء أو توسيع منزل العائلة، ويجب عليهم تسجيل مواليدهم في سجل السكان الإسرائيليين؟
  • لا يملك الفلسطينيون أي تأثير في حياتهم وفي الأمور الوطنية والسياسية الكبرى، وحتى في أمورهم الصغيرة والأكثر حميمية. وهذا يجري منذ أكثر من نصف قرن.
  • في معركة انتخابية تلو الأُخرى يُحدَّد مصير ملايين الفلسطينيين من خلال الناخبين في إسرائيل. نواب الجمهور في البلد، والجيش، هم الذين يقررون متى تصادَر أراضيهم، وأين سيجري بناء المستوطنات، وبأي وتيرة، وأين ستوضع الحواجز، ومَن سيتأخر عن العمل، وأين سيُبنى جدار الفصل، ومَن يُرسَل إلى الاعتقال الإداري، ولأي مدة من الزمن. هم يقررون متى ستدخل وحدة عسكرية إلى المنازل تحت جنح الظلام وتثير الذعر لدى الأولاد، وما هو عدد الفلسطينيين الذين يحق لهم العمل في إسرائيل من أجل إعالة عائلاتهم، ومَن يستطيع الزواج بمن، وأين يسكن.
  • هل يحدث هذا لأن الإسرائيلي العادي - عذراً على التعميم - لا يعلم بهذا الوضع. ولا يسمع الإسرائيليون عن الفلسطينيين إلا في مناسبات قليلة، عموماً عند وقوع هجوم عنيف. في الأيام العادية، ليس لدى الجمهور الإسرائيلي أي فكرة عن حياة فلسطينية تسكن مثلاً في رام الله وتعمل في بيت لحم (أو العكس). ليس لدى الجمهور الإسرائيلي أي فكرة عن المزارع الفلسطيني الذي تملك عائلته حقولاً زراعية، لكن دولة إسرائيل قررت، بخطوة أحادية الجانب ومن دون استشارته، مصادرتها وتدمير جزء منها تلبية لحاجاتها، أو بناء جدار، أو بوابة تمنعه من العبور للعمل في أرضه. وسائل الإعلام فعلاً لا تهتم، وكذلك أغلبية ممثلي الجمهور الإسرائيلي.
  • في هذه الحال، لماذا لا يحاول الممثلون الشرعيون للفلسطينيين التأثير في الانتخابات الإسرائيلية؟ إذا كان لدى الفلسطينيين قدرة، ولو ضئيلة وسلبية، على محاولة التأثير في مصيرهم، لماذا لا يفعلون ذلك؟ لأن الشاباك حذّر من ذلك؟ أم لأن أعضاء الكنيست المستقبليين في أحزاب اليمين يطالبون بتحقيق الشرطة؟
  • على العكس، من المستحسن أن يحاول الممثلون الشرعيون للفلسطينيين، بأي طريقة وبأي وسيلة ممكنة طالما أنها غير عنيفة، التأثير والتدخل وإظهار وجودهم، وأن يحمّلوا عبء المسؤولية للجمهور الإسرائيلي الذي لديه حق الاقتراع. فاقتراعنا هنا في دولة ديمقراطية، ومع صحف حرة وحقوق سياسية وحرية تعبير، هو الذي يقرر مصير الملايين المحرومين من حقوقهم.