إضراب الأونروا هو فرصة لإغلاقها
تاريخ المقال
المصدر
- بضعة آلاف من الموظفين في الأونروا في الضفة الغربية مضربون منذ أكثر من 3 أشهر، احتجاجاً على عدم قبض رواتبهم. كميات النفايات المتراكمة في مخيمات اللاجئين تدل جيداً على الضائقة المالية للمنظمة، وتذكّر ليس فقط بعدم قيام المنظمة بمهماتها اليومية، بل أيضاً بشيء أكثر جوهرية، وهو أن استمرار وجود الوكالة يشكل تهديداً للأمن القومي لدولة إسرائيل.
- وكالة الأونروا منظمة تلتزم المطالبة الفلسطينية بعودة اللاجئين. وهي تحظى بدعم دولي وأممي، لكنها في جوهرها وهيكليتها وأهدافها وعشرات الآلاف من موظفيها –منظمة فلسطينية معادية لإسرائيل. وهي تنجح في إخفاء هويتها السياسية تحت غطاء إنساني يطمس حقيقة أن الفلسطينيين لم يتراجعوا قط عن مطالبتهم بالعودة الكاملة إلى فلسطين والقضاء على السيادة الإسرائيلية في البلد.
- على الرغم من ذلك، فإن إسرائيل تقبل منطقاً إشكالياً وساذجاً، مفاده أن من الأفضل الاستمرار في دعم الأونروا من أجل الحصول على الهدوء في المناطق، انطلاقاً من الاعتقاد أن الوكالة أفضل من "حماس"، أو تنظيمات فلسطينية متطرفة أُخرى. هذه النظرية تمنح الأونروا نوعاً من قبة حديدية دبلوماسية في مواجهة أي محاولة للمسّ بها، أو تغييرها. هذه الحماية مهمة، وخصوصاً أن الأونروا ليس لديها ميزانية جارية، بل تعتمد في نشاطاتها على المساعدات التي تقدمها الدول.
- هذا الوضع يجب أن يتوقف عبر الوقف التدريجي لنشاط الأونروا من خلال تلبية حاجات المؤسسة الأمنية والمخاوف من نشوب ثورة اجتماعية وتدهور أمني، ورغبة المجتمع الدولي في الاستمرار في مساعدة الفلسطينيين. التغيير المطلوب هو تفريق البعد السياسي عن البعد الخدماتي الإغاثي. يجب على إسرائيل ألّا تعارض المساعدة الاقتصادية التي يقدمها المجتمع الدولي للمجتمع الفلسطيني، لكن عليها أن تقف ضد الربط بين مساعدات الإغاثة هذه وبين موقف سياسي وهمي، والدعم المطلق للعودة الفلسطينية. يجب أن نسمح للمجتمع الدولي بالاستمرار في مساعدة الفلسطينيين، ليس من خلال الأونروا التي قد ينقل إغلاقها، بوضوح، رسالة مفادها بأن دولة إسرائيل موجودة هنا وستبقى، وآن الأوان للاتفاق معها، وليس للقضاء عليها.
- يجب أن تبدأ هذه العملية بمنظومة التعليم في الأونروا في الضفة الغربية. بدلاً من ذهاب التلامذة الفلسطينيين إلى مدارس الوكالة، ومن أن يقبض المعلمون رواتبهم منها، يجري توجيه هؤلاء التلامذة إلى مدارس السلطة الفلسطينية. المباني تبقى هي نفسها، وكذلك تبقى الصفوف والمعلمون. وتأثير ذلك في حياة الفلسطينيين ضئيل للغاية. وهذا الوضع سيجعل من السهل على المؤسسة الأمنية دعم الأمر، لأن خطر حدوث تدهور اجتماعي وأمني سيكون ضئيلاً جداً.
- إسرائيل ستطلب من الدول المانحة تحويل الجزء المخصص من مساعداتهم للجهاز التعليمي إلى السلطة الفلسطينية، بدلاً من الأونروا. وليس لدى أغلبية الدول المانحة مشكلة في ذلك، باستثناء الولايات المتحدة، التي وفقاً لقانون تايلور فورس، لا تحول الأموال مباشرة إلى السلطة الفلسطينية، ويمكن إيجاد حلول لذلك من خلال وكالات إغاثة أُخرى في الضفة الغربية (مثل USAID، أو اليونسيف). لاحقاً، يمكن إيجاد حلول ملائمة لكل منطقة أُخرى في الشرق الأوسط، التي تعمل فيها الأونروا، بحسب الحاجات الخاصة بكل منطقة والوضع فيها: في قطاع غزة، والأردن، ولبنان، وسورية.
- يمكننا الافتراض أن الفلسطينيين سيعارضون هذه الخطوات، لأن هذا الأمر سيجبرهم على القول بالفم الملآن أنهم يجدون علاقة مباشرة بين الوكالة وبين تحقيق مطلبهم بالعودة. وهذا الوضع سيضعهم في موقع غير مريح، لأنهم حتى الآن، نجحوا في تحميل الجانب الإسرائيلي تهمة استمرار النزاع.
- الإغلاق التدريجي للأونروا سيركز الانتباه على حقيقة أن الصراع بيننا وبين الفلسطينيين يدور حول جوهر وجود دولة إسرائيل، وليس على الانسحاب من المناطق. وهذا الفهم سيخفف من حدة الصراع السياسي في هذا الشأن على الساحة الدولية، وسيساعد على تماسُك المجتمع الإسرائيلي المنقسم إزاء حجم مسؤوليته عن استمرار النزاع. وفي المدى البعيد، إغلاق الأونروا يمكن أن يثير أصواتاً داخل المجتمع الفلسطيني تقوّض أسطورة العودة، وتبدأ بالتفكير في علاقات سلمية والعيش إلى جانب دولة إسرائيل، بدلاً من العيش مكانها.