وحش الإجرام نما عن حُسن نية
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

– الموقع الالكتروني
المؤلف
  • إذاً، الحكومة هي المسؤولة عن العنف في المجتمع العربي؟ هل يمكن أن يكون بنيامين نتنياهو؟ الجواب هو - نعم ولا. بما معناه، الجواب معقد أكثر بكثير من انعكاسه في النقاش السياسي الذي لا يكون موضوعياً دائماً. وهذه محاولة لتفسير جذور المشكلة.
  • العنف في الشارع العربي ليس جديداً. فحص المعطيات، وضمنها تلك التي نشرها هنا الصحافي حسن شعلان في نهاية الأسبوع، يشير إلى أن حالات القتل ارتفعت بصورة كبيرة، وهي متواصلة على مدار أكثر من عشرة أعوام، مقارنةً بالمجتمع اليهودي. لكن بالتأكيد يمكن الإشارة إلى نقطة سجلت تفاقماً كبيراً في هذا التوجه: في سنة 2015، ماذا جرى حينها؟ تبنّت حكومات إسرائيل نهجاً جديداً للتعامل مع المجتمع العربي: "الاندماج الاقتصادي"؛ جذور هذه النظرية كانت موجودة منذ أيام حكومة أولمرت، لكنها تطورت كثيراً خلال حكومات نتنياهو.
  • يستند هذا النهج إلى فكرة صهيونية قديمة بشأن السلام الاقتصادي، عززها اليمين، ووصلت إلى ذروتها خلال الأعوام العشرة الأخيرة. وفي أساسها الرؤية بشأن تحسين الوضع الاقتصادي في المجتمع العربي ودمجه بالكامل في الاقتصاد "اليهودي". الحديث كان يدور عن رؤية جديدة ترى في العرب جهة تساهم في رفع الناتج القومي، وهو ما يستوجب تقليص الفوارق، وتطوير التعليم العالي، والدفع بالشباب إلى سوق التكنولوجيا العالية الدقة، وتعزيز تشغيل النساء - وهذا كله من أجل تقليص اعتماد المجتمع على الدولة، والسماح له بأن يكون جزءاً من محركات النمو الاقتصادي.
  • انعكس هذا التوجه في القرار الحكومي التاريخي رقم 922، في أواخر سنة 2015، الذي شمل ضخّ 15 مليار شيكل للمجتمع العربي. التوجه استمر، ووصل إلى الذروة خلال ولاية حكومة بينت - لبيد والخطوة السياسية التي قام بها منصور عباس. حكومة نتنياهو الحالية أيضاً رأت أنه يجب الاستمرار في السياسة نفسها، وهو ما انعكس في الميزانية الأخيرة المتعددة الأعوام. وفي الخلاصة، يمكن القول إنه خلال الأعوام الثمانية الأخيرة، موّلت الدولة المجتمع العربي بعشرات مليارات الشواكل من أجل التشغيل والبنى التحتية والتعليم، وغيرها.
  • سياسات الدمج الاقتصادي لم تهدف فقط إلى تقليص الفوارق واندماج العرب في الناتج القومي، بل أيضاً كانت تهدف إلى تقليص الهوية القومية. أي إذا شئتم، يمكن القول إنها كانت الاقتصاد في مقابل الأيديولوجيا. هذا هو جوهر السلام الاقتصادي الذي تحول إلى نموذج يوجه نشاطات إسرائيل، ليس فقط إزاء الأقلية العربية في داخلها، بل أيضاً في علاقاتها مع الشرق الأوسط عموماً.
  • إلا إن محاولة الدمج الاقتصادي وضخّ الأموال الكبيرة خلقا مراكز رأس مال داخل البلدات العربية، وهو ما استقطب تنظيمات الجريمة التي طالبت - ونجحت في مرات كثيرة - بالسيطرة على هذه الأموال، عبر المناقصات والتهديدات والابتزاز. وفي المقابل، على المستوى الاجتماعي، أو "العائلي"، فإن الحداثة وتعزيز دخول النساء في سوق العمل أدّيا إلى استفزاز الجهات المحافظة والتقليدية التي لم تقبل هذه الظاهرة الجديدة. وعملياً، هذه هي الخلفية وراء ارتفاع نسبة الجريمة في المجتمع العربي: فائض ميزانيات أدى إلى ازدهار الإجرام المنظم من جهة، ومعارضة الحداثة التي أدت إلى ظاهرة قتل النساء.
  • في الخلاصة، الأعراض الجانبية للدمج الاقتصادي ادت إلى تعزيز العنف، ومنذ سنة 2015، يمكن ملاحظة الارتفاع المتواصل في أعداد القتلى. وباستثناء النصف الأول من سنة 2022، الصورة لم تتغير.
  • هذا هو التشخيص. هل يغيّر في العلاج؟ طبعاً لا. لا يُعقل وقف الميزانيات للمجتمع العربي، أو الخطوات لتقليص الفوارق، لكن على الدولة أن تفهم أن شرط نجاح سياسات الدمج الاقتصادي هو معالجة الأضرار الجانبية الخاصة بها، وهو ما يتطلب خطة استراتيجية قومية تكون عبارة عن ردّ أمني، وأيضاً اجتماعي: منظومة رقابة على ميزانيات الدولة، ودمج "الشاباك" في معالجة التنظيمات الإجرامية، وحملات جمع السلاح، وإقامة "حرس قومي"، بالإضافة إلى تجنيد القيادة العربية السياسية والمحلية، والدفع بخطط تعليمية في المدارس وغيرها.
  • هذا المسار سيكون طويلاً جداً، ويرتبط نجاحه ببناء منظومة وطنية متكاملة. لذلك، هناك حاجة إلى تعيين مسؤول قومي يعمل على التنسيق مع إدارة كافة الجهات السياسية المطلوب مشاركتها. من الواضح للجميع أن الشرطة لا تستطيع وحدها قيادة خطوة كهذه.
  •  
  •  

القتلى العرب في إسرائيل بحسب السنوات

نسبة القتلى العرب مقارنةً باليهود

 

 

المزيد ضمن العدد