بحمايتهم الاحتجاج يدمرون الديمقراطية
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • منذ أكثر من نصف عام، الدولة كلها مشغولة تقريباً بموضوع واحد الانقلاب القضائي-ومئات الآلاف من الإسرائيليين المسلحين بأعلام إسرائيل يخرجون أسبوعياً إلى الشوارع، وهم مقتنعون بأنهم يناضلون من أجل الديمقراطية الإسرائيلية. بينما يثبت الواقع أنهم مخطئون، وتحديداً، بحماية هذه التظاهرات، تجري تغييرات دراماتيكية غير ديمقراطية. وبهدوء ليس من طبيعة الحكومة الحالية، نراها تؤثر في المكان الأكثر أهمية بالنسبة إلينا جميعاً، على مسافة 20 دقيقة من تل أبيب، وراء الخط الأخضر.  المناطق المحتلة.
  • أحلام المستوطنين الوردية تتحقق اليوم بواسطة الوزير في وزارة الدفاع بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن "القومي" إيتمار بن غفير، ووزيرة المستوطنات و"المهمات القومية" أوريت ستروك، وأعضاء آخرين في الحكومة والائتلاف، ومستوطنين، وآخرين. القرار الذي اتُّخذ هذا الأسبوع بتسريع المعاملات الإدارية لرخص البناء هو بمثابة حبة الكرز على قالب الحلوى. لا مجال لتعداد وتفصيل كل ما جرى في المناطق في الفترة الأخيرة (مَن يريد توسيع معلوماته ومعرفة ما تختار وسائل الإعلام الرسمية عدم التحدث عنه، فإنه مدعو إلى إغناء معلوماته ومتابعة ما تنشره حركات، مثل "النظر في عيون الاحتلال"، "لنكسر الصمت"، أو "السلام الآن")، في هذه الأثناء، نوصي بتوجيه الضوء إلى بعض الأحداث التي يمكن أن تشهد على كل ما يجري.
  • تتحدث منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان في البلد وفي العالم عن الارتفاع الكبير في عنف المستوطنين تجاه الفلسطينيين. المذبحة في حوارة، وأحداث الأمس (يوم الأربعاء) في قرى ترمسعيا [محافظة رام الله] واللبن الشرقية [محافظة نابلس]، التي جرى الحديث عنها وتركت أصداء عالمية، هي فقط غيض من فيض. والمقصود ليس مخاوف، بل حقائق. يوماً بعد يوم، تزداد التقارير بشأن سوء المعاملة والعنف إزاء الفلسطينيين في شتى أنحاء الضفة الغربية. الجزء الأكبر من هذه التقارير لا يحظى باهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية، لأنها فعلاً لا يهمها ذلك. الإسرائيلي العادي لا يهتم بفلسطيني تلقى ضربات، أو جرى تخريب سيارته، أو أراضيه.
  • السيد في الأراضي [المحتلة] هو الجيش، وعليه تقع المسؤولية، لكن عنف المستوطنين حيال الفلسطينيين يحظى، في أبسط الأحوال، بالتجاهل، وفي أسوأ الأحوال، بالدعم من الجنود والقادة. شهادات الجنود بشأن مذبحة حوارة (التي بثتها شبكة السي أن أن في تقرير لها، ولم تهتم وسائل الإعلام الإسرائيلية بذلك) تشير إلى أن الجيش كان قادراً على منع المشاهد المرعبة لو أراد ذلك.
  • كما يشعر الناشطون في الدفاع عن حقوق الإنسان بتغيير دراماتيكي في علاقة الجنود الإسرائيليين بهم. فعنف الجنود تجاه إسرائيليين-الذي كان من المحرمات-أصبح في الأشهر الأخيرة أمراً طبيعياً. منذ عدة سنوات، أتجول في المناطق، وللمرة الأولى، تلقيت ضربات من الجنود كجزء من محاولة منعي ومنع مئات الإسرائيليين الآخرين من التعبير عن تضامنهم مع سكان حوارة. ومن خلال الحديث مع ناشطين آخرين، تبين أن التغيير في المعاملة ظاهر في كل نقاط الاحتكاك.
  • علاوةً على ذلك، هناك ارتفاع دراماتيكي في عدد الحوادث التي يتدخل فيها الجيش في التجمعات السكانية الفلسطينية، والتي تنتهي، غالباً، بموت أبرياء. هذا الأسبوع، في حادثة جنين، قُتل أحمد يوسف صقر (15 عاماً)، قبل أسبوعين، قُتل محمد التميمي، البالغ من العمر عامين ونصف برصاص الجيش الإسرائيلي. وهناك مقتل الصحافية الكبيرة شيرين أبو عاقلة قبل عام، والذي لم يُنسَ قط. معظم هذه الأسماء لا يعرفها الإسرائيلي العادي.
  • وقبل كل شيء، هناك سياسات قررتها حكومة يسيطر عليها مستوطنون متطرفون. سموتريتش، كونه وزيراً للمال، هو مسؤول عن عشرات الملايين من الشيكلات التي تحوَّل من جيوبنا وباسمنا من أجل تعميق الاحتلال وتعزيزه. في المقابل، جرى إلغاء قانون الانفصال، الأمر الذي سمح بعودة الإسرائيليين إلى شمال الضفة، ولاسيما إلى مستوطنة حومش التي أُخليت في سنة 2005.
  • هذا النص ليس موجهاً إلى سموتريتش، أو ستروك، بل إلى الذين يتباهون بأنهم قادة الاحتجاج ضد الانقلاب القضائي. إصرارهم على تجاهُل السيطرة العسكرية على المناطق وعلاقة ذلك بالديمقراطية تجعل هذه التظاهرات سخيفة وبائسة. وبينما يحتفلون بنجاحهم في منع قوانين تُضعف المنظومة القضائية، يحتفل المستوطنون بالميزانيات الهائلة، وبالحقائق التي سجلوها على الأرض.
  • إن الذين لا يفهمون العلاقة بين انهيار الديمقراطية الإسرائيلية وبين احتلال المناطق، من المحتمل أن يدخلوا كتب التاريخ، لأنه بفضلهم تحول الأبارتهايد في المناطق إلى أمر لا رجعة عنه، مع كل المعاني السيئة التي يحملها لنا ذلك في المستقبل.
 

المزيد ضمن العدد