المحاولة الانقلابية كشفت عدم سيطرة بوتين
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

  • المحاولة الانقلابية التي شهدتها روسيا هي إحدى أصعب اللحظات التي مرت بها حرب بوتين ضد أوكرانيا، لأنها كشفت التوترات الكبيرة وتصاعُد العداوات والصراعات الهائلة على النفوذ، والتي تجري بين القيادة الروسية وبين قادة الجيش والمنظومة الأمنية الروسية.
  • كما يظهر أنه بالإضافة إلى كون هذه المحاولة خطوة دراماتيكية وغير مسبوقة من ناحية التوقيت والمفاجأة والسرعة التي جرت فيها في قلب روسيا، فإنها من وجهة نظر تاريخية، عملية متطرفة تم التخطيط لها وإعدادها بصورة جيدة، تجري للمرة الأولى منذ سنة 1905، ومنذ انهيار الاتحاد السوفياتي في سنة 1991. ولقد حدث هذا كله من دون سفك دماء، ومَن قام بها هو صديق وحليف بوتين: يفغني بريغوجين.
  • علاوةً على ذلك، عندما ننظر عن قُرب إلى ما قام به زعيم فرقة المرتزقة فاغنر، نرى أنه على الرغم من فشله الذريع في إطاحة الرئيس الروسي، فإن الانقلاب الذي قاده بريغوجين كشف ضُعف روسيا. والمقصود عملية قاسية لها تداعيات استراتيجية كبيرة - سياسية وعسكرية ورمزية أيضاً، تتخطى حجمها المباشر.
  • ويبدو منذ اليوم أنه على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها النخبة ووسائل الإعلام والجيش الروسي لطمس، أو إخفاء الحقائق، فإن محاولة الانقلاب العسكرية كشفت، علناً، ضُعف بوتين والتصدعات في المؤسسة السياسية والعسكرية والأمنية في روسيا، وعدم سيطرته على الدولة والجيش، وعلى آلة الحرب الروسية.
  • بريغوجين لم يؤذِ فقط كبرياء وكرامة ومكانة الرجل الذي يُعتبر الأكثر قوةً ودمويةً، والأخطر في روسيا، وفي السياسة العالمية، بل أيضاً الخطوة الاستفزازية التي قام بها كشفت حجم إدراك القيادة السياسية والعسكرية في موسكو بعكس الرأي الشائع في الغرب - أن غزو أوكرانيا كان كارثة روسية هائلة. بكلمات أُخرى، ما يجري هو أكثر اللحظات انحطاطاً في فترة حُكم بوتين الذي يعاني جرّاء أزمة حوكمة وزعامة وشرعية، وهي من أكبر الأزمات التي عرفتها روسيا منذ بداية حكمه في سنة 2000.
  • بناءً على ذلك، ليس من المستغرب أن يصف بوتين أفعال بريغوجين زعيم ميليشيات مجرمة، هي مجموعة فاغنر المتهمة بقتل آلاف الأبرياء - بالخيانة، وبأنه يشكل تهديداً للأمن الروسي.  وبريغوجين ليس فقط الخصم الأكثر شراسةً والبديل المحتمل من حُكم بوتين، بل إن إبعاده إلى بيلاروسيا هو محاولة لإنهاء الاضطرابات التي شهدتها روسيا خلال 24 ساعة. وعلاوةً على ذلك، فإن الغرض من هذه الخطوة هو ردع المتمردين والخصوم ومعارضي النظام الآخرين، بمن فيهم معارضو الحرب الروسية والمؤيدون لأوكرانيا.
  • ومن دون شك، إن المحاولة الانقلابية ترمز إلى "حشرة الاحتضار" لزعيم الكرملين الذي يمكن أن يخسر سيطرته، وأن يقوم بخطوات متطرفة يمكن أن تؤثر في مصير أوكرانيا والحرب في أوروبا.