تحدي "الإرهاب" بقي على حاله - جنين نموذجاً
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف
  • الأسبوع الماضي، عاد الجيش إلى مخيم جنين للاجئين، بعد 20 عاماً على سيطرته عليه في معركة دامية خلال حملة "السور الواقي" في نيسان/أبريل 2002.
  • قُتل في تلك المعركة 23 جندياً، وأصيب نحو 57، جروح بعضهم حرجة. التخوف من إلحاق الأذى بـ"المدنيين" دفع ثمنه الجنود الذين قاتلوا داخل المخيم، لكنه لم يوفر على إسرائيل الانتقادات الحادة التي وصلت إلى حدّ اتهام الجيش بتنفيذ مجزرة بحق سكان مخيم اللاجئين.
  • لم تؤدّ حملة السور الواقي إلى إنهاء "الإرهاب"، لكنها غيرت قواعد اللعبة بصورة جدية، إذ بدأت إسرائيل، في أعقاب هذه الحملة، تعمل أيضاً في داخل المناطق التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية، وهي مناطق لم تكن تقتحمها حتى الحملة. وبذلك، تم اختراق جدار الحصانة الذي سمح للتنظيمات "الإرهابية" بتحويل الضفة إلى حاضنة لـ"الإرهاب"، ومنها كانت تخرج العمليات "الانتحارية" القاتلة داخل إسرائيل.
  • خلال حملة "بيت وحديقة"، فقد الجيش أحد جنوده، الملازم دافيد يهودا يتسحاق، إلاّ إن قواتنا خرجت من جنين بعد تحقيقها إنجازات عملياتية أضعفت خلايا "الإرهاب" الفاعلة في المنطقة، وصعّبت عليها الاستمرار في تنفيذ عمليات. تفعيل القوات بشكل حذر ومحدود منع الإصابات في صفوف المدنيين، وهو ما منح الجيش حرية حركة مطلقة تقريباً، من دون ضغط وانتقادات في الساحة الدولية.
  • حتى أن العالم العربي بقي يشاهد ما يحدث واقفاً موقف المتفرج، وباستثناء بعض التصريحات والإدانات الموجهة إلى الخارج، بقيت علاقات إسرائيل مع الدول العربية مستقرة كما كانت عليه.
  • لكن السؤال هو ما الذي سيحدث في اليوم التالي؟ فـ"الإرهاب" يلبس صورة وينزع أُخرى، والعمليات "الانتحارية" التي كانت قبل حملة "السور الواقي" حلّت محلها اليوم هجمات فردية، أو عمليات إطلاق نار من الصعب منعها. الحملة الأسبوع الماضي، حملة "بيت وحديقة"، ستؤدي إلى هدوء محدود وموقت، لأن الحملة ذاتها والتحركات الدائمة للجيش في الضفة لديهما القدرة على نزع القدرات والأدوات من منفّذي العمليات، وكذلك القدرة على تفكيك بنى "الإرهاب" واغتيال مَن يوجّه العمليات، ولكن ليس لديهما القدرة على تجفيف مستنقع "الإرهاب"،أو إضعاف الدافع إلى إلحاق الأذى بنا.
  • العملية التي جرت خلال الحملة ذكّرتنا بهذا، حين قام منفّذ منفرد، من دون انتماء فصائلي، بتنفيذ عملية دهس في قلب تل أبيب.
  • نحن نشهد في الميدان أيضاً تراجُع السلطة الفلسطينية التي تواجه صعوبات في مجال السيادة في الضفة. أما بخصوص غزة، فقد تنازلت عنها منذ وقت طويل، ويبدو أن إسرائيل أيضاً تصالحت مع وجود "حماس" في غزة.
  • انهيار السلطة الفلسطينية سيدفع إسرائيل إلى تعميق عملها وسيطرتها الميدانية، وبذلك يمكن أن نجد أنفسنا أمام دائرة من الجولات القتالية والحملات العسكرية كل بضعة أسابيع، بالضبط كما هي حالنا إزاء غزة.
  • الحملات العسكرية كالأدوية المسكنة للآلام أو الضمادات - تُخفض درجة حرارة الجسد لوقت محدد، فيتراجع "الإرهاب"، لكنها لا تستطيع معالجة جذر المشكلة، حيث الجوهر سياسي: الضبابية الإسرائيلية إزاء كل ما يخص مستقبل الضفة ومستقبل سكانها.
  • هذه الضبابية تخلق واقعاً لا يُحتمل، إذ تتحول السلطة الفلسطينية، بالتدريج، إلى جثة تسير على قدمين، لا تملك أي قدرة تأثير في الميدان، في الوقت الذي تجلس إسرائيل جانباً.
  • وبصراحة، هذه الضبابية خدمت إسرائيل على مدار أعوام، وسمحت لها بمأسسة سيطرتها ميدانياً، من دون إغضاب الداخل الإسرائيلي والعالم العربي والساحة الدولية أيضاً. لكن، يبدو أن الوقت حان لإعادة بحث المنطق الكامن وراء الحفاظ على هذه الضبابية، وفي جميع الأحوال، الحكومة الحالية لا تخفي نياتها بشأن الدفع بالسلطة الفلسطينية إلى الانهيار وضم المناطق إلى دولة إسرائيل.
  • يبدو أن العالم أيضاً تصالح مع حقيقة موت حل الدولتين، وأن إسرائيل هي مَن سيسيطر ميدانياً. ومن المحتمل أيضاً أن يقبل الفلسطينيون الذين يعيشون في هذه المنطقة مثل هذا الوضع، حتى لو لم يكن بحماسة. إذاً، من الممكن أن يكون الدافع إلى الهدوء هو أن تتخذ إسرائيل قراراً واضحاً بشأن مستقبل المنطقة، وليس قرار شن حملة إضافية، مهما كانت ناجحة.
 

المزيد ضمن العدد