إيران وحزب الله: حظ موفق للطرفين
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- في طهران، وفي بيروت وغزة، يفرك أعداؤنا أيديهم بسرور غير خفي. هم يعتقدون أن حلمهم الذي لم ينجحوا في تحقيقه – إيذاء إسرائيل بصورة كبيرة والتسبب بانهيارها، يتحقق أمام أعينهم من دون أن يضطروا إلى تحريك أصبع.
- المشاهد والأصوات من إسرائيل تتحدث عن نفسها، ويمكن للمرء أن يفهم زعيم حزب الله حسن نصر الله الذي صرّح في الأسبوع الماضي حينما وصلت العاصفة في إسرائيل إلى ذروتها: "الإسرائيليون أنفسهم يعترفون بأن هذا اليوم هو أسوأ يوم في تاريخ الكيان الصهيوني، ومعنى ذلك أن إسرائيل، إن شاء الله، سائرة على طريق الانهيار والانقسام الداخلي والزوال."
- عندما يشعر نصر الله بالسرور، ومعه شركاؤه في طهران وغزة، يجب أن نشعر بالقلق. يتعين علينا ألّا يكون لدى أيّ منا أوهام حيال ما يريده نصر الله في الحقيقة، ومن المفيد أن نتذكر الكلام الذي قاله قبل عدة أعوام: "لا أريد القتال، ولا الدمار، ولا أريد أن أرمي أحداً في البحر، نقول للإسرائيليين بطريقة حضارية، عليكم الصعود إلى الطائرات والعودة إلى المكان الذي أتيتم منه. وحدهم اليهود الذين كانوا يعيشون في فلسطين (قبل مجيء الصهاينة) يمكنهم البقاء فيها. لكن الغزاة والمحتلين والمستوطنين الذين جاؤوا من كل أنحاء العالم، عليهم أن يغادروا."
- لقد سبق لنصر الله أن أخطأ في قراءة الخريطة، عندما شبّه إسرائيل بـ "بيت العنكبوت" في أيار/مايو 2000، بعد الانسحاب الإسرائيلي الأحادي من الجنوب اللبناني. لكن نصر الله، وأيضاً ياسر عرفات الذي استمع إليه، اكتشفا خلال الانتفاضة الثانية، وفي وقت لاحق، مع نشوب حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006] أن إسرائيل تُظهر تماسكاً وحصانة وقوة أكبر بكثير من توقعاتهما، أو تقديراتهما.
- ربما لهذا السبب اتُّخذ خلال الاستشارات التي أجرتها طهران مع بيروت وغزة - وفقاً لمصادر إيرانية – قرار عدم استغلال ضعف إسرائيل، بل تركها تغرق في مستنقع الخلافات الداخلية التي تتسرب إلى الجيش، وتُلحق ضرراً بكفاءته العملانية. انطلاقاً من التخوف من أن مواجهة يبادر إليها حزب الله، أو "حماس"، ستنقذ إسرائيل من نفسها، وستجبر الإسرائيليين على وضع الخلافات بينهم جانباً، وتوحيد قواهم في مواجهة العدو الخارجي.
- لكن لا يمكننا الاعتماد على حكمة نصر الله الذي عندما يرغب في التذكير بوجوده وتسجيل نقاط لدى "أسياده في طهران"، من الممكن أن يكرر أخطاء الماضي ويستفز إسرائيل، أو للمزيد من الدقة، يصعّد استفزازاته على طول الحدود الشمالية، على افتراض، وعلى أمل أن تحتوي إسرائيل تحركاته، وتمتنع من الانجرار إلى مواجهة. هذا ما يفكر فيه نصر الله والجهاد الإسلامي، وربما "حماس" أيضاً.
- من المثير للاهتمام أيضاً أن العالم يتابع، باهتمام ودهشة، ما يحدث في إسرائيل، لكن من دون آمال، ولا أوهام، كما لا يوجد أي إحساس بالفرح، أو بالانتصار. ففي نهاية الأمر، الأنظمة العربية التي وقّعت مع إسرائيل اتفاقات سلام، معنية بإسرائيل قوية قادرة على الإصغاء إلى مشكلاتها وحاجاتها الأمنية. علاوةً على ذلك، هذه الأنظمة لا تريد أن يأخذ الناس في الدول التي يسيطرون عليها أفكاراً لها علاقة بالاحتجاج، أو الثورة ضد السلطة. لكن لدى أعضاء "محور الشر" اهتمام مختلف تماماً.
- وقوع جولات مواجهة وأيام من القتال مع هؤلاء هي مسألة وقت، في هذه الأثناء، يجب المحافظة على الردع في مواجهتهم وتقويته. لذلك، من الأفضل أن تختار إسرائيل جبهة المواجهة والتوقيت الملائم لها، ولا تترك لنصر الله وشركائه، كالعادة، جرّها في كل مرة مجدداً نحو المواجهة في المكان والزمان اللذين لا ترغب فيهما. باختصار، حان الوقت لضرب نصر الله، ومن الأفضل في أقرب وقت.
- لكن هذه الأوقات ليست عادية في إسرائيل، ووفقاً لرأي هنري كيسنجر، يبدو أن إسرائيل لا تفتقر فقط إلى سياسة خارجية، بل أيضاً إلى سياسة أمنية، ومَن يقرر هي الاعتبارات السياسية الداخلية. سيبقى نصر الله يحتفل، وربما سيستغل الضعف الذي تُظهره إسرائيل اليوم أمام أعدائها، وفي نهاية الأمر، سيحصل على ما يستحقه. ومن المؤسف أننا سندفع ثمناً باهظاً لا ضرورة له في الطريق إلى هناك.