التطبيع مع السعودية سيدفعنا إلى دولة ثنائية القومية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • المقربون من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لديهم قناعة بأن الثمن الذي ستدفعه إسرائيل في مقابل التطبيع مع السعودية ضئيل جداً. "سنعِد مرة أُخرى بأننا لن نضم. إذا أراد المشتري شراء بضاعة بعناها سابقاً، فلا مشكلة لدينا." وللتذكير، فإن نتنياهو التزم عدم ضم مناطق من الضفة في مقابل التطبيع مع الإمارات. الآن، سيعِد مرة أُخرى. ففي جميع الأحوال، ادّعى نتنياهو بعد الاتفاق أنه لم يتنازل عن الضم، وإنه التزم فقط "تأجيله". سيقوم بتأجيله مرة أُخرى.
  • نووي مدني في السعودية؟ نتنياهو والمقربون منه يدّعون أن هذا يحتاج إلى سنوات كثيرة، وسيخضع لرقابة، وأنهم غير جدّيين. من الغريب سماع ذلك ممن حذّر، المرة تلو الأُخرى، من أن إحدى النتائج الصعبة للنووي الإيراني ستكون سباق تسلُّح في الشرق الأوسط، ستطلب السعودية خلاله أيضاً قدرات نووية.
  • وأيضاً في نظر نتنياهو، القصة هي أصلاً قصة أميركية. السعوديون معنيون بالأساس بحلف دفاعي يحصّنهم ضد إيران. الولايات المتحدة ستلتزم الدفاع عن المملكة في حال الهجوم عليها. الرئيس جو بايدن يريد إنجازاً سياسياً واحداً خلال ولايته، عشية الانتخابات. هذا هو الإنجاز العملي الوحيد الذي يستطيع الوصول إليه، وهو بحاجة إلى إسرائيل للحصول على أصوات الجمهوريين في الكونغرس. في نظر ديوان رئيس الحكومة، يحتاج بايدن إلى 67 صوتاً في مجلس الشيوخ من أجل توقيع حلف دفاعي. لدى الحزب الديمقراطي 51 صوتاً، ولكن يمكن الافتراض أن بعض الديمقراطيين لن يدعموه. هل يستطيع الرئيس تجنيد 22 سيناتوراً جمهورياً للتصويت لمصلحة إنجاز سياسي كبير خاص به خلال عام الانتخابات؟ اتفاق فيه التزام الدفاع عن دولة قمعية، ديكتاتورية، يقف على رأسها حاكم أثبت قدراته في قتل المعارضين؟ هذا ليس واضحاً، لكن نتنياهو يفترض أن بايدن يعتمد عليه لتجنيد دعم الجمهوريين.
  • يجب الإضافة إلى هذه المعادلة عدم حماسة الإدارة لتقديم إنجاز كهذا لنتنياهو. ففي نظرهم، إنجاز كهذا يمكن أن ينقذ نتنياهو من الأزمة التي يعيشها. إلا إن تحليل الوضع يشير إلى أن نتنياهو والمقربين منه على خطأ. يمكن الافتراض أن بايدن هو مَن سيطلب المقابل في الساحة الفلسطينية. أولاً، لدفع نتنياهو إلى الوسط وزيادة حظوظ تفكيك ائتلافه الحكومي. وثانياً، لأن ذلك سيساعد السعوديين على تشريع التطبيع. وثالثاً والأهم، هذا سيساعده على تجنيد الديمقراطيين لدعم الصفقة. ماذا سيكون هذا المقابل؟ هل سيكون تجميد البناء الاستيطاني؟ أم سيكون خطاباً جديداً يصادق على الرؤية (الفارغة) لحل الدولتين؟
  • حاول عدد لا بأس به من الرؤساء الأميركيين التدخل في السياسة الإسرائيلية. كلينتون وأوباما فشلا في هذه المحاولة كلياً، حتى أنهما عزّزا قوة اليمين ونتنياهو إلى حد ما. بوش الأب نجح أكثر منهما، وبايدن يقوم بذلك بالطريقة الأذكى. حتى الآن، لا يزال ينجح في ألّا يظهر عدائياً لإسرائيل، إنما يحاول أن يبدو كأنه يستصعب العمل مع نتنياهو. التعاون الأمني، والإعفاء من التأشيرة - يُظهران دعم الرئيس الأميركي لإسرائيل، باستثناء التعامل مع نتنياهو. ومن الصعب التخيُّل أن إدارة بايدن، التي تثبت معرفتها الاستثنائية بالسياسة الإسرائيلية، لن تعرف كيف تستغل اتفاقاً ممكناً مع السعودية للضغط على نتنياهو.
  • وبعد هذا كله، بقي سؤال واحد "صغير". هل اتفاق كهذا جيد لإسرائيل؟ من الواضح أنه جيد لنتنياهو. ولكن في يوم من الأيام، كان من المفترض أن يكون الاتفاق مع السعودية ثمرة اتفاق مع الفلسطينيين، أو السوريين. من شأن هذا الاتفاق اليوم أن يُفقد الفلسطينيين أدوات الضغط، الضعيفة أصلاً. الطريق إلى دولة واحدة ثنائية القومية ستتحول إلى أوتوستراد. من حيث الفائدة، سنحصل على سياحة واستثمارات من دولة ديكتاتورية، تحاول أغلبية الأحرار في العالم الابتعاد عنها؛ ومن حيث الضرر، سنحصل على فلسطيني يائس أكثر، ستبدو طريقه غير العنيفة إلى الاستقلال مغلقة تماماً. اليمين سيرى في ذلك نصراً مثالياً. سموتريتش والأصدقاء سيرون أنه رخصة نهائية ومطلقة لكسر جميع قواعد اللعبة.