التوترات مع حزب الله: ما مغزى الاستفزازات على الحدود الشمالية؟
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- في الأشهر الأخيرة، وفي موازاة جهود الجيش الإسرائيلي في إنهاء العمل على بناء العائق الهندسي على طول الحدود مع لبنان، برز صعود كبير في الاستفزازات التي يقوم بها حزب الله على الحدود وما وراءها. وهذه التطورات تزيد في الاحتكاك بين الجيش الإسرائيلي والحزب، وهناك تخوف حقيقي من التدهور إلى مواجهة عسكرية واسعة النطاق.
- ومع الوجود المكثف والجديد لنشطاء حزب الله على طول الحدود، نشأ في الأشهر الأخيرة واقع جديد على الأرض: وجود قوة الكوماندوس "الرضوان" التابعة للحزب في مواقع للمراقبة تحت غطاء جمعية "أخضر بلا حدود"؛ محاولة نشطاء الحزب والمؤيدين له تخطّي الخط الأزرق (الذي رسمته الأمم المتحدة كخط للانسحاب الإسرائيلي من لبنان في سنة 2000)؛ إطلاق قذيفتين مضادتين للدروع في اتجاه قرية الغجر؛ واجتياز "مخرب" الحدود من لبنان ووصوله إلى مجدو.
- تعزيز وجود حزب الله على الحدود الشمالية وازدياد الاحتكاكات بإسرائيل ليس صدفة. فكما هو معروف، تحوّل إيران مالاً وسلاحاً كثيراً إلى حزب الله، وهي الممولة الأساسية له، ولذلك، هي تريد رؤية نتائج. ومؤخراً، طالبت الحزب بالتحرك أكثر، بعد الهدوء السائد على الحدود منذ سنة 2006. لقد حاولت إيران ضرب مصالح إسرائيلية، لكنها فشلت في الرد على هجمات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ضمن إطار المعركة بين الحروب، ولذلك، توجهت نحو وكيلها حزب الله.
- هناك عامل آخر لزيادة الاستفزازات وجرأة التنظيم "الإرهابي"، هو الوضع الاقتصادي السيئ في لبنان الذي يعاني أزمة اقتصادية خانقة – المدارس معطلة، والمصارف مغلقة ولا تقدم الخدمات المطلوبة للمواطنين. هذا الوضع الاقتصادي الصعب يجعل الراتب الذي يحصل عليه نشطاء حزب الله هو الأعلى في الاقتصاد اللبناني، ولذلك، ينضم إلى صفوفه عدد أكبر من الناس. بالإضافة إلى ذلك، لا يوجد للمواطنين اللبنانيين ما يتمسكون به في وقت ينهار كل شيء في الداخل، فيستغل عناصر حزب الله هذا الضعف لمصلحتهم، ويحاولون تجنيد نشطاء جدد من خلال إظهار الحزب كتنظيم قوي، يحرص ويدافع اقتصادياً واجتماعياً عن أعضائه، وبهذه الطريقة، يزيدون الإحساس بالثقة لدى مناصريهم.
- حقيقة أن الجيش الإسرائيلي عمل خلال الستة أشهر الأخيرة على الانتهاء من بناء العائق الهندسي على طول الحدود، وبنى أسواراً من أجل الفصل الكامل بين الدولتين، يزيد هو أيضاً في الاحتكاك. تقول أورنا مزراحي الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي: "معظم الاحتكاكات ناجمة عن رفض حزب الله قبول الخط الأزرق، بصفته خط الحدود الرسمي الذي رسمته الأمم المتحدة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان في سنة 2000. وبالنسبة إلى الحزب، أراضي الجليل هي أراضٍ لبنانية محتلة، والإغلاق المحكم للحدود هو بمثابة إعطاء طابع رسمي بأن هذه الأراضي إسرائيلية."
- وتضيف: "لدى حزب الله اليوم ثقة وقوة أكبر مما كانا عليه خلال حرب لبنان الثانية. تعاظُم قوته وبناء قدراته العسكرية، يمنحانه ثقة وقدرة على التهديد. لقد نجح الحزب في مراكمة 150 ألف صاروخ ذات مدى مختلف، وتسلح بصواريخ دقيقة، وجمع قدرة دفاع جوي، مثل المسيّرات والحوامات، مع دعم قوة الكوماندوس ’الرضوان’ التي راكمت قدرة وخبرة قتالية جرّاء مشاركتها في الحرب في سورية."
- طبعاً، لا يمكن أن نتجاهل أن جيراننا يشاهدون الصراعات الدائرة عندنا بسبب معارضة التشريعات القضائية والاحتجاجات التي تدعو إلى رفض الخدمة في الجيش. تقول مزراحي: "في نظر حزب الله، الاحتجاجات على الإصلاحات تعكس صورة ضُعف المؤسسة الأمنية. ويرى الحزب عدم استعداد الطيارين والمقاتلين للتطوع في الخدمة في الجيش، ويعتبر ذلك ضعفاً وعدم قدرة على الرد على التهديدات الخارجية أيضاً."
- والسؤال الأساسي المطروح: هل يسعى حزب الله لحرب؟ وهل الاستفزازات الأخيرة هي تحضير لحرب شاملة، أم هي حرب على الوعي؟ تردّ مزراحي على ذلك: "على الرغم من أنه من الضروري فحص كلام حزب الله، فإنني أعتقد أن الوضع لن يتطور إلى حرب، وهذا هو الرأي السائد اليوم في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية. في الظروف الحالية، لا تريد إيران، ولا حزب الله، حرباً مع إسرائيل. لكن يجب أن نأخذ في الاعتبار أن وقوع حوادث على الحدود يمكن أن يتطور إلى حرب من دون قصد. في هذه الأثناء، يزيد حزب الله مخاطرته، ويواصل استفزازاته - بالأساس كي يثبت للجمهور اللبناني ولإيران أنه قادر، ويجرؤ على التحرك." وتختم مزراحي: "في رأيي، يجب على الجيش الإسرائيلي التحرك وضرب حزب الله بقوة، وتحسين ميزان الردع."