إسرائيل – ورقة توت لروسيا؟
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- كلما استمر الغزو الروسي لأوكرانيا، كلما كان من الصعب التخلص من الشعور بأن إسرائيل تضيّع فرصة الوقوف مع الطرف الصحيح من التاريخ. منذ بدء الحرب، رفضت إسرائيل تزويد أوكرانيا بالسلاح، حتى الدفاعي منه، كما رفضت الانضمام إلى العقوبات الدولية، لا بل زادت في حجم تجارتها مع روسيا.
- لكن الأفعال الصغيرة والمبادرات والأمور التي من الصعب أن نرى فيها فائدة وطنية كبيرة لا يمكن أن تغطي على الأضرار المحتملة. مرةً اجتماعات مصورة لمسؤولين رفيعي المستوى في وزارة الخارجية يزورون موسكو، ويستضيفون نظراءهم في البلد؛ مرة أُخرى، إحياء عيد استقلال روسيا في السفارة، حيث نشهد توافُد الوزراء والنواب وقادة كبار آخرين؛ قبل ثلاثة أشهر، افتُتحت قنصلية روسية في القدس؛ وفي الأسبوع الماضي، قدمت إسرائيل هدية أُخرى إلى روسيا: اتفاق لتعميق التعاون في مجال السينما.
- وزيرة الثقافة الروسية أولغا ليوبيموفا، نشرت صوراً وهي تبتسم مع السفير ألكس بن تسفي وكتبت: "الاتفاق مساهمة مهمة في تطوير التعاون الثنائي." وأضاف السفير، من جهته، أنه مقتنع بأنه سيكون هناك العديد من الأفلام المشتركة، وأن المنتجين الإسرائيليين ينتظرون التعاون (وفق الصحيفة الرسمية للكرملين). سُلِّط الضوء على أخبار الاتفاق في وسائل الإعلام الروسية، كأنهم يقولون: مَن قال إننا معزولون؟
- من الصعب فهم سلوك إسرائيل وقصر نظرها في كل ما يتعلق بالأضرار التي تتسبب مواقفها الرسمية بها لمكانتها في العالم الغربي. وحتى لو قبلنا الحجة الأمنية بشأن الوجود الروسي في سورية (القابلة هي أيضاً للنقاش)، لا يوجد سبيل لتبرير السلسلة الطويلة من المبادرات حيال روسيا. ما هي ضرورتها؟ وعلامَ حصلنا في المقابل – إذا كان هذا موجوداً. بينما تتصرف إسرائيل، بصفتها الدولة الغربية التي تعمل على تبييض جرائم روسيا.
- حتى حجة إنقاذ يهود روسيا لم تعد قائمة. إذا وضعنا جانباً افتراض حصول إسرائيل على معلومات بأن يهود روسيا رهائن محتمَلون، ولذلك، هي تتعاون مع مثل هذا النظام، بعد مرور 18 شهراً على الحرب، يمكن القول، بثقة مطلقة تقريباً، إن الذين أرادوا الخروج من روسيا فعلوا ذلك. وإذا كنا نتعامل مع الخوف من العداء للسامية، فهو موجود على أي حال.
- يكفي أن نتذكر وزير الخارجية الروسي لافروف الذي "عثر" على "جذور يهودية" لهتلر. وبحسب الداعية المركزي فلاديمير سولوفيوف [صحافي ومقدم برامج تلفزيونية]، "روسيا تحرر كييف من المحتلين الألمان والأنغلو ساكسونيين واليهود الذين لُطِّخت أيديهم بالدم"؛ أو المسرحي من موسكو الذي أُلغيَ عرضه في إسرائيل، فكتب رسالة مفتوحة تضمنت كليشيهات معادية للسامية.
- رداً على الانتقادات الموجهة إلى هذه المبادرات، يحب الإسرائيليون التذكير بالمساعدة الإنسانية التي يقدمونها إلى أوكرانيا، وبجهاز الإنذار الذي قدموه لها. هذه المساعدات مهمة، حتى لو كانت متواضعة جداً نسبياً. فقد تأخر تسليم جهاز الإنذار عدة أشهر، لكن ضآلة هذه المساعدات تسلّط الضوء على السخاء السياسي الظاهري حيال روسيا. وما يثير الغضب بصورة خاصة الادعاء أن المبادرات حيال موسكو هي "تعويض" على المبادرات إزاء كييف: المقارنة الزائفة التي تساوي بين عمل إنساني هو الواجب، وبين أعمال شبكة علاقات عامة خارجية؛ هي كالمقارنة بين أخلاقية أو لا أخلاقية تقديم ضمادات إلى جريح، وبين ملاطفة المجرم الذي لا يزال يعيث فساداً في الساحة. وحتى لو كانت المساعدة الإسرائيلية لأوكرانيا شاملة وفعالة، فإن هذا لا يبرر حماقة هذه "الموازنة".
- بغض النظر عن دوافع إسرائيل، من المعقول الافتراض أنه سيكون لها تداعيات بعيدة الأجل على مكانتها في أوكرانيا، وفي الغرب (هذا من دون الحديث عن الوصمة الأخلاقية التي ستوصم بها إسرائيل ومواطنوها).
- فيما يتعلق بالغرب، وإذا كنا سنحكم على إسرائيل وفق الموقف من الغزو الروسي، فإنها لم تعد تنتمي إلى الغرب، وإلى ديمقراطيته الليبرالية، بل تنتمي إلى دول الجنوب في العالم، التي تفضل أغلبيتها الوقوف موقف المتفرج والمتاجرة مع روسيا، على الرغم من أن أغلبيتها صوتت ضد روسيا في الأمم المتحدة.