قد يخرج نتنياهو رابحاً من الاجتماع ببايدن
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- في العالم الدبلوماسي هناك تصنيف للاجتماعات. أرفعُها رتبةً هو الاجتماع الذي يستضيف فيه الرئيس الأميركي رئيس حكومة دولة أجنبية في البيت الأبيض، وتُلتقَط الصور لهما، ويتناول معه وجبة الغداء. اجتماع من درجة أدنى هو اجتماع الرئيس الأميركي برئيس حكومة دولة أجنبية في البيت الأبيض، من دون التقاط صور، ومن دون مائدة احتفالية. ومن بين الاجتماعات المصنّفة في المرتبة الدنيا هي الاجتماعات التي تُعقَد في الفنادق، وفي أروقة الأمم المتحدة. ثمة مغزى للتصنيف المنخفض للاجتماع بين رئيس حكومة إسرائيل وبين الرئيس بايدن، وهناك ثمن أيضاً للظهور الأقل إثارة للإعجاب. من الواضح أنه كان من الأفضل أن يحظى نتنياهو في اجتماعه المرتقب بتصنيف أعلى في واشنطن.
- مع ذلك، التصنيف المنخفض للاجتماع، يجب ألّا يدل مطلقاً على مضمونه وأهميته. لقد حضرت في الماضي اجتماعات من تصنيف منخفض في البيت الأبيض، وفي الأمم المتحدة، وشهدت شخصياً مناقشة موضوعات مصيرية في هذين المكانين. على سبيل المثال، في الاجتماع الذي عُقد بين نتنياهو وأوباما في أيلول/سبتمبر 2010، استؤنفت المحادثات الأخيرة بيننا وبين الفلسطينيين. واليوم أيضاً، هناك موضوعات مهمة مطروحة على البحث، السلام مع السعودية، وأيضاً المخاطر التي يمكن أن تدل على حرب وشيكة.
- في موضوع السلام، يحتاج الرئيس بايدن، الذي يعاني جرّاء تراجُع في التأييد حتى داخل حزبه، قبل الانتخابات الرئاسية في سنة 2024، إلى إنجاز سياسي مهم. ونتنياهو بحاجة لا تقل أهميةً عن حاجة بايدن إلى إنجاز للخروج من المأزق الوطني المترتب على الإصلاح القضائي، وأيضاً من أجل إنهاء إرثه السياسي بسلام تاريخي مع العالم السعودي. وفي الحقيقة، هناك عقبات غير قليلة على الطريق.
- في الجانب الإسرائيلي، في الوضع الحالي، لا تستطيع إسرائيل منح الفلسطينيين البادرات التي يطلبها السعوديون. في الجانب الأميركي، تزداد معارضة الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي لصفقة سلام سعودية-إسرائيلية لا تدفع قدماً برؤيا حلّ الدولتين. بالإضافة إلى ذلك، يعارض الجمهوريون منح بايدن نصراً سياسياً عشية الانتخابات.
- السعوديون ليسوا مستعدين للاكتفاء بتعهدات رئاسية مثل تلك التي أعطاها أوباما لإيران وألغاها ترامب، وهم يطالبون باتفاق كامل. كما يصرّون على الحصول على ضوء أميركي أخضر لإنشاء برنامج نووي مدني، الذي يبدو أنه يثير قلق واشنطن والقدس.
- في موضوع السلام، هناك الكثير مما يمكن أن يقال، وكذلك أيضاً في موضوع الحرب. قرار النظام الإيراني منع دخول المراقبين الدوليين إلى المنشآت النووية، بالإضافة إلى أن تحالُف إيران الاستراتيجي مع الصين وروسيا يُزعزع استقرار الشرق الأوسط. والضعف الداخلي لإسرائيل يمكن أن يقنع الإيرانيين، الذين باتوا على عتبة الحصول على قدرة نووية، بأن هذا هو وقت التخصيب وإنتاج القنبلة، ويبدو أن إيران ليست بحاجة إلى الكثير لإشعال المنطقة كلها.
- على خلفية النقاش المهم بين نتنياهو وبايدن، تدور دراما علنية وصاخبة. إنها التظاهرات التي تستقبل رئيس الحكومة في كل مكان طوال زيارته، بالإضافة إلى الانتقادات الحادة لقوله "إن المتظاهرين انضموا إلى منظمة التحرير الفلسطينية وإيران." هؤلاء المتظاهرون جرى تصويرهم بصورة إيجابية في البرنامج التلفزيوني المشهور "60 دقيقة". ويمكن القول إن فرص تأثير هذه الدراما في محتوى المحادثات بين الزعيمين ضئيلة، وإن الزعيمين سيخرجان رابحيْن: بايدن سيحصل على دعم لقاء موقفه النقدي حيال الحكومة الإسرائيلية؛ وفي إمكان نتنياهو استخدام حجة "انظروا مَن يتظاهر ضدي؟ يهود أميركيون ليبراليون وإسرائيليون سابقون."
- نأمل بأن يمهّد هذا اللقاء الأرضية لعملية سياسية جدية تعزز التحالف الاستراتيجي التاريخي بين إسرائيل والولايات المتحدة. أكثر من ذلك، نأمل بأن يهيئ الأرضية لتأليف حكومة وحدة وطنية تُبعد المتطرفين، وتتوصل إلى تسوية بشأن الموضوع القضائي.