بعد 50 عاماً: ما الذي يجب على إسرائيل 2023 تعلُّمه من حرب "يوم الغفران"
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- العلاقات الإسرائيلية-الأميركية، بحسب ما تنعكس من حرب "يوم الغفران"، تشير إلى شبكة علاقات معقدة تشدد على أهمية إسرائيل الاستراتيجية بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وكذلك أهميتها بالنسبة إلى المصالح الدولية الأميركية في الصراع على الهيمنة العالمية. تستطيع إسرائيل في سنة 2023 أن تتعلم من تحليل جديد لِما حدث في مرحلة حرب "يوم الغفران":
الولايات المتحدة تهتم أولاً بمصالحها الإقليمية والدولية.
- خلال أيام الحرب الأولى، تدخلت الولايات المتحدة لمصلحة إسرائيل بشكل معتدل، وذلك كي لا تخرّب تقرُّب مصر منها بالتدريج، وأيضاً لتجنُّب أن يؤدي التدخل إلى تفعيل حظر تصدير النفط العربي إلى الدول الغربية. هذا بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة امتنعت من إلحاق الضرر بالعلاقات مع الاتحاد السوفياتي في إطار سياسة خفض التوتر، ولذلك، أرادت أولاً أن ترى كيف ستتطور الحرب قبل أن تتدخل فيها. على إسرائيل أن تتذكر أن عليها، أولاً وقبل كل شيء، أن تعتمد على نفسها، وألّا تفرض قيوداً على حرية حركتها، في مجال البرنامج النووي الإيراني، وإحباط "الإرهاب" الفلسطيني، على سبيل المثال، كما حدث عشية حرب "يوم الغفران"، حين لم يتم تجنيد الاحتياط، ولم تبادر إلى ضربة استباقية.
العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل ودول المنطقة تنبع من رؤية استراتيجية أميركية شاملة، وهي جزء من الصراع بين القوى العظمى.
- خلال حرب "يوم الغفران"، تحول الصراع العربي-الإسرائيلي إلى ساحة المواجهة المركزية بين القوى العظمى (الولايات المتحدة-الاتحاد السوفياتي) من أجل السيطرة والتأثير، كما بات ملعب التدريبات المفضل، بالنسبة إليهما، لفحص قدراتهما العسكرية، من دون مواجهة مباشرة، إذ كان كلٌّ منهما يسلّح طرفاً في المواجهة. في أيامنا هذه، إن جهود الولايات المتحدة في الشرق الأوسط تتأثر بالرغبة الأميركية في تقليص التأثير الصيني المتصاعد في المنطقة.
- يجب رؤية الربط الذي تدفع به الولايات المتحدة عن طريق البر والبحر، بين الهند، مروراً بالشرق الأوسط، ووصولاً إلى أوروبا، كمحور يلتف على طريق الحرير الجديد (مبادرة الحزام والطريق) الذي يمرّ من الصين إلى أوروبا، عبر روسيا. على إسرائيل استغلال الصراعات بين القوى العظمى من أجل مأسسة سياسات مستقلة في مقابل كلٍّ من القوى العظمى، تتلاءم مع مصالحها.
أهمية بناء تحالفات إقليمية وسياسية استراتيجية متعددة مع القوى العظمى
- خلال الحرب وبعدها، استغلت مصر الصراع بين القوى العظمى لتحصل على دعم من الطرفين. ففي الوقت الذي رمّم الاتحاد السوفياتي الجيش المصري، استخدمت الولايات المتحدة ضغوطاً على إسرائيل لتقديم تنازلات، ومنحت مصر مساعدات اقتصادية في مقابل تنازلات منها. مصر أيضاً تحركت نحو دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، التي وعدتها بتقديم دعم إذا اندلعت الحرب. من جانبها، السعودية ساعدت في التواصل مع الولايات المتحدة وإيضاح أن مصر تنوي استخدام الضغوط السياسية لتحقيق أهدافها بشأن الصراع مع إسرائيل.
- وإلى حدّ كبير، فإن الاعتقاد القائل إن مصر لن تبادر إلى الحرب في سنة 1973 لم ينبع فقط من مبررات عسكرية، إنما من مبررات سياسية أيضاً. فبفضل العلاقات مع دول المنطقة والحوار مع الولايات المتحدة الذي جرى بموازاة العلاقة مع الاتحاد السوفياتي، ضمنت مصر لنفسها هامش عمل واسعاً، كأداة للتفاوض والضغط على كلٍّ من القوى العظمى.
- لا جدال بشأن أهمية العلاقات الإسرائيلية-الأميركية استراتيجياً، وبشأن الحاجة إلى الحفاظ عليها وتقويتها، لكن على إسرائيل أن تتعلم من اعتمادها الكبير في ذلك الوقت على الولايات المتحدة. سيكون من الجيد لإسرائيل أن تحافظ على الخط الذي تبنّته خلال الأعوام الماضية، الحفاظ على علاقات جيدة مع قوى عظمى أُخرى، إلى جانب تقوية العلاقات مع الولايات المتحدة. بما معناه-إن العلاقات مع دول الإقليم ومع قوى عظمى أُخرى تعزّز قيمة إسرائيل وأهميتها بالنسبة إلى الولايات المتحدة كقوة إقليمية اقتصادية وعسكرية، لديها مصالح مشتركة كثيرة مع الولايات المتحدة.
- المحور الذي يتم بناؤه اليوم بين الصين-روسيا-وإيران يتحدى مكانة الولايات المتحدة في المنطقة، ويشكل خطراً على إسرائيل. وفي ظل هذا الوضع، المطلوب بناء محور بدعم من الولايات المتحدة، يكون في مركزه كلٌّ من إسرائيل والسعودية. على إسرائيل أن تدعم بناء هذا المحور، وفي الوقت نفسه، أن تحافظ على المصالح الإسرائيلية، وتعرف حجمها وأهميتها الإقليمية.
- يجب ألا نعود إلى الأساليب القديمة، كما حدث في الأعوام التي سبقت الحرب وخلالها. على إسرائيل أن تقود خطوات إقليمية، وأن تكون جسراً لدول المنطقة، وأن تبادر إلى سياسات تخدمها، أولاً وقبل كل شيء، ونتيجة ذلك، تعزز مصالحها المشتركة مع الولايات المتحدة.