تحليل: تصاعُد حملة المطالبة باستقالة نتنياهو على خلفية ترك سكان "غلاف غزة" لمواجهة مصيرهم
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

  • تصاعدت في اليوم الثالث لحملة "طوفان الأقصى" التي شنّتها حركة "حماس" على منطقة "غلاف غزة"، والتي ردّت عليها إسرائيل بعملية "السيوف الحديدية" العسكرية، الانتقادات الموجهة إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.
  • وفي هذا الإطار، طالب نحاميا شترسلر، وهو محلل سياسي وكبير المعلقين الاقتصاديين في "هآرتس"، نتنياهو بتقديم استقالته فوراً.
  • ومما كتبه شترسلر ("هآرتس"، 11/10/2023): هذا هو التقصير الأخطر في تاريخ إسرائيل، وهو أخطر من تقصير حرب "يوم الغفران" [حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973]. فالمفاجأة كانت أكبر، والمفهوم أكثر غباءً، والإهمال أكثر فظاعةً، والضربة المعنوية أكثر قسوةً، والفوضى أكثر جنوناً، والصدمة أقوى، وعدد القتلى المدنيين أعلى.
  • وأضاف: "لقد تم ترك سكان ’غلاف غزة’ لمواجهة مصيرهم. وكتائب الجيش التي كان عليها حمايتهم، تم نقلها إلى المناطق [المحتلة] لحماية المستوطنين. وبعد أن حاصر ’المخربون’ بيوتهم لم يحصلوا على المساعدة، بل تم تركهم لموت فظيع وتنكيل متوحش وسبْي، إذ اقتيدوا مثل أغنام للذبح. لن نغفر هذا التقصير، وهذا الفشل لا عفو عنه. والمذنب في هذه الأحداث الفظيعة شخص واحد، هو بنيامين نتنياهو."
  • ودعا شترسلر قادة أحزاب المعارضة، ولا سيما يائير لبيد وبني غانتس وأفيغدور ليبرمان، إلى عدم الانضمام إلى الحكومة وتقديم خشبة نجاة لنتنياهو، مؤكداً أنه إذا كان هؤلاء يريدون إنقاذ الدولة، عليهم إسقاط حُكمه، لأنه من الواضح أنه سيهتم بنفسه فقط، وسيجعل حكومة الوحدة أضحوكة.
  • وكتب شترسلر: "يجب أن يقف كلٌّ من غانتس ولبيد وليبرمان ضد نتنياهو بسرعة 200 كلم في الساعة، وعليهم التوضيح لناخبيه أن حياتهم في خطر ما دام هذا المُخادع في سدّة الحكم. إذا لم يدرك هؤلاء الثلاثة ذلك، فعليهم الاستقالة. إن كلّ شيء واضح مثل الشمس؛ فطوال 9 أشهر من عمر هذه الحكومة، لم ينشغل نتنياهو إلاّ بالانقلاب القضائي، بهدف إلغاء محاكمته، ولم يقُم حتى بزيارة إلى ’غلاف غزة’، ولو مرة واحدة، ولم يسأل عن استعداد الجيش، ولم يستمع إلى تحذيرات رئيس هيئة الأركان ورئيس جهاز الأمن العام [’الشاباك’] بأن الانقلاب يُضعف الجيش، ويضرّ بالردع، ويشجع الأعداء على المهاجمة. وهذا ما حدث في النهاية. نتنياهو هو مَن اخترع المفهوم الذي خدّرنا. ولقد عاد وقال قبل عشرة أيام إن ’حماس’ خائفة، ولا تريد الحرب، لأنها لا تريد الإضرار بإنجازاتها الاقتصادية، أي الأموال الكثيرة التي اهتم بنقلها إليها، سواء عن طريق قطر، أو عن طريق زيادة عدد العمال الذين يعملون في إسرائيل، والذين يدفعون الضرائب لـ’حماس’. كما قال نتنياهو أيضاً إن ’حماس’ خائفة في أعقاب الدمار الذي تعرضت له في العمليات السابقة، وإنها غير معنية بالتصعيد. وهذا بالضبط الأمر الذي مكّن الجيش من نقل القوات من ’غلاف غزة’ الهادئ إلى الضفة الغربية العاصفة، حيث يقوم الجيش بتوفير الحماية للمستوطنين المتطرفين الذين ينظمون زيارات إلى قبر يوسف [نابلس]، وإلى الحرم القدسي الشريف، ويقومون بالتنكيل بسكان بلدة حوارة. فكل هذا مهم بالنسبة إلى رئيس الحكومة أكثر بألف مرة من عدة مستوطنات في ’غلاف غزة’. وبسبب كل هذه الأفعال الآثمة، ومن أجل إنقاذ دولة إسرائيل، يجب على نتنياهو الاستقالة فوراً.
  • بموازاة ذلك، اتهم المحلل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت" شمعون شيفر رئيس الحكومة نتنياهو بانعدام أي حسّ حيال المعاناة التي يشعر بها سكان "غلاف غزة"، ولا سيما بعد اختطاف المئات من أفراد عائلاتهم.
  • وكتب شيفر ("يديعوت أحرونوت"، 11/10/2023): "بعد أن فاجأت ’حماس’ إسرائيل صباح يوم السبت الماضي - والذي كان بمثابة يوم غفران 2023 وبيرل هاربر إسرائيلي و11 أيلول/سبتمبر خاص بنا - وبعد ثلاثة أيام من القتال، حان الوقت لتتخذ القيادة عندنا قرارات مختلفة عن تلك التي كان متّبعاً اتخاذها في جولات القتال السابقة حيال ’حماس’."
  • وأضاف: "إن المسألة الأكثر حساسية تتعلق بعشرات الأسرى والمخطوفين الذين نُقلوا إلى قطاع غزة. والثمن الذي ستدفعه إسرائيل، على الأقل بحسب تجربة الماضي، سيكون باهظاً. لقد خضع بنيامين نتنياهو، بخلاف أسلافه، لكل مطالب ’حماس’، وحرّر 1027 ’إرهابياً’ لقاء تحرير [الجندي] غلعاد شاليط. إنني أقترح أن يُقال لقادة الاستخبارات المصرية الذين يبقون على اتصال غير مباشر بيننا وبين ’حماس’، بأننا مستعدون لتحرير كل السجناء الأمنيين المحتجزين لدينا من دون إبطاء، في مقابل عودة فورية لكل المخطوفين المحتجزين في غزة. إن أكثر من 11.000 فلسطيني محتجزون في السجون هنا، بينهم مئات حُكموا بالسجن المؤبّد. ويحيى السنوار، زعيم ’حماس’ والرجل الذي وقف خلف المفاجأة التي وقعنا فيها، والذي هو نفسه تحرّر في ’صفقة شاليط’، ملتزم بتحريرهم، وهذا هو السبب الذي جعله يأسر إسرائيليين كثيرين بهذا القدر. وعليه، يجب علينا أن ننظر إلى الواقع: إننا لا نملك روافع ضغط أو أوراق مساومة تجاه ’حماس’ التي تحكم القطاع."
  • وتابع شيفر: "أمس توجه إليّ والد أحد المخطوفين، عبر صديق مشترك. قلت له الحقيقة التي يجب أن تُقال بأنه لا يوجد احتمال لإنقاذ الابن وإعادته إلى الديار بسلام. فانغلاق حسّ نتنياهو والحكومة التي يغيب أعضاؤها عن وسائل الإعلام، وعن التجنّد للوقوف ومساعدة أولئك الذين فقدوا عائلاتهم وبيوتهم وأقرباءهم، لا مثيل له. وبناءً عليه، فإن ما تبقى فقط هو مطالبة نتنياهو بتحرير أسرانا كلهم فوراً والاستجابة إلى كل مطالب ’حماس’. إن ما تعلمناه في الأيام الأولى من المعركة هو أنه لا يمكن الاعتماد إلّا على نفسك، وعلى عائلتك. كما تعلمنا أن الخطيئة الأكبر التي وقعت فيها محافل الاستخبارات، وليس للمرة الأولى، هي خطيئة الغرور والاستخفاف بقدرات ’حماس’. وللحقيقة لم تكن هناك حاجة إلى أيّ استخبارات سرية، فمؤشرات استعدادات ’حماس’ لشنّ حرب علينا كانت علنية. والآن، فإن الثمن الذي سنكون مطالَبين بدفعه في أعقاب هذه الحرب، هو ثمن رهيب، ولكن، لا مفرّ من دفعه."
 

المزيد ضمن العدد

هارتس