قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية في تقرير لها نشرته في نهاية الأسبوع الماضي، إن المئات من المسلحين الفلسطينيين من قطاع غزة شاركوا في تدريبات قتالية خاصة جرت في الأراضي الإيرانية قبل أسابيع من الهجوم الذي نفّذته حركة "حماس" ضد مستوطنات "غلاف غزة" يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، والذي أدى إلى مقتل 1400 إسرائيلي، بمن في ذلك عدد كبير من السكان المدنيين واحتجاز أكثر من 220 إسرائيلياً كرهائن تم نقلهم إلى القطاع.
ونقلت الصحيفة الأميركية عن أشخاص وصفتهم بأنهم مطّلعون على معلومات استخباراتية متعلقة بهجوم "حماس" المذكور، قولهم إن 500 عضو من كلٍّ من حركتَي "حماس" والجهاد الإسلامي الفلسطيني شاركوا في هذه التدريبات التي جرت الشهر الماضي، وأشرف عليها الحرس الثوري الإيراني.
وأشارت الصحيفة أيضاً إلى أن قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني العميد إسماعيل قاآني حضر هذه التدريبات.
كما أشارت إلى أن مسؤولي الأمن الإيرانيين هم الذين أعطوا الضوء الأخضر للهجوم، وذلك في اجتماع عُقد في العاصمة اللبنانية بيروت، قبل خمسة أيام من يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، وادّعت الصحيفة أنها علمت بهذا الأمر من أعضاء كبار في حركة "حماس"، وفي حزب الله.
يُشار هنا إلى أن إسرائيل اتهمت إيران، مراراً وتكراراً، بأنها القوة الرئيسية التي تقف وراء هجوم "حماس" على منطقة "غلاف غزة"، والذي نجحت خلاله في تعطيل السياج الأمني الحدودي العالي التقنية في غزة، والتسلل عبر منطقة الحدود. في المقابل، رحبت إيران بهجوم "حماس" هذا، لكنها في الوقت عينه، نفت أن يكون لها أي دور في التخطيط له.
كما يُشار إلى أنه قبل فترة وجيزة من نشر تقرير "وول ستريت جورنال"، وجّه الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي دانيئيل هغاري إصبع الاتهام مباشرة إلى إيران في المساعدة على تخطيط الهجوم يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر. وقال هغاري في سياق مؤتمره الصحافي اليومي قبل عدة أيام، إن إيران ساعدت "حماس" بصورة مباشرة قبل الحرب في قطاع غزة، وذلك من خلال التدريبات وتزويدها بالأسلحة والمال والمعرفة التكنولوجية. وأضاف: "حتى في هذه اللحظة، فإن المساعدات الإيرانية لـ’حماس’ مستمرة على شكل معلومات استخباراتية وتحريض عبر شبكة الإنترنت ضد دولة إسرائيل."
ويكرر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو اتهام إيران بالمسؤولية عن هجوم حركة "حماس". وكانت آخر مرة خلال الاجتماع الذي عقده مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أواسط الأسبوع الفائت، إذ أكد في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام، أن إسرائيل تقف الآن في مواجهة مع "محور الشرّ" بقيادة إيران وحزب الله و"حماس" والحوثيين وأتباعهم، والذين قال عنهم إنهم "يقاتلون من أجل إعادة منطقة الشرق الأوسط والعالم إلى أوائل العصور الوسطى."
على الرغم من ذلك، فإن بعض المسؤولين في واشنطن قال إنهم لا يوافقون على ما ورد في تقرير "وول ستريت جورنال". وأكد هؤلاء أن المعلومات الاستخباراتية لم تُظهر وجود صلة مباشرة بين المسؤولين الإيرانيين والهجوم الذي قامت به "حماس". بموازاة ذلك، يؤكد المسؤولون الأميركيون أن إيران تدعم "حماس" منذ فترة طويلة. ففي سياق الكلمة التي ألقاها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمام مجلس الأمن الدولي في أواسط الأسبوع الفائت، قال إنه ليس سرّاً أن إيران تدعم منذ سنوات كلاً من "حماس" وحزب الله والحوثيين وجماعات أُخرى تواصل تنفيذ هجمات على إسرائيل.
وردّاً على ذلك، انتقد مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إرافاني بلينكن لمحاولته إلقاء اللوم على إيران، واتهمه بأنه يرتكب خطأً فادحاً. وقال: "إن إيران ترفض بشكل قاطع هذه الاتهامات التي لا أساس لها من الصحة." قبل ذلك بأسبوع، قال بلينكن إن الولايات المتحدة ليس لديها دليل مباشر على تورُّط إيران في الهجوم، سواء في التخطيط له، أو تنفيذه، لكن هذا يمكن أن يتغير.
وفي إيران نفسها، اتهم المرشد الأعلى علي خامنئي الولايات المتحدة بتوجيه الضربات التي تقوم بها إسرائيل ضد "حماس"، وقال إن الولايات المتحدة شريك واضح فيما تقوم به إسرائيل من ممارسات إجرامية.
وأضاف خامنئي خلال خطاب ألقاه في طهران الأسبوع الفائت: "إن الولايات المتحدة تدير، بطريقة ما، الجريمة التي تُرتكب في غزة. إن أيدي الأميركيين ملطخة بدماء الفلسطينيين المضطهدين من الأطفال والمرضى والنساء وغيرهم."
وقبل خطاب خامنئي، هدّدت طهران إسرائيل بأن منطقة الشرق الأوسط قد تخرج عن نطاق السيطرة، إذا استمرت الحرب التي تشنها في غزة. وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام الأسبوع الفائت، إنه حذّر الولايات المتحدة ووكيلتها إسرائيل من أنهما إذا لم يوقفا فوراً الجريمة ضد الإنسانية والإبادة الجماعية في غزة، فإن كل شيء ممكن أن يحدث في أي لحظة، فضلاً عن أن المنطقة برمتها ستخرج عن نطاق السيطرة.