كيف يمكن تلافي اشتعال الضفة الغربية في أيام الحرب في قطاع غزة
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

  • قُتل أكثر من 150 فلسطينياً في الضفة الغربية منذ نشوب الحرب ضد حركة "حماس" في قطاع غزة، جرّاء المواجهات مع قوات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين. تحاول خلايا كثيرة تابعة للمنظمات "الإرهابية" في الضفة، وبوتيرة عالية، تنفيذ هجمات في هذه المنطقة، بهدف إثارة الغضب الشعبي والتعبير عن التضامن مع حركة "حماس" وسكان قطاع غزة الذين يعانون جرّاء الحرب التي فرضتها حركة "حماس" على إسرائيل وعليهم في هجومها الفتاك بتاريخ 7 تشرين الأول/أكتوبر في بلدات "غلاف غزة".
  • حتى اللحظة، وبعد مرور أكثر من 30 يوماً على نشوب هذه الحرب، لم ينطلق سكان الضفة الغربية إلى الشوارع، ولم تمتلئ شوارع ومحاور الضفة بحضورهم، وهكذا تلافوا، حتى اللحظة، احتكاكاً واسع النطاق قد يصعّد الاشتباك. وحتى الآن، لم يستجب سكان الضفة للدعوات التي لا تتوقف، الصادرة عن قيادة حركة "حماس"، من أجل إشعال الشوارع وإشغال الجيش الإسرائيلي بالاشتباكات الشعبية الواسعة النطاق، والمستمرة، لإجبار إسرائيل على الاستجابة للمطالب التي وضعتها حركة "حماس" مع بدء تنفيذها لـ"جرائمها" في "بلدات الغلاف". يمتنع سكان الضفة حتى الآن، سواء بسبب انعدام ثقتهم بتوجّهات حركة "حماس"، أو بسبب الخشية من ردة الفعل الإسرائيلية العنيفة على ذلك، أو بسبب عدم اهتمام السلطة الفلسطينية بمواجهات شعبية من هذا الطراز، في هذه المرحلة من الحرب، وفي ظل الجهود الدولية للحؤول دون اتساع حلقة الاشتباك، الأمر الذي يمكن أن يفاقم ضعف السلطة والاستمرار في إلحاق الأذى بوضعها غير المستقر أصلاً.
  • وعلى الرغم مما تقدم، فإن هناك ارتفاعاً في نطاق الاشتباكات بين الفلسطينيين والمستوطنين في هذه الحرب، على خلفية التوتر ومشاعر الغضب الإسرائيلية نتيجة "المذبحة" التي تم تنفيذها في مستوطنات الغلاف، هؤلاء المستوطنون هم أكثر عنفاً، وأكثر توتراً، ويجبرون قوات الجيش الإسرائيلي على بذل الوقت والجهد في مهمة لا تحتل رأس قائمة اهتمامات إسرائيل. إن الروح النابضة في أوساط المتطرفين من بين المستوطنين الذين يرون في حرب قطاع غزة فرصة لخلق واقع جديد، يعيد وجود المستوطنات الإسرائيلية في قطاع غزة، وربما يؤدي إلى "مغادرة "، أو طرد الغزيين من قطاع غزة، كل هذا يدفع بالمستوطنين إلى بث الرعب في سكان الضفة الفلسطينيين، وترسيم وقائع جديدة على الأرض، بحيث يصبح من الصعب تغييرها. يبرز الازدياد الواضح في منسوب الأحداث، منذ نشوب الحرب، في إحراق السيارات، وإطلاق النار، وتكاثر الاحتكاكات العنيفة التي تخلّف الغضب والتوتر والسعي للثأر. إن مطلب الوزير سموتريتش، المقرب من المستوطنين، بمنع الفلسطينيين من قطاف الزيتون، في عزّ الموسم، يؤشر بوضوح إلى الروحية التي تنبض اليوم في النشاطات اليهودية في الضفة الغربية.
  • يثير هذا الأمر قلق أصدقاء إسرائيل، ويمكن أن يؤثر في ساحات أُخرى خارج الحيز الفلسطيني. فالرئيس بايدن، الذي يقدم دعماً واسع النطاق بحدود غير مسبوقة، للحرب التي تخوضها إسرائيل في قطاع غزة، طالب بمنع حصول مثل هذه الظواهر، وادّعى أن الأمر يمثل صبّ الزيت على النار. كما أن كلاً من رئيس هيئة الأركان، ورئيس جهاز الشاباك، عبّرا عن قلقهما إزاء ارتفاع منسوب هذه الاشتباكات، وطالبا بتدخّل مجلس الكابينيت ووزرائه للحد من هذه الظاهرة. إن حقيقة توزيع كثير من الأسلحة الفردية على فرق التأهب في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، وبعض هذه الأسلحة تم توزيعه على فئة "الحريديين" الذين يتماهون، أيديولوجياً، مع تصورات المستوطنين، والذين خضعوا لدورات تأهيلية قصيرة جداً على استخدام السلاح، وهم يمسكون بالسلاح لأول مرة، تشجّع هي أيضاً الروح التي تحرك جمهور المستوطنين في الضفة الغربية.
  • إن الحؤول دون الاحتكاك بين المستوطنين والفلسطينيين في الضفة الغربية، ومحاولة الحفاظ على روتين الحياة فيها، هما مفتاح عدم انتشار حلقة الحرب إلى جبهات أُخرى، وتعزيز الهدوء الذي لا يزال سائداً في أوساط مواطني إسرائيل من العرب.
 

المزيد ضمن العدد