تصدّعات مخيفة: يتعين على إسرائيل الحرص على علاقاتها مع مصر بعد الحرب
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

  • فاجأ هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر مجموعة كبيرة من الدول، إحداها مصر، إذ إن التطورات في قطاع غزة لها تداعيات مباشرة عليها. وبعكس المواجهات السابقة، حين تمكنت إسرائيل ومصر من التعاون من أجل التوصل إلى إنهاء جولة العنف الدائر، هذه المرة، تبدو الأمور مختلفة.
  • هناك 3 عوامل أساسية في أساس القلق العميق في مصر: الأول، له علاقة بقوة الرد الإسرائيلي الذي أدى إلى سقوط عدد كبير من الإصابات وسط المدنيين في القطاع، وتسبب بدمار هائل وغير مسبوق. وهو يتعلق بصورة أساسية بالشارع المصري والخوف من الضغوط الداخلية التي تغلي منذ الآن. يجب أن نتذكر أنه من المنتظر إجراء الانتخابات الرئاسية في مصر في الشهر المقبل.
  • العامل الثاني للقلق، لا يجري التعبير عنه علناً، وهو أن تخرج "حماس" من الحرب بإنجازات كبيرة، وهو ما يؤدي إلى تقوية الإسلام السياسي في المنطقة كلها، وفي مصر على وجه الخصوص. قد يبدو أن هناك تناقضاً معيناً بين العاملين الأول والثاني، لكن هذا التوتر يزيد في الضيق الذي تعانيه القاهرة.
  • العامل الثالث، وهو تطور جديد: التقارير التي تتحدث عن نية إسرائيل تهجير الفلسطينيين من القطاع إلى سيناء، ضمن "صفقة رزمة"، تُشطب فيها ديون مصر الكبيرة، في مقابل موافقتها على استيعاب اللاجئين. التصريحات الإسرائيلية وتقرير وزارة الاستخبارات (على الرغم من أهميته الضئيلة في منظومة اتخاذ القرارات)، والتي تحدثت عن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر، تخدم مصالح بعيدة المدى لإسرائيل، ووضعت القاهرة في داخل زوبعة حقيقية.
  • لقد قال الرئيس السيسي، بحزم، إن مصر لن تسمح بذلك، وإذا دعا الشعب المصري للدفاع عن المصلحة الوطنية "فالملايين سيفعلون ذلك". وشدّد وزير الخارجية المصري على أن مصر لا تريد أن تتحدث عن الموضوع، لا مع إسرائيل، ولا مع أي طرف آخر يطرح هذا الاقتراح السخيف". وأضاف: "تشجيع هجرة سكان قطاع غزة إلى مصر يتعارض مع القانون الدولي".
  • وفي الواقع، منذ نشوب الحرب لم تجرِ أي أحاديث بين رئيس الحكومة والرئيس المصري، أو بين مستويات أُخرى رفيعة المستوى، وظلت الاتصالات في مستويات العمل في المنظومة الأمنية. ويدل هذا على البرودة بين الدولتين. التوضيح الذي جاء من واشنطن بأن الولايات المتحدة تتمسك بحل الدولتين وتعارض طرد الفلسطينيين من القطاع، استُقبل بإيجابية، لكنه لم يهدّىء الأجواء في القاهرة. وسائل التواصل الاجتماعي في مصر تضج بهذه المسألة، والنظام يسمح بذلك ويشجعه.
  • وما يفاقم الصورة الأزمة العميقة التي يعانيها الاقتصاد المصري. أسعار المحروقات على أنواعها (باستثناء السولار) ارتفعت بنسبة 15%، وهناك تخوّف من ارتفاع إضافي في الأسعار، على الرغم من توضيح الحكومة المصرية أنها تنوي خفض أسعار السلع الأساسية. وكانت وكالة التأمين فيتس خفضت تصنيف مصر إلى الدرجة B.
  • أيضاً لا يبدو مجال الطاقة مشرقاً، ولا سيما بعد توقّف استخراج الغاز من حقل تمار، وهو الحقل الأساسي لتصدير الغاز المصري، جرّاء الحرب في الجنوب. وقيل إن التصدير المصري يجري عبر الأردن، وأن إسرائيل وافقت على زيادة استخراج الغاز من "كاريش"، لكن وفقاً للتقديرات، انخفض توريد الغاز من مصر بنحو 70%(!) منذ بداية الحرب. وتجدر الإشارة إلى أن مصر بحاجة ماسة إلى الغاز من أجل السوق المحلية، وبحاجة إلى التصدير إلى أوروبا من أجل الحصول على عملة أجنبية ضرورية لخزانة الدولة.
  • في ضوء القلق والضغط المتزايدَين في القاهرة، والأزمة الاقتصادية، تزداد المخاوف من خطوات مصرية يمكن أن تُلحق الضرر بمنظومة العلاقات مع إسرائيل. استدعاء السفير الأردني في إسرائيل للتشاور خطوة دبلوماسية معروفة وتعبّر عن الاستياء، ويمكن أن تزيد في الضغط على النظام المصري لاتخاذ خطوة مشابهة.
  • يتعين على إسرائيل أن تدرس بجدية عواقب الحرب على العلاقة مع القاهرة. الالتقاء في المصالح مع مصر قوي، لكن تظهر الآن تصدّعات مقلقة. في أساسها عدم الثقة بأهداف الحرب، وباليوم التالي. في القاهرة، ليسوا متأكدين من أن إسقاط حُكم "حماس" هو هدف واقعي، وكيف سينعكس على مصالحهم.
  • إن التخوف من نية إسرائيل تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء، يزيد في التساؤلات في القاهرة. المطلوب إجراء حوار سرّي يوضح هذه القضايا بصورة تسمح بالتعاون الآن، وفي اليوم التالي. كما أن رسائل علنية بهذا الخصوص، هي أمر ضروري، على الرغم من أهمية المحافظة على غموض المعركة. ففي نهاية الأمر، لا بديل من العمل المشترك مع مصر بشأن قطاع غزة وخارجه.
 

المزيد ضمن العدد