هذه الصفقة هي إحدى الصفقات الأكثر استحقاقاً في تاريخ إسرائيل
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • يكون من المعتاد، أحياناً، أن يكتب المرء عن مدى صعوبة اتخاذ قرار ما. هذه الطريقة في الكتابة تُعتبر شديدة الحذر، لا بل جبانة، لأنها تعظّم من شأن الخيارات المختلفة الملقاة جانباً، والمخاطر المرتبطة بها. أما الآن، فإن القرار الذي سيتعين على الحكومة اتخاذه هذا المساء (الثلاثاء)، ليس "سهلاً". لا شيء سهل في حرب وجودية، وخصوصاً بعد كارثة ومجزرة السابع من تشرين الأول/أكتوبر. لكن هذا القرار مفهوم ضمناً. إنه واضح بأشد ما تتوفر حاجة إلى الوضوح. هذا القرار هو أحد أكثر القرارات استحقاقاً، تتخذه حكومة إسرائيلية في تاريخ البلد. نعم، من شأن ما يترتب على هذا القرار أن يكون خطِراً، حتى من ناحية عسكرية، لكن من الواضح تماماً، أنه القرار الذي يتعين علينا اتخاذه.
  • في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، أخفقت إسرائيل، وأخفقت منظومتها الأمنية، في الإيفاء بأحد المكونات الأكثر أساسية في وجود الدولة، أي دولة: توفير الحد الأدنى من الأمن الشخصي لمواطنيها. لقد قُتل أكثر من ألف مواطن، وخُطف أكثر من 200 "تم اغتصاب النساء والفتيات، ونهب المنازل"، وها نحن نجد حقيقة وجود إسرائيليين في أنفاق غزة في هذه اللحظة. أطفال ورضّع، ومسنّون، ونساء، وجنديات وجنود شباب. إن محاولات الدجالين والمتطرفين إظهار المناقشة كأنها مجرد حديث عن صفقة أُخرى عادية، كتلك التي وافقت إسرائيل على عقدها مع حزب الله، أو صفقة إطلاق سراح جلعاد شاليط، هي محاولات نذلة، وكاذبة، وخطِرة. هذه ليست مجرد "صفقة أُخرى". نحن نتحدث هنا عن مواطنين، وبأعداد كبيرة جداً. حياة هؤلاء في خطر محقق؛ نحن نعلم على وجه التأكيد، وخلال الأيام العشرة الماضية، بوجود قتيلتين من المخطوفين، هما نوعا مرتسيانو ويهوديت فايس، ليرحمهما الله.
  • هناك ثمن لهذه الصفقة. يتمثل الثمن في التوقف الموقت لهذه الحرب الأكثر عدالةً في تاريخنا منذ حرب يوم الغفران. سيوفر هذا التوقف وقتاً لحركة "حماس" لكي تنظّم صفوفها، ومحاولة أخذ زمام المبادرة. علينا أن نفكر في هذا الثمن على النحو التالي: لقد تم تحديد الثمن في تمام الساعة السادسة والنصف من صبيحة السابع من تشرين الأول/أكتوبر. لأنه إذا لم نتمكن من حماية مئات المواطنين من الخطف، ولم نتمكن من حماية المواطنين من القتل، فإن خياراتنا ستكون، بالضرورة، سيئة.
  • إن التعبير عن التضامن لا يجري في اللحظات السهلة، بل بالعكس. تتمثل أعلى قيَم هذه الدولة في حماية حياة مواطنيها. اتصل بي في نهاية الأسبوع الماضي ضابط عسكري رفيع سابق، وهو شخص يتمتع بامتيازات استثنائية، ولم تكن له أي علاقة بالإخفاق في السابع من تشرين الأول/أكتوبر. لقد قتل هذا الرجل ما يكفي من "المخربين"، وهو وثيق المعرفة بالمنظومة الأمنية. عندما اتصل بي، كان مهزوزاً، وعازماً، وغاضباً جداً، حين تحدث عن الإهمال المتمثل في التأجيل الموقت (حتى الموقت!)، للتوصل إلى تفاهُم يضمن عودة الأطفال، والنساء، والمواطنين. وكاد صوته يتحول إلى صراخ.
  • قال لي الرجل: "لا أصدّق أننا لا نقوم بذلك بأسرع ما يمكن. هل أصابنا الجنون؟ هل فقدنا عقلنا؟ هناك أطفال إسرائيليون هناك، فما الذي نحن محتارون بشأنه. لماذا نؤجل؟ لماذا نرفض إطلاق سراح 'القتَلة'. هل نتساءل عن ثمن إطلاق سراح عدد محدود من النساء والأطفال؟ هل نتردد بشأن ضمان بضعة أيام من الهدنة؟ حسناً، أنا أقول لك إن الجيش الإسرائيلي يعرف، وسيعرف مستقبلاً، كيف يحل هذه المسألة. وإن كنا عازمين على تصفية يحيى السنوار، فإن هذه الصفقة لن تعترضنا. أما إذا كنا غير مصممين على فعل ذلك، فما من شيء سيساعدنا".
  • مَن لا يقبل حجّة التضامن التي سقناها، عليه أن يواجه حجّة هذا العسكري المخضرم، وإلى جانبها حجّة المنظومة الأمنية الحالية: توصي المنظومة بالموافقة على الصفقة. هل ستضمن الموافقة أن الصفقة نفسها لن تتعقد؟ هذا احتمال وارد طبعاً. فجميعنا يعلم بأن السنوار "قاتل رعديد"، وأنه سيقوم بكل ما يمكنه من ألاعيب شريرة لكي يطيل أمد الهدنة، ولكي يضرب الجيش الإسرائيلي. ستعيد حركة "حماس" تسليح رجالها، وسيمكنها أن تتنفس الهواء. لكن علينا أن ندرك أننا، منذ عقدنا العزم على هدف تدمير حركة "حماس"، ووضعنا هذا الهدف في قلب الإجماع الإسرائيلي، فإن الأمور ستكون أبسط مما نعتقده بكثير، ذلك بأن الهدف محدد.
  • موقف المهنيين في المنظومة الأمنية واضح: نحن بحاجة إلى إعادة مَن يمكننا استعادته، ومواصلة تدمير حركة "حماس"، حتى آخر مخبأ من مخابئها، وإذا سنحت لنا فرصة في أثناء القتال، لاسترجاع المزيد، من خلال العمل العسكري، أو من خلال صفقة إضافية، فعلينا أن نوافق عليها أيضاً. لا يقتصر مَن يتبنون هذا الموقف على الجنرالات الجالسين في هيئة الأركان، بل أيضاً الضباط في الميدان. دعوني أقتبس لكم ما قاله قائد كتيبة، قاتل وفقد العشرات من جنوده في السابع من تشرين الأول/أكتوبر: "إن كان هناك حاجة إلى الأمر، فأطلقوا سراح جميع سجنائهم، لكي نتمكن من استعادة جميع المخطوفين"، وأضاف قائلاً: "اعتمدوا علينا، نحن سنعثر على جميع ’المخربين’ الذين تم إطلاق سراحهم، وسنقتلهم، واحداً في إثر الآخر".
  • كلا، هذا الأمر ليس سهلاً. لا يوجد أمر سهل بعد صبيحة "السبت الأسود". هل من الممكن أن تنهار عملية استعادة المخطوفين؟ نعم. هل يُحتمل أن يُراكم ذلك المصاعب أمام استمرار الجيش الإسرائيلي، في ظل وجود تحركات دولية معينة؟ هل يُحتمل أن يجد السنوار "فجأة" مزيداً من المخطوفين، ويطلب مزيداً من أيام الهدنة؟ هل يُحتمل "عدم عثوره" على مَن وعد بإطلاق سراحهم؟ كل شيء ممكن. لا يوجد هنا إيمان ساذج. كما أنه لا يوجد تجاهُل للأثمان المؤلمة التي سنضطر إلى دفعها.
  • علينا توجيه السؤال التالي: ما الذي سنقوله لأنفسنا إن لم نحاول؟ هل سنجرؤ على أن نقول لأنفسنا إننا تركنا الطفل يائير بيبس، الذي يبلغ من العمر عشرة أشهر في أسر حركة "حماس"؟ أننا تخلينا عن فرصة استعادة أفيغايل عيدان، البالغة من العمر ثلاثة أعوام، والتي شاهدت مقتل والديها، وبدأت بالركض، وهي مغطاة بدم أبيها، روعي عيدان، إلى منزل الجيران، فتم خطفها معهم؟
  • إن النظر في هذه الاعتبارات المتعلقة باستعادة المواطنين ليس أمراً عاطفياً، وهو لا يجعل إسرائيل ضعيفة، بل بالعكس. إن أي شخص يفكر بصورة استراتيجية وموضوعية، بمعزل عن التفكير في الأطفال، والعائلات، والأمهات، والمسنين الذين قاموا ببناء هذه الدولة، والذين هم الآن في قبضة "الحوَش"، يفكر بصورة منفصلة عن المجتمع الإسرائيلي، عن "التعاقد الإسرائيلي"، هذا التعاقد الذي جعلنا مختلفين عن أعدائنا. إن روح التضامن، والإصرار على القيام بكل ما يجب القيام به، سواء أكان عسكرياً أم دبلوماسياً، هما مكوّنان أساسيان في الصمود الإسرائيلي. وهذا الصمود هو ما يتيح للجيش الإسرائيلي القتال اليوم، حتى النهاية. ومَن لا يثق بهذا التعاقد، ولا يثق سوى بالقوة العسكرية، فقد تخلى عن مكون شديد الأهمية من مكوناتنا. لماذا قاتل الجنود ويقاتلون في قطاع غزة، في الوقت الذي أكتب أنا هذه الكلمات؟ إنهم يقاتلون من أجل الإسرائيليين، ومن أجل العائلات، وضمنها العائلات التي تتمزق نياط قلوبها بمرور كل ساعة على أعزائها، وأطفالها، وهم في قبضة آلة الموت الحمساوية.
  • حتى لو أردنا النظر إلى مسألة استعادة المخطوفين بصفتها صفقة، بنظرة موضوعية وباردة تماماً، فإن قبول هذه الصفقة واجب. هذه الصفقة تنطوي على عائد مهم، لعله من أهم العوائد التي تنطوي عليها الخيارات المطروحة علينا. فالأسرى الفلسطينيون الذين سيتم إطلاق سراحهم غير مهمّين. إن المقابل الأساسي بالنسبة إلى حركة "حماس" اليوم هو وقف إطلاق النار. إن جنودنا الذين سقطوا في المعارك منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، هم الذين تمكنوا من تحقيق هذا الإنجاز المتمثل في إمكان استعادة الأسرى الإسرائيليين المخطوفين أحياء.
  • إن قبول الصفقة هو أمر بديهي، حتى إن معارضيها في الحكومة، مهما كانوا متطرفين وشعبويين، يعرفون ذلك. ولهذا السبب، هم يرفضونها، لأنهم يعرفون بأن صوتهم لا يؤثر. خذوا هذا المثال: هل تعتقدون أن العالم سيصغي إلينا إذا رفضنا الموافقة على الصفقة؟ هل تعتقدون أن حملتنا العالمية الداعية إلى استعادة جميع المخطوفين ستنجح، إذا نشرت وسائل الإعلام العالمية أننا رفضنا استعادة العشرات من المخطوفين، وضمنهم أطفال؟ بصفتي شخصاً يفهم في الإعلام العالمي بصورة ممتازة، فإن الرفض سيحطم موقف إسرائيل. أما من ناحية صورتها، فستظهر الدولة كلّها كما لو كانت بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير: متطرفة، ومفتقرة إلى التعاطف. وهذه ليست إسرائيل حقاً.
  • الإسرائيليون ليسوا ساذجين. جميعهم يعلم بأننا مقبلون على أيام مؤلمة، تتخللها انفراجات طفيفة. ستتمثل هذه الانفراجات في لحظات استعادة بعض المخطوفين. أما العذابات، فسترافقنا طوال الوقت: الانتظار، التلاعب، انعدام يقين عائلات المخطوفين حتى اللحظة الأخيرة، خيبة الأمل الفظيعة التي ستجتاح كل مَن يظل أعزّاؤهم هناك.
  • أمر أخير ينبغي لنا أن نعيد التشديد عليه: يجب تدمير القوة العسكرية لحركة "حماس". يجب أن ندمر آخر مخابئهم، وآخر قذائفهم. علينا ألّا نتنازل، وعلينا ألّا نقول إن هذا الأمر غير ممكن الآن، وأن الظروف قد تغيرت، وألّا نكذب على أنفسنا ونقول إن حركة "حماس" تعرضت لضربة، أو أنها تلقت درساً. علينا أن نبيد "حماس" بحق. وعلى طريق هذه الإبادة، علينا أن نحاول، بكافة الوسائل، إنقاذ مَن تم خطفه من صفوفنا. علينا أن ننقذ ما يمكننا إنقاذه من نفوسنا.

بنود الاتفاقية مع حركة "حماس":

  • يجري إطلاق سراح خمسين مخطوفاً، من النساء والأطفال، خلال أيام الهدنة الأربعة الأولى.
  • تقوم إسرائيل بإطلاق سراح نحو 150 أسيراً فلسطينياً، من الفتيان والنساء، ممن لم تجرِ إدانتهم بأعمال قتل إسرائيليين.
  • تتلقى إسرائيل قائمة بأسماء المفرَج عنهم، في كل نبضة تسريح للمخطوفين، عشية تسريحهم.
  • بعد ذلك، تقوم حركة "حماس" بإطلاق سراح مخطوفين إضافيين، وتحصل على 3 أسرى فلسطينيين في مقابل كل مخطوف، ويوم هدنة لكل عشرة مخطوفين.
  • لن يكون في إمكان الجيش الإسرائيلي العمل من الجو في قطاع غزة على مدار ست ساعات، في كل يوم هدنة.
  • ستقوم حركة "حماس" بدفع "ثمن باهظ" لقاء أي خرق لقرارات وقف إطلاق النار.
 

المزيد ضمن العدد