على مشارف تجدُّد القتال: ضربة عسكرية إلى جانب المساعدات الإنسانية
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

  • يستعد الجيش الإسرائيلي لتجدُّد الأعمال القتالية، في وقت بات من الواضح أن تحقيق أهداف الحرب فيما يتعلق بتفكيك البنية التحتية العسكرية والسلطوية لحركة "حماس"، يستوجب تحقيق ضربة عسكرية تفكك أيضاً جنوب القطاع، في الحيز الموجود بين خانيونس من جهة، ورفح ومحور فيلاديلفي من جهة أُخرى. يمكن الافتراض أن الجيش الإسرائيلي قام بعمليات تعلّم واستخلاص عِبر قد تحسّن النجاعة العملياتية لنشاطه في قطاع غزة. وعلى الرغم من ذلك، فإن المسألة الإنسانية باتت بحاجة إلى مقاربة خاصة الآن.
  • استوعب الجيش الإسرائيلي، طوال الأعوام الماضية، أهمية المكوّن السكاني، بصفته مكوناً عسكرياً بامتياز خلال العمليات القتالية، والذي يجب إيجاد حلول مهنية له من أجل تقليل إمكان وقوع أحداث في الحيز المدني من القتال، يمكن أن تشوش مسار القتال، وفي ظروف معينة، يمكن أن تؤدي إلى وقف القتال، كما جرى في الماضي في عدة حالات على مدار العقدين الماضيَين. ولذا، فإن الجيش مطالَب بالتحرك في الوقت الذي يبذل أقصى طاقته لضمان عدم المساس بسكان قطاع غزة المدنيين، الذين لا يشكلون جزءاً من المنظومة العسكرية والسلطوية لحركة "حماس"، والذين لا يساعدون الحركة في القتال.
  • بناءً على ما تقدم، هناك حاجة الآن إلى بذل الجهود في مسارين متوازيَين: المسار الأول، هو بذل الجهد العملياتي الهائل من أجل الاستمرار في تدمير جميع مراكز الثقل الخاصة بالبنى التحتية العسكرية والسلطوية لحركة "حماس"، في حين أن المسار الثاني يتمثل في بذل الجهود لتوفير المساعدات الإنسانية في المجال الذي يدور فيه القتال. لا يوجد تناقُض هنا، بل بالعكس، فهما يكمّلان بعضهما البعض، إذ سيساعد الجهد الإنساني في تعزيز وتحسين الجهد العسكري.
  • على سبيل المثال، من المهم استخلاص العبر من حصار مستشفى الشفاء في قطاع غزة، والامتناع من تكرار نمط العمل ذاته قبالة مستشفى ناصر في خانيونس. في هذه الحالة، المقصود أيضاً مجمّع طبي كبير، وهو المجمّع الطبي الأكبر في منطقة جنوب قطاع غزة بأسره، وهو مكون من ثلاثة مستشفيات، يوجد فيها مرضى، وجرحى، وآلاف المواطنين الباحثين عن ملجأ في محيط المجمّع.
  • أظهرت الدروس المستقاة من العملية التي جرت في مستشفى الشفاء، أن الجيش الإسرائيلي كرّس وقتاً وقوات كبيرَين لإنجاز عملية إخلاء المستشفى. ويجب إعادة النظر والتفكير في نشاط مختلف الآن. مثلاً، سيكون من الأصح، بالنسبة إلى إسرائيل، الاستعداد لإنشاء مستشفى ميداني شرقي خانيونس. سيكون في إمكان كثيرين من المرضى في مستشفى ناصر التوجه إلى هذا المستشفى الذي سيقوم الجيش الإسرائيلي بإنشائه. سيكون من الأصح محاصرة محيط المستشفى من دون محاولة الدخول إليه في المراحل الأولى من القتال، والتركيز على الضربة العسكرية للبنى التحتية الأُخرى التابعة لحركة "حماس" في ذلك الحيز، وهناك كثير من تلك البنى التحتية هناك.
  • إلى جانب هذا، وبالتزامن معه، ومع دخول قوات الجيش الإسرائيلي إلى المنطقة، يجب على إسرائيل تحريك قافلة طويلة من شاحنات المساعدات الإنسانية التي تحتوي على المستلزمات الأساسية، في اتجاه معبر كيرم شالوم [معبر كرم أبي سالم، الواقع في أقصى جنوب جدار الفصل بين قطاع غزة وبقية فلسطين المحتلة، وقد تم اعتماده منذ سنوات كمعبر البضائع البري الرئيسي إلى قطاع غزة]، حيث يمكن لهذه الشاحنات تفريغ المساعدات الإنسانية التي يمكن نقلها إلى جنوب قطاع غزة، وإيصالها إلى التجمعات التي يوجد فيها مواطنون غير ضالعين في أعمال القتال، والتي يبدو أنه سيصل إليها مدنيون آخرون من مناطق القتال الجنوبية. يمكن نقل هذه المساعدات الإنسانية إلى تلك المرافق بواسطة الشاحنات المصرية، بطريقة متتالية، شرط أن يقتصر نقلها إلى تجمعات السكان المدنيين في جنوب القطاع، والتي يحددها الجيش الإسرائيلي. وذلك بهدف الحؤول دون تسرّب السكان إلى وسط قطاع غزة، وإلى شماله أيضاً.
  • هذه الأنواع من النشاطات يمكن أن تمثل تطبيقاً لمثَل "درهم وقاية خير من قنطار علاج"، وتقلّص القيود التي قد تفرضها الإدارة الأميركية على إسرائيل، وتهدئ الانتقادات الدولية. في هذا النوع من الاستعدادات المسبقة، ستقوم إسرائيل بترسيخ شرعية استمرار الحرب، وادعاءاتها أنها تركز جهودها على حركة "حماس" و"المنظمات الإرهابية"، لا ضد المواطنين غير الضالعين في أعمال القتال. إن خطوات من هذا النوع من شأنها أن تثبت، بصورة فُضلى، الجهد الحربي الإسرائيلي، وأن توفر في الوقت ذاته، وقتاً أطول للعمل العسكري المطلوب، الذي يتطلب بقاءً طويلاً في الميدان.
 

المزيد ضمن العدد