حزب الله لن يجتهد في الرد على الاغتيال. "حماس" ستبحث عن انتقام على الرغم من انخفاض قدراتها
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • اغتيال صالح العاروري يُعتبر ضربة قوية لقدرة "حماس" على العمل ضد إسرائيل في الضفة الغربية، وعمليات إطلاق الصواريخ وتنفيذ الهجمات، انطلاقاً من الجنوب اللبناني وسورية. لقد كان العاروري المبادِر والمنسّق للهجمات "الإرهابية" وحرب العصابات ضد إسرائيل في هذَين الميدانَين منذ إطلاق سراحه من السجن الإسرائيلي في آذار/مارس 2010. وطوال الأعوام الـ 13 التي مضت منذ الإفراج عنه، تمكن الرجل من مراكمة قوة سياسية، والارتقاء في قيادة "حماس"، بفضل قدرته على المبادرة، والتحريض، والتخطيط لهجمات ضد إسرائيل، انطلاقاً من الأماكن التي يعيش فيها، مثل تركيا وسورية ولبنان.
  • تم إبعاد العاروري عدة مرات من الدول التي لجأ إليها، لكن مكانته في التنظيم لم تتضرر بفضل قدرته الدائمة على المبادرة إلى تنفيذ هجمات فتاكة. لقد لمع نجم العاروري مؤخراً نتيجة العلاقات التي نجح في نسجها مع أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، إلى حد جعل العاروري يضع مجموعة من ناشطي "حماس" في مخيمات اللاجئين في الجنوب اللبناني، في محيط مدينتَي صور وصيدا، في خدمة حزب الله. أمّا السيناريو المتوقع الآن، بعد التصفية، فهو أن هذه المجموعات ستقوم بمهاجمة إسرائيل.
  • لقد تمكن العاروري من تحويل "حماس" إلى وكيلة تنفّذ أعمالاً باسم حزب الله، فعندما لا يرغب نصر الله في مواجهة إسرائيل بصورة مباشرة، يفضل أن يقوم عناصر "حماس" بالمهمة، كما جرى في حالات عديدة من إطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية في الفترة 2022-2023.
  • وصل الأمر إلى قيام نصر الله بمنح العاروري ورجاله سمة منظمة فلسطينية ذات علاقات فريدة مع التنظيم اللبناني، وهو ما أتاح للعاروري نقل مكتبه ومنزله إلى قلب الضاحية في بيروت، حيث توجد مكاتب ومقرات نصر الله نفسه. علينا أن نتذكر أن العاروري مسلم سنّي، في حين أن حزب الله هو تنظيم شيعي، ولذا، فإن العلاقات الوثيقة التي نسجها الرجل مع قيادة حزب الله، وقيامه بتحويل عناصر تنظيمه في لبنان وسورية إلى وكلاء للحزب، منحاه حصانة من الأذى، بحسب قواعد اللعبة المعمول بها بين إسرائيل وحزب الله، بسبب وجوده في قلب المعقل السياسي والعسكري لحزب الله في لبنان.
  • لكن قواعد اللعبة تغيرت بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وصار العاروري، على الرغم من وجوده في ظل حزب الله، وفي قلب منطقته المحمية في بيروت، محكوماً عليه بالموت لأسباب، من ضمنها النشاطات العسكرية التي بادر إليها، وخصوصاً في الضفة الغربية والأراضي اللبنانية، وكذلك بسبب مكانته الرفيعة في حركة "حماس"، بعد أن أعلنت إسرائيل أنها تعتزم القضاء على هؤلاء المسؤولين، بغض النظر عن أماكن وجودهم.
  • ستكون النتيجة المباشرة المترتبة على اغتيال العاروري شعور قيادات "حماس" السياسية، الموجودة الآن في قطر، بأنها ملاحَقة، وعلى رأسها رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية، الذي شغل العاروري منصب نائبه، إلى جانب موسى أبو مرزوق الذي حلّ العاروري محله في التنظيم، وقيادات أُخرى من "حماس" تعيش في خارج قطاع غزة.
  • قد يكون للاغتيال تأثير في استعداد "حماس" لتنفيذ صفقة تبادُل. بل من المحتمل أن تقوم القيادة السياسية للحركة، التي تعيش في قطر وتتحاور مع المصريين، بالضغط على السنوار من أجل تنفيذ صفقة تبادُل، بحيث يتمثل أحد بنودها في توفير الحصانة لقيادة "حماس" من الاغتيالات الإسرائيلية. من شأن "حماس" أن تطلب إدراج مثل هذا البند في صفقة تبادُل، كما أن السنوار نفسه قد يكون معنياً بوجود بند يحميه من الاغتيال.
  • لقد قامت "حماس"، عملياً، بالرد على الاغتيال بتجميد المفاوضات بشأن صفقة الرهائن، لكن إسرائيل لم تأبه للأمر، فهي تقدّر أن اغتيال العاروري بالذات يساعد، في نهاية المطاف، في الدفع قدماً بالمحادثات، لأن الاغتيال يمثل زيادة في الضغط العسكري على "حماس".
  • رفع الجيش الإسرائيلي من جاهزيته، وخصوصاً في مجال منظومات الإنذار، وهناك استعداد لتغيير الوضع في الجبهة الداخلية، في حال قرر حزب الله الرد على الاغتيال. من المتوقع أن يقوم حزب الله بتهديد إسرائيل بالرد على الاغتيال، لأن اغتيال العاروري، الذي كان تحت حماية نصر الله، ومقرباً من الإيرانيين، يمسّ بصورة كبيرة بهيبة الحزب وشعور قيادته بالقدرة على ردع إسرائيل. والآن، بات من الواضح أن الوضع الذي كان سائداً حتى صبيحة السابع من تشرين الأول/أكتوبر، لم يعد سارياً أيضاً، حتى بشأن حالة الردع المتبادل بين إسرائيل وحزب الله، وهو ردع تآكل على الجانبين.
  • من المعقول الافتراض أن حزب الله لن يقوم بعملية كبيرة، لكنه سيحاول تنفيذ هجمة ما من الجنوب اللبناني، فإذا نجح في قتل جنود، أو مدنيين إسرائيليين، أو إحداث تدمير كبير في الأراضي الإسرائيلية، فسيعلن الحزب أن هذا هو الرد على عملية الاغتيال. لكن حزب الله لن يكسر جميع القواعد وينطلق نحو حرب شاملة. علينا أن نتذكر أن الجيش قضى على أكثر من 10 من عناصر "حماس" عملوا في خدمة حزب الله مؤخراً، وقاموا بإطلاق صواريخ وقذائف هاون على الأراضي الإسرائيلية، بل حاولوا اقتحام الحدود لتنفيذ عملية. لم يُدرج حزب الله أسماء هؤلاء في قائمة قتلاه المنشورة، ولذا، من المحتمل جداً أن يواصل الصمت إزاء مسألة اغتيال العاروري أيضاً. هذان هما السيناريوهان المحتملان فيما يتعلق بردّ حزب الله على عملية الاغتيال.
  • وفي المقابل، ستحاول "حماس" الانتقام لاغتيال العاروري بإطلاق الصواريخ المتبقية لديها في غزة في اتجاه وسط البلد وسهله الساحلي، ومن المحتمل أن نشهد عدة محاولات لتنفيذ هجمات في الضفة الغربية، وحتى خارج الحدود، في الأماكن التي يوجد فيها ناشطون من "حماس" قادرون على العمل، على غرار تركيا. وفي أي حال، يشكل الاغتيال ضربة معنوية قاسية للحركة، ومن المعقول، طبعاً، الافتراض أن الأمر لن يدفع فقط "مخربي حماس،" الذين ما زالوا يعملون في القطاع، إلى مراجعة حساباتهم، بل قد يدفع يحيى السنوار إلى الإدراك أن فرص بقائه في قيد الحياة باتت الآن مشروطة، أكثر من أي وقت مضى، بطريقته في استخدام ورقة المخطوفين التي يمسكها في يده. ومن المحتمل أن هذا هو الهدف الذي أراد تحقيقه مَن أصدر الأمر باغتيال العاروري، في اللحظة التي بدت الفرصة الاستخباراتية سانحة وناضجة.
 

المزيد ضمن العدد