يجب أن نتجهز بشكل مختلف: المجالات التي على إسرائيل تغيير إدارتها جذرياً
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

  • عام مضى، وآخر أتى، وما زلنا، في أغلبيتنا، في خضم يوم طويل بدأ في 7 تشرين الأول/ أكتوبر. من الواضح لنا جميعاً أن إسرائيل لن تعود كما كانت عليه، إلا إن المعطيات من الأشهر الثلاثة الأولى للحرب، تسمح برسم شكل أوضح لصورة الدولة التي ستكون في الأعوام القريبة - دولة مجندة.
  • وفي خضم سلسلة الأخبار السيئة، بدأت سنة 2024 مع بشارتَين سارتَين: بالتزامن مع اغتيال صالح العاروري نائب قائد "حماس" في لبنان، أعلن بنك إسرائيل أنه يتوقع نمو الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة 2% في العام الحالي، على الرغم من استمرار الحرب. هذا التوقع يستند إلى افتراض عدم اندلاع حرب إضافية في لبنان، وسنستمر في القتال فقط في غزة، وبقوة أقل. في اعتقادي، هذا افتراض خاطئ، لكنني أحب التفاؤل الموجود فيه.
  • حتى الآن، إن التكلفة المباشرة للحرب تتعدى الـ70 مليار شيكل. في الأيام الأولى، كلّف كل يوم قتال نحو 1.4 مليار شيكل، والآن، يكلف نحو 400 مليون شيكل. وفي المعدل: تقريباً 800 مليون شيكل في كل يوم قتال. وللمقارنة: في الحرب ضد حزب الله في لبنان، من المتوقع أن يكلف كل يوم قتال مليارَي شيكل تقريباً.
  • في غزة، انتقل الجيش إلى المرحلة الثالثة من القتال في الشمال من دون إعلان، ويستمر في "تطهير" المنطقة بقوات أقل نسبياً، وترتيب المنطقة المقابلة للحدود الدولية. أمّا في جنوب القطاع، فإن القتال يستمر، وسيتم تمديده حتى نهاية كانون الثاني/يناير. بعدها، سينتقل الجنود إلى المرحلة الثالثة في جنوب القطاع أيضاً. الجيش ينوي الآن ترك القوات في الممر الذي يقسّم غزة إلى شمال وجنوب.
  • إذا استمرت الحرب في غزة، بحسب هذه الخطة، وبقوة غير كبيرة، ونبقى في الشمال في حالة دفاع فقط، فمن المتوقع أن تكون التكلفة المباشرة للحرب في هذه السنة نحو 120 مليار شيكل. هذا بالإضافة إلى ميزانية الأمن التي يُتوقع أن تتضاعف: من 64 ملياراً إلى أكثر من 100 مليار.
  • هذه الأموال ضرورية لترميم الجيش الذي استُنفد بالقتال حتى الآن، وزيادة المخزون الحربي، فضلاً عن معطى آخر صعب وحزين في الحرب: التعامل مع عائلات القتلى والمصابين. أعداد المصابين الكبيرة رفعت ميزانية إعادة التأهيل والعائلات  بنسبة 50%، من 6 مليارات في العام حتى 7 تشرين الأول/أكتوبر، إلى 9 مليارات مع بداية 2024، وأتمنى ألّا يزداد هذا المبلغ.

لن يتم تقصير الخدمة

  • الأشهر الثلاثة من الحرب أوضحت للجيش أن الأمرين المهمَّين له هما: أولاً، مخزون الذخيرة، وثانياً، قوات الاحتياط. الحرب في المناطق الآهلة في غزة تستهلك كميات كبيرة جداً من الأدوات القتالية، وفي هذا المجال، أرسل الأميركيون نحو 17 ألف طن من الذخيرة والمخازن الموجودة لديهم. الحاجة إلى الذخيرة ارتفعت في العالم كله خلال الأعوام الماضية، ويواجه المصنّعون صعوبات في التزويد، في ظل الطلب على ذخيرة المدفعية والقنابل.
  • إسرائيل لا يمكنها البقاء وقتاً طويلاً في حالة اعتماد مطلق على حُسن نيات الأميركيين، لذلك، سيتم فتح خطوط إنتاج للذخيرة الجوية خلال العام المقبل، وأيضاً توسيع خطوط إنتاج السلاح والدبابات. سيكون على الجيش أيضاً توسيع خطوط إنتاج الدبابات والمدرعات، بعد أن اتضحت الحاجة إليها في الحرب. أمّا المروحيات العسكرية، التي كان عددها سيقلّ قبل الحرب، فتُعزَّز بـ20 مروحية سيتم شراؤها من الولايات المتحدة.
  • أمّا حجم الجيش - فلا توجد حلول سحرية له. من الواضح للجميع أن خطة تقصير مدة الخدمة العسكرية ستُلغى، وستُطرح مكانها خطة لزيادة مدة الخدمة الإلزامية إلى 36 شهراً للمقاتلين على الأقل. وهو ما سيمنح الجيش 7000 جندي إضافي في العام الواحد، نصفهم من المقاتلين- هذا العدد لا يكفي لإقامة لواء جديد ناقص اليوم، لكنه يكفي لزيادة عدد جنود الهندسة والمدرعات والمدفعية والدفاع عن الحدود.
  • استمرار القتال سيحتاج أيضاً إلى منظومة دفاع جوي بجاهزية دائمة، وبعض جنود الاحتياط فيها سيتحول إلى الخدمة النظامية. هذا بالإضافة إلى منظومة المصابين في الجيش التي تستند إلى الاحتياط، ومنذ 50 عاماً، لم يتم التعامل مع أعداد كهذه- سيكبر ويتحول إلى نظامي أيضاً.
  • هذا كله يتطلب زيادة جدية في الاستثمار في الأمن، قبل الحديث عن حرب في الشمال. إسرائيل حتى 7 تشرين الأول/أكتوبر، استثمرت نحو 3.5% من خزينتها في الأمن، أقل بقليل من الولايات المتحدة، أمّا في سنة 2024، فإن هذا الاستثمار سيكبر ليصبح أكثر من 6%، وهو ما كان عليه في سنة 2008. سيكون من غير الممكن القيام بهذا الاستثمار مع قيادة مهملة، تستثمر فقط في تماسُك الائتلاف الخاص بها، وتقوم بتبذير أموال الوزارات.
  • هذا الاستثمار يتطلب أيضاً إدارة محسوبة لقوات الاحتياط، كي يتم الإبقاء على الصناعات في المجتمع الإسرائيلي والحفاظ على اقتصاد قوي. 100 ألف جندي احتياط من الذين تجندوا في بداية الحرب، عادوا إلى العمل، وإلى عائلاتهم، وحتى الآن، لا يزال هناك نحو 170 ألفاً، بعضهم سيتمكن من التحرر قريباً.

بالعودة إلى المطاعم

  • إلى جانب الأخبار الجيدة- ليس الجيش وحده الذي يعكس حالة الحصانة، بل الاقتصاد الإسرائيلي أيضاً يبدو متماسكاً. استطاع بنك إسرائيل كبح انهيار الشيكل في بداية الحرب، وأغرق الأسواق بالدولار. لا يزال استهلاكنا الشخصي منخفضاً.
  • لا أحد منا لديه الحالة المزاجية الجيدة لشراء الملابس، أو الأثاث المنزلي، لكن يوجد أيضاً معطى مشجع: الصرف في المطاعم عاد إلى المستوى الذي كان عليه في نهاية العام. سيكون علينا أن نكون مثل إسبرطة في الأعوام المقبلة، أمة مسلحة ومجندة، لكننا سنكون إسبرطة التي تأكل السوشي أيضاً.