الخلاف بين رئيس الأركان ومراقب الدولة بشأن التحقيق في أحداث 7 أكتوبر
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • أحياناً، يجب التذكير بما هو بديهي. الجيش الإسرائيلي وقادته يخوضون في الأشهر الأخيرة حرباً متعددة الجبهات من النوع الذي لم نتخيل أن الدولة يمكن أن تواجهه. القتال في غزة طويل، ولا يزال في ذروته مع أحداث كثيرة تقع في آن معاً، على الحدود الشمالية وفي الضفة الغربية وفي دول الطوق الثالث. صحيح أن هذه الحرب بدأت بأكبر إخفاق أمني شهدته دولة إسرائيل، لكن منذ ذلك الوقت، أثبت القادة أن همّهم الأول هو تحقيق النصر في كل القطاعات، واضعين جانباً العبء الصعب الذين يحملونه نتيجة فشلهم المؤلم.
  • في هذا الوقت الحساس للغاية، لا يمكن أن نفهم القرار المفاجىء لمراقب الدولة بشأن البدء بالتحقيق في هذا الوقت الذي من الواضح أن التدقيقات، حالياً، تشكل خطراً على القتال، وتؤذي تركيز القادة، وتضرّ بإنجازاتهم. من جهة، لا يمكن الموافقة على خطة مهاجمة خانيونس، ومن جهة ثانية، البحث عن مواد حساسة وخطِرة، وعن محاضر جلسات، وبالتأكيد الجلوس ساعات مع طاقم مراقب الدولة. وليس إنسانياً أن نتوقع مثلاً من قائد المنطقة الجنوبية اللواء يارون فينكلمان، أن يدخل إلى القطاع، وأن يستمع إلى ما يقوله المقاتلون، ويعطي الموافقة على خطة الاستمرار في المناورة البرية، وفي ساعات الليل، يعود إلى مراجعة الوثائق. هذا يستغرق وقتاً.
  • لذلك، يجب أن نقول، الآن وبصورة لا تحتمل الجدل، إن مضايقة القادة في أثناء القتال، يمكن أن يدفع ثمنها المقاتلون من حياتهم. فتنظيم المواد التي يطلبها مراقب الدولة من كل قائد من رتبة رائد فما فوق، يتطلب الانشغال عدة أيام بالأرشيف، بدلاً من الحرب. وعليه أن يفحص، وأن يبحث، وأن ينظّم ويتذكر ويرتب. مثلاً، لنتخيل أنه طلب من قائد فرقة غزة التوقف مدة أسبوع عن متابعة الحرب من أجل هذه الغاية. لا أحد يمكن أن يعتقد أن هذا التصرف معقول.
  • لقد كان رئيس الأركان على حق عندما بعث برسالة إلى مراقب الدولة، جاء فيها أنه في البداية، يجب إجراء تحقيق داخلي على مستوى القيادة. والطلب من الأشخاص المجيء، وفق وقتهم الخاص، كي يقولوا الحقيقة والتعلم منها. عناصر الجيش يقولون الحقيقة لقادتهم، وليس لمراقبين من الخارج. الجيش مُلزم إجراء مثل هذا النوع من التحقيق لأنه من دونه، لا يمكن له أن يستخلص الدروس الأساسية التي يمكن أن يواجهها في الساحة الشمالية، وفي ساحة الضفة الغربية.
  • بعد انتهاء التحقيق الداخلي، وبعد أن تتراجع حدة القتال، سيكون من الممكن القيام بكل التدقيقات المطلوبة وتوضيح الحقيقة من أساسها. وهنا يجب التشديد على أن تحقيق مراقب الدولة سيفرّغ عمل لجنة التحقيق الرسمية، التي يُفترض أن تحقق في أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر، من مضمونه. يجب عدم إبقاء حجر على حجر، قبل التوصل إلى إجابات قاطعة. وليس هذا ما يبحث عنه مراقب الدولة حالياً.
  • كما كشفنا في يوم الخميس في "يديعوت أحرونوت"، جمّد رئيس الأركان عمل اللجان الخارجية، في ضوء المبدأ القائل إنه لا يجوز القيام بتحقيقات خارجية قبل التحقيقات الداخلية، وليس عندما يكون القتال في ذروته. رئيس الأركان أدرك أنه أخطاً، وصحيح أيضاً أن مراقب الدولة الذي أخطأ سيعود عن خطئه، ولن يعرقل عمليات الجيش الإسرائيلي. لقد أرسل في الأمس خطاباً إلى رئيس الأركان، قال فيه إنه لا يريد أن يعرقل عمل الضباط، وهو يطالب بالحصول على وثائق فقط. وإذا كان ما يريده فقط وثائق وكل شيء موثق، فلمَ لا ينتظر حتى نهاية الحرب للحصول عليها؟
  • أمّا فيما يتعلق بالحجة الثانية لمراقب الدولة بأن القتال يشهد تراجعاً، ومن الممكن البدء بالتحقيق، يجب أن نوضح صورة الوضع في مختلف القطاعات. في الشمال، يواصل حزب الله مناوشاته مع قواتنا، وفي الأمس، أطلق مسيّرتَين مفخختَين نحو سهل الحولة. لم تقع أضرار، ولا إصابات، لكن الجيش ردّ بالتصعيد، وهاجم سلسلة أهداف، بينها المطار الذي كشف عنه وزير الدفاع في قلعة جبور.
  • في الجنوب، تخوض قوات الجيش الإسرائيلي إحدى أكبر المناورات، لقد تحركت خمسة ألوية في اتجاه غربي خانيونس، بهدف تفكيك كتائب القسّام في غربي المدينة وإنهاء القضاء على لواء الأخوَين السنوار، والضغط على قيادة "حماس" من أجل التوصل إلى صفقة تبادُل أسرى محتملة. ووفقاً للجيش، العمليات تتقدم، هناك مئات القتلى من "المخربين"، ولا يزال على الفرقة العسكرية 98 تفكيك لواء آخر من كتيبة "حماس" هناك. كما يجري تدمير البنى التحتية تحت الأرض وبنى إنتاج الصواريخ والعتاد العسكري. وتلاحظ القيادة الجنوبية حركة خروج كثيفة للسكان من خانيونس، فضلاً عن استسلام عشرات "المخربين".
  • في الضفة الغربية، الوضع أكثر إثارةً للقلق. وفي المؤسسة الأمنية يعترفون بأن الضغط الكبير الناتج من منع دخول العمال، يمكن أن يؤدي إلى نشوب انتفاضة ثالثة، والعمليات المنهجية للجيش الإسرائيلي في المدن الفلسطينية لا يراها الجمهور، على الرغم من النجاحات الكثيرة والهجمات التي لم نشهد مثيلاً لها منذ أعوام.
  • "عندما تدوّي أصوات المدافع، وما دامت العملية العسكرية جارية، فالتدقيقات يمكنها الانتظار، ويجب ألّا تعرقل سير القتال". هذا ما قاله مراقب الدولة، بعد عملية "الجرف الصامد"، القاضي (السابق) يوسف حاييم شابيرا. وكما يمكن أن تدركوا، فإن المدافع لم تصمت، ولا تزال في ذروتها، والعملية لا تزال جارية. والأجدى ألّا يكون مراقب الدولة هو الذي يعرقل سيرها، ويُلحق الضرر بالقتال في غزة، وفي القطاعات المختلفة.
 

المزيد ضمن العدد