نتنياهو يرفض الحديث عن "اليوم التالي للحرب"، وهذا إخفاق مقصود وحقيقي
تاريخ المقال
المصدر
- كعادته، يتحدث نتنياهو بلغتين، حتى خلال الحرب. يتحدث باللغة الإنكليزية، بصوت يتماشى مع الواقع ويفهم الساحة الدولية، وفيه يعترف بأنه لا يوجد لدى إسرائيل أي نية للاستيطان في غزة. أمّا الثانية، فهي العبرية، المختلفة عن الأُخرى جوهرياً، وتنتقل بين أقوال فارغة من المضمون وبين الشعبوية غير المسؤولة.
- لا يتجرأ رئيس الحكومة على أن يقول للجمهور الإسرائيلي الأقوال نفسها التي يقولها في الساحة الدولية، لأنه خائف من الشركاء والناخبين، ولا يجرؤ على قول الحقيقة لهم- المطلوب ترتيبات سياسية.
- كل مرة يجري فيها حوار جماهيري- قومي مهم، يمكن أن يُزعزع تماسُك القاعدة الشعبية الخاصة بنتنياهو، فإنه يوقفه ويكبحه، حتى لو كان الضرر أكبر على الشعب. فمن جهة، يريد أن يبدو المسؤول عن مستقبل الدولة، من دون أن يتحمل مسؤولية الفشل الذي شهدته ولايته، وفي الوقت نفسه، يرفض إجراء أي حوار بشأن المستقبل، ويتجاهل مستقبل أولادنا ومستقبل الدولة.
- نتنياهو ترك جنودنا في المعركة، من دون أي استراتيجيا سياسية، ومن دون موعد نهاية، ومن دون أهداف واضحة. في بداية الحرب، هذا كان ممكناً، برعاية الفوضى المطلقة التي خلّفها السابع من تشرين الأول/أكتوبر. الحقيقة اليوم، بعد أكثر من 3 أشهر على بدء الحرب، فإن رفْض نتنياهو الحديث عن "اليوم التالي"، هو فشل آخر حقيقي جداً.
- مَن يريد الانتصار والحسم، عليه أن يتحدث عن "اليوم التالي". هذا هو السبب وراء مطالب أجهزة الأمن بإجراء هذا الحوار الضروري. مَن يريد وقفه، يريد حالة من التردد ستدفعنا إلى واقع من القتال لا نهاية له. لا يوجد لدى نتنياهو واليمين ما يمكن طرحه لمواطني إسرائيل كبديل من القتال الأبدي واليأس، الذي يتحرك بين رؤيا إدارة الصراع وبين المسيانية التي تريد الاستيطان من جديد في "غوش قطيف"، وفي غزة كلها، من دون أي أعتراف بالإسقاطات الأمنية، أو الاقتصادية، أو المدنية، التي ستنجم عن هذه الرؤيا المجنونة.
- النصر الحقيقي والوحيد على "حماس" سيكون النقاش في "اليوم التالي للحرب" والترتيبات السياسية المرافقة له. وحدها التسوية السياسية يمكن أن تحوّل تفكيك "الإرهاب" إلى عمل ثابت وطويل، بدعم دولي.
- على دولة إسرائيل أن تكون منفتحة على المستقبل. لقد نقل بايدن إلى نتنياهو رسالة واضحة جداً- الحل السياسي هو الإمكان الوحيد المطروح على الطاولة. ويجب أن يتضمن "اليوم التالي" ترتيبات سياسية مع الفلسطينيين، تسمح لنا بتقوية تحالفات اتفاقات أبراهام وتوسيعها مع السعودية، وضمان أن المجتمع الدولي والدول العربية ستكون جزءاً من حل الأزمة في غزة، وتخلق لدولة إسرائيل حدوداً تسمح بالحسم، والهدوء، والأمن، والأفق الحقيقي للحياة هنا.
- في نهاية الحرب، ستبدأ عملية دولية لترميم القطاع. إذا لم تعرف إسرائيل كيف تحدد خطوطها في هذه الخطوة، فسيكون هذا إخفاقاً مطلقاً سنندم عليه. وحدها الترتيبات السياسية، ونزع سلاح قطاع غزة، والانفصال الحقيقي، ستسمح لنا بحياة آمنة وهادئة. لا يوجد لدى المستوى السياسي الشرعية بشأن عدم الخوض في هذه الاقتراحات الموجودة على الطاولة، أو عدم طرح أي استراتيجيا سياسية لقوات الأمن في الميدان.
- يجب على الحكومة أن تقول بشجاعة ما هي الأهداف السياسية والاستراتيجية للدولة، وخاصة تلك المتعلقة بأجهزة الأمن والجيش في عُمق القتال. هذه حياة جنودنا والرهائن. أمننا ووجودنا هنا أهم من البقاء السياسي. وبالعودة إلى ما قاله سابقاً رئيس "الشاباك" نداف أرغمان في مقابلة مع إيلانا ديان- الجيش وأجهزة الأمن يخدمون المملكة أولاً، وليس الملك.