العودة إلى غزة يجب أن تتم فقط في ظل إجماع واسع
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • مؤتمر تجديد الاستيطان الإسرائيلي في قطاع غزة أغرق الخطاب العام بالحديث عن المشروع الاستيطاني، وهو يطرح الحاجة إلى التمييز بين منطقتَين استيطانيتَين، يليق بنا اليوم التعامل مع كل منهما بصورة مختلفة: مستوطنات "غوش قطيف" وقطاع غزة من جهة، ومستوطنات "غلاف غزة" من جهة أُخرى.
  • لقد تم إخلاء مستوطنات "غوش قطيف" وقطاع غزة "ظلماً وبهتاناً"، وأنا ما زلت أبكي عليها حتى هذا اليوم. لكن علينا، في الوقت نفسه، أن نعلم بأن هذا الإخلاء تم بأمر صادر عن الحكومة الإسرائيلية، وأعتقد أن تصحيح الإجحاف [والعودة إلى استيطان غزة] لن يتم إلاّ من خلال إجماع واسع في صفوف الشعب الإسرائيلي. لقد قررت الدولة، وهذا خطأ فادح منها، سحب حدودها إلى الخلف. هذا يعني أن الدولة وحدها هي التي يناط بها قرار العودة إلى استيطان القطاع.
  • من دون إجماع واسع، فإن النقاش بشأن العودة إلى مستوطنات "غوش قطيف" سيتحول إلى استقطاب فئوي، ربما يرسم البسمة على شفاهنا، نحن المستوطنين، لكن من شأنه إعادة إشعال الاستقطاب المؤسف الذي كنا جزءاً منه إلى أن جاء يوم السبت الفظيع ذاك. ولذا، فإن عقد المؤتمر، والدعوة الآن إلى العودة إلى استيطان غزة، يثبتان أننا لم نتعلم أي شيء من الاستقطاب الهائل الذي ساد صفوفنا قبل الحرب.
  • من السهل على كل منا رؤية عيوب الآخر، ومن السهل علينا اتهام الآخر بأنه "يمزق الشعب"، أنا متأكد من أنهم "هم" أيضاً يقسمون الشعب ويشجعون كلاً من "حماس" وحزب الله، لكن علينا أن ننظر إلى أنفسنا أيضاً. كما يجب على الذين يهاجمون الداعين إلى العودة إلى "غوش قطيف" مراجعة أنفسهم بشأن دعوتهم إلى استعادة المخطوفين، وفقاً لقاعدة "الكل في مقابل الكل" [تحرير كل الأسرى المحتجزين لدى المقاومة في مقابل إطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين]، هذا المبدأ معناه، للأسف الشديد: "كلهم في مقابلنا كلّنا" [جميع الأسرى، في مقابل التخلي عن الأمن الإسرائيلي]. والأمر نفسه ينطبق أيضاً على التظاهرات التي تم تنظيمها على وجه السرعة لإغلاق مسارات أيالون [الشارع الرئيسي الذي اعتاد معارضو الحكومة الحالية إغلاقه]، وهو أمر يذكّرنا جميعاً بالاحتجاجات السياسية [المناهضة لسياسات حكومة نتنياهو].
  • لكن، بدلاً من أن نفترض أن الطرف الآخر هو المتهم بالتسبب بالانقسام، فإنني أدعو المعسكر الذي أنتمي إليه، قائلاً: يُحظر علينا ترسيخ الانقسام في صفوف الشعب في هذا الوقت. إن أي صراع يقسّم الشعب، هو في مصلحة أعدائنا، وهو يشجعهم على الاستمرار في حربهم. إن الدعوة إلى الاستيطان في قطاع غزة في هذه المرحلة، تمزق الشعب، وهذا يحدث في الوقت الذي يقاتل جنودنا، ويدفعون فاتورة الدم، حفظاً لحق شعب إسرائيل في أرضه. سنُسأل عن أفعالنا وأقوالنا، ولذا، فإننا لن نسعى للخراب، ونأمل بأن ينتهج الطرف الآخر هذا النهج أيضاً.
  • أمّا في "غلاف غزة"، في المقابل، لقد قام العدو باحتلال البلدات، و"ذبح سكانها واغتصابهم وأسرهم". وليست دولة إسرائيل، بل العدو، مَن قرر في السابع من تشرين الأول/أكتوبر خلق هذه السابقة التاريخية التي تشكل خطراً على مستقبل الوطن القومي للشعب اليهودي. يدرك أعداؤنا أن هناك فرصة لتدمير دولة إسرائيل، لا سمح الله، وليس من قبيل الصدفة أننا بتنا نسمع، اليوم أكثر من ذي قبل، هتاف "من البحر إلى النهر".
  • لقدتحدث راشي [شلومو يتسحاقي، حاخام فرنسي من العصور الوسطى، من أشهر الذين كتبوا تفسيرات التوراة والتلمود] بشأن مسألة احتلال بلدة ما، فكتب:"علينا أن نخرج إليهم حتى لا نؤخذ [بالسيف]، ومن تلك النقطة، سيسهل علينا فتح الأرض التي أمامنا"، إن سقوط "بئيري"، أو "نير عوز"، قد يكون، لا سمح الله، نذير الدمار، حسبما قال راشي: "من تلك النقطة، سيكون من السهل عليهم [الأعداء] فتح البلاد التي أمامهم". ولذا، فإن الرد القومي الضروري يجب أن يتمثّل في إعادة إحياء البلدات التي تم احتلالها والحفاظ على طابعها، بل توسيعها.
  • لسنا نحن مَن يجب إقناعنا بأهمية مستوطنات "غلاف غزة"، وعلينا أن نوضح بصوت عالٍ وواضح لجميع أعدائنا القريبين والبعيدين: لن تكسبوا شيئاً من هجومكم الشرير. إن ما ستحققونه من ذلك الهجوم هو الخسارة وحدها. إن إعادة الاستيطان، بكل "جماله ومجده وعظمته"، هو أمر يجب أن يتم في إطار تقديم التقدير الكامل للمستوطنين الذين قدموا أرواحهم فداءً لكل مستوطنة، وموشاف، وكيبوتس، ومدينة. علينا ألا نختطف الاستيطان من هؤلاء، بل أن نمد لهم أيادينا، وأن نساعدهم على النهوض من جديد، من تحت الركام، كطائر الفينيق.
  • ما دام جنودنا في الجبهة متحدين ومستعدين لبذل أرواحهم من أجل حماية الأمة، فإن جميع الخلافات التي تقسّم تتناقض مع الشعار البسيط الذي نرفعه، والذي سنواصل تحت ظلّه الحياة والتقدم إلى الأمام "معاً سننتصر" [الشعار الذي ترفعه الحكومة الإسرائيلية في حرب غزة].