كارثة أمنية: تصريحات بن غفير غير الشرعية ضد بايدن من الممكن أن تلحق ضرراً جسيماً بإسرائيل
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- يُعد تدخُّل زعماء دولة ما في انتخابات دولة أُخرى، بهدف مساعدة المرشح الذي يهمهم فوزه، خروجاً عن القواعد المتبعة في العلاقات الدولية. ومع ظهور شبكات التواصل الاجتماعي، صارت هناك دول استبدادية، على غرار روسيا، والصين، وإيران، وكوريا الشمالية، تستخدم هذه الوسائل للتأثير في الانتخابات في الديمقراطيات الليبرالية، ولضمان فوز مرشح يبدو أكثر استعداداً لدعم مصالح هذه الدول.
- لقد تدخلتْ روسيا والصين وكوريا الشمالية لمصلحة ترامب في الحملتين الانتخابيتين الرئاسيتين الأخيرتين، مفترِضين أن هذا الرجل سيقدّم تنازلات ويتعاون معهم، ولدى ترامب في الواقع علاقات ودية للغاية مع بوتين وكيم جونغ أون. ويُذكر أيضاً أن كلاً من روسيا والصين قد أثّر في الاستفتاء على "البريكست" الذي أُجري في بريطانيا سنة 2016، والذي أسفر عن خروجها من الاتحاد الأوروبي، وقد كان هدفهما في هذه الحالة إضعاف الاتحاد.
- ومنذ قيام دولة إسرائيل وحتى الآن، لم يتدخل الزعماء الإسرائيليون في انتخابات الولايات المتحدة، باستثناء الانتخابات الرئاسية الأميركية سنة 1968، حينما دعم يتسحاق رابين، الذي كان آنذاك سفير إسرائيل في واشنطن، المرشح الجمهوري ريتشارد نيكسون ضد خصمه الديمقراطي. إن "العلاقات الفريدة" التي نشأت بين الولايات المتحدة وإسرائيل قد استندت إلى حد كبير إلى دعم الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، داخل الكونغرس لإسرائيل، في إطار ما أُطلق عليه اسم " الثنائية الحزبية". ومن شأن تفضيل إسرائيل لمرشح على حساب الآخر أن يضر بهذا الدعم الثنائي، ولذا، فقد امتنع الزعماء الإسرائيليون من القيام بالأمر.
- وقام نتنياهو، على مدار الجولات الانتخابية الثلاث الأخيرة في الولايات المتحدة بخرق قواعد الحياد في الانتخابات، وقدّم دعمه إلى مرشحين جمهوريين، وحطم الدعم الثنائي، وتسبب بشقاق مع الجالية اليهودية الأميركية، التي تصوت أغلبيتها العظمى لمرشحي الحزب الديمقراطي. وفي انتخابات 2012، دعم نتنياهو ميت رومني [الجمهوري] ضد باراك أوباما، وفي كل من انتخابات 2016 و2020، دعم ترامب. والآن، يواصل بن غفير السير وفقاً لهذه السياسة المدمرة التي انتهجها نتنياهو، والتي من شأنها أن تتسبب بأضرار خطِرة لإسرائيل، وخصوصاً في هذه المرحلة التي تُعتبر إسرائيل فيها أشد تعلقاً بالولايات المتحدة عسكرياً، وسياسياً، ودبلوماسياً.
- وفي مقابلة أجرتها صحيفة "وول ستريت جورنال" مع بن غفير، قال: "بدلاً من تقديم الدعم الكامل إلينا، ينشغل بايدن بتقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة، والوقود الذي يذهب إلى ’حماس‘، ولو كان ترامب في السلطة، لكان سلوك الولايات المتحدة مختلفاً تماما." كما أعلن بن غفير تأييده لـ "التهجير الجماعي الإرادي" للغزيّين. لقد كان في إمكان بن غفير أن ينتقد سياسات بايدن، لكن إضافته التي قال فيها إنه يفضل ترامب تُعد تدخُلاً في الانتخابات، ويبدو أنه يعتقد أنه يتحدث إلى قاعدته الانتخابية عبر هذا اللقاء مع صحيفة أميركية، لكنه لا يفهم أبداً في السياسة الخارجية والسياسة الأميركية؛ فالديمقراطيون والجمهوريون لا يحبون أن تقوم جهة خارجية بمحاولة إملاء من ينتخبونه عليهم، ومن ناحية معظم هؤلاء، فإنه لا وجود لأمر اسمه "تهجير جماعي إرادي"، فالترانسفير هو الترانسفير، وهو محظور أخلاقياً وقانونياً، وهناك شك كبير في أنه لو نشبت الحرب خلال ولاية ترامب، لكان سيقدّم العون إلى إسرائيل كما فعل بايدن.
- إن تصريحات بن غفير الفاضحة وغير المسؤولة تعزز الجهات المتطرفة في الحزب الديمقراطي، وخصوصاً التقدميين الشباب، والذين يضغطون على بايدن من أجل وقف دعمه إلى إسرائيل، بما يشمل الدعم العسكري، وإن وقفاً كهذا للمساعدات سيكون كارثة على أمن إسرائيل. ويبدو أن نتنياهو يرغب أيضاً في كسب الوقت والبقاء في منصبه إلى أن يفوز ترامب في الانتخابات القريبة، وعندها، فسيعود الاثنان إلى العصر الذهبي من علاقاتهما، والتي سادت خلال ولاية ترامب الأولى.
- وإن هذا الافتراض مشكوك فيه، ويتجاهل ما قاله ترامب بشأن نتنياهو بعد خروجه من البيت الأبيض؛ إذ غضب على نتنياهو الذي هنّأ بايدن بانتصاره، على الرغم من أنه كان بين آخر القادة الذين فعلوا ذلك. والجدير بالذكر أنه وصف نتنياهو بـ"الخاسر" على خلفية "مجزرة" السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وكال المديح لحزب الله، واتهم نتنياهو بإفشال مخطط السلام الكبير الخاص به، وأكثر ما يميّز ترامب هو عدم استقراره، إذ لا يمكن توقُّع ما الذي سيفعله.
- ويأمل بوتين أن ينجح ترامب لأنه متأكد من أن الأخير سيترك أوكرانيا لمصيرها، وأيضاً جي بينج يتمنى فوز ترامب بعد أن صرّح: "إذا ما اجتاحت الصين تايوان، فلا يتعين على الولايات المتحدة حمايتها." والآن، انضم بن غفير إلى هذين الديكتاتوريَين. وهناك شك فيما إذا كان كل من الرد الضعيف من نتنياهو وجرأة آرييه درعي [زعيم حزب شاس]، الذي أشاد ببايدن، سيساعد في تقليل الأضرار التي تسبب بها بن غفير.