الهجمات الأميركية ضد أهداف موالية لإيران هل تردع طهران؟
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

  • بدأت الإدارة الأميركية في 2/2/2024 سلسلة هجمات ضد الميليشيات الموالية لإيران في العراق وسورية. وجاء هذا بعد إقدام هذه الميليشيات على شن أكثر من 160 هجوماً ضد أهداف أميركية، وأساساً، بعد مقتل 3 جنود أميركيين. وفي هذا الإطار، جرى تنفيذ أكثر من 85 هجوماً ضد أهداف، الغرض منها، وفق تحديد الولايات المتحدة، تعطيل سلاسل توريد الأسلحة إلى هذه الميليشيات. وفي موازاة ذلك، تواصل الولايات المتحدة مع بريطانيا وحلفاء آخرين عملية ضرب الحوثيين في اليمن، بما في ذلك مهاجمة عشرات الأهداف في شتى أنحاء اليمن في 3 شباط/فبراير. وفي بيان خاص صادر عن الرئيس بايدن بعد الهجمات في سورية والعراق، شدّد الرئيس على أن "هذه مجرد البداية" و"سنستمر في الوقت والمكان اللذَين نختارهما"، لكنه أضاف: "نحن لا نسعى لمواجهة في الشرق الأوسط أو في العالم."
  • وليست لدى إدارة بايدن مصلحة في الانجرار إلى مواجهة واسعة النطاق مع إيران، والأهداف المستهدفة بالهجمات تدل على هذه النيّة. وإيران أيضاً من جهتها غير معنية بمواجهة مباشرة، ولذلك، فإنه عندما ظهرت النتائج القاتلة لهجوم الميليشيات، سارع قائد فيلق القدس إلى المجيء إلى بغداد، وبعد زيارته، أعلن قائد إحدى الميليشيات، من كتائب حزب الله، التي على ما يبدو هي التي نفذت الهجوم الأخير، أن تنظيمه سيتوقف عن مهاجمة الأميركيين. وكالعادة، فقد كرر الإيرانيون توضيحهم أنهم على الرغم من مساعدتهم لهذه الميليشيات، فهُم ليسوا الذين يوجهون عملياتها، وهدد الإيرانيون واشنطن بأنها إذا شنت هجوماً داخل الأراضي الإيرانية، فإن الرد سيكون مباشراً ضد القوات الأميركية في المنطقة.
  • وتجدر الإشارة إلى أن طهران تعتبر حقيقة اتهام واشنطن لها بالهجمات، ومع ذلك، امتناعها من مهاجمة أراضيها، وإعلانها أنها لا ترغب في توسيع الحرب إنجازاً. وفي تقدير الإيرانيين، فإنهم ينجحون في ردع الولايات المتحدة، وإدارة بايدن هي التي لا تريد التصعيد، ولذلك، فقد امتنعت من القيام بهجوم مباشر على إيران، وبالتالي، فإن هامش المناورة بالنسبة إليهم لا يزال كبيراً نسبياً. ولذلك، ثمة شك في أن التطورات ستؤدي في هذه المرحلة إلى دفع إيران إلى زيادة مساعيها من أجل وقف هجمات الميليشيات في العراق وسورية وكذلك هجمات الحوثيين في البحر.
  • وإن سيناريو التدهوُر الواسع النطاق ممكن أكثر فأكثر مع تصريحات الطرفَين بأنهما لا ينويان وقف العمليات والردود عليها. ومن المعقول أن يتأثر أسلوب وحجم العمليات الأميركية في الفترة المقبلة بخصائص الهجمات ضد الأهداف الأميركية، وأيضاً بقدرة إدارة بايدن على الاستمرار في التفريق بين تصريحاتها المتكررة التي تعتبر إيران مسؤولة مباشرة عن عمليات حلفائها في جهة، واختيار الأهداف التي ستهاجَم في جهة أُخرى. وحالياً، توجد انتقادات كثيرة داخل الولايات المتحدة بشأن الفجوة القائمة بين تصريحات الإدارة وأفعالها، والتي في رأي المنتقدين، تدل على أن الإدارة الأميركية تتردد في تدفيع طهران أثماناً مباشرة، ولا تريد مواجهة أساس المشكلة. 
 

المزيد ضمن العدد