في ظل الحرب، يُمدَّد اعتقال الفلسطينيين ثمانية أيام من دون مقابلة قاضٍ
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- منذ اندلاع الحرب قام كلٌّ من الجيش والشرطة باحتجاز فلسطينيين رهن الاعتقال لفترات زمنية أطول مما كانت عليه العادة في السابق، قبل عرضهم للمرة الأولى على قاض. يُتاح هذا بموجب بند في القانون العسكري يُطلق عليه اسم "الاعتقال الحربي"، الذي يبيح تأجيل عرض المعتقل على المحكمة، وكان استخدام هذا البند محدوداً قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
- تم تخصيص هذا البند في الأصل لمن تم اعتقالهم خلال نشاطات مكافحة "الإرهاب"، ويتيح البند تأجيل عرض المعتقل على قاضٍ للمرة الأولى مدة ثمانية أيام، بدلاً من أربعة، بحسب القانون. ويشير محامون إلى أن استخدام هذا البند في الضفة الغربية أصبح هو الأصل منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة. لقد حققت "هآرتس" في عدة قضايا على هذه الشاكلة، تبين فيها أن المعتقلين غير مشتبه فيهم بارتكاب جرائم "إرهابية".
- بصورة عامة، يجري عرض الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية على نظام القضاء العسكري، وحتى في الأيام العادية، تُطبّق على هؤلاء قوانين صارمة أكثر من المعمول به في المحاكمة الإسرائيلية فيما يتعلق بالاعتقالات. على هذا النحو، فإن الفلسطينيين الذين يُعتقلون بتهم ارتكاب جنح أمنية، وهي تمثل أغلبية الجنح التي يُتهم الفلسطينيون بها، يتم عرضهم على قاضٍ لتمديد اعتقالهم للمرة الأولى بعد 96 ساعة، في حين أن جلسة الاستماع الأولى لتمديد الاعتقال في إسرائيل، تُجرى بعد 24 ساعة فقط. وتشمل هذه "الجنح الأمنية"، إلى جانب النشاطات المتعلقة بـ"الإرهاب"، جنحاً تتعلق أيضاً بالمشاركة في التظاهرات، وأعمال "الشغب"، أو إعاقة جندي في أثناء أداء عمله.
- تقول المحامية رهام نصرة، التي دافعت عن العديد من الفلسطينيين الذين تم استخدام البند المذكور ضدهم، لصحيفة "هآرتس"، أنه "في ظل الحرب، تفاقم الضرر الخطِر الذي لحِق بحقوق الفلسطينيين، ويجري هذا الآن، حتى من دون إمكان الاعتراض على فترات الاعتقال الأولّي الطويلة جداً". وأضافت نصرة، قائلةً إن "الجيش والشرطة يستخدمان هذا البند الشديد الخطورة عموماً، من دون وجود أي رقابة قضائية. هذا الأمر يُعد دوساً فظاً على الحق في الحرية، وفي الإجراءات القضائية العادلة".
- في نهاية كانون الأول/ديسمبر، تم اعتقال سبعة فلسطينيين من منازلهم في منطقة المعرجات الواقعة في غور الأردن، في أعقاب حادثة اقتحام مستوطنين وجنود لقريتهم. تم اعتقال الفلسطينيين بتهمة الاعتداء على أمن المنطقة والإضرار به، وعرّفت الشرطة الحادثة بأنها "احتكاك" بين المستوطنين والفلسطينيين. وقرر القاضي في محكمة عوفر العسكرية، وبعد ثمانية أيام على اعتقالهم من دون محاكمة، الإفراج عنهم بعد اطّلاعه على مقاطع فيديو أظهرت، بحسب توضيح القاضي، أن الفلسطينيين هم مَن تعرّضوا للهجوم.
- قام محاميا المتهمين السبعة بعرض مقاطع الفيديو هذه، مشيرين إلى أن سكان القرية تقدموا بعدة شكاوى في الماضي بشأن تنكيل المستوطنين بهم منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر. وأشار المحاميان إلى أن اثنين من الفلسطينيين أصيبا في الحادثة، واحتاجا إلى رعاية طبية لدى اعتقالهما. وظهر في مقاطع الفيديو، بحسب القاضي العسكري، توثيق لمستوطنين ملثمين يقتحمون القرية، وهم يحملون الهراوات، إلى جانب دخول مستوطنين وجنود مسلحين بأسلحة نارية، ومستوطن يهاجم رب الأسرة بواسطة هراوة. وأشار المحاميان إلى أنهما سلّما الشرطة مقاطع الفيديو في يوم الحادث نفسه، وتم العثور على رصاص فارغ في الموقع.
- في بداية المحاكمة، طلبت الشرطة تمديد اعتقال الفلسطينيين ثمانية أيام إضافية، لكن القاضي، الكولونيل ليفي، بعد اطّلاعه على مقاطع الفيديو، نصح بإطلاق سراحهم بعد موافقة الشرطة. وأشار ليفي إلى أنه يبدو، بحسب الأدلة، أن الحادثة بدأت بعد قيام المستوطنين بمهاجمة الفلسطينيين خارج القرية، بعدها اقتحموا القرية برفقة الجنود، ليهاجموا السكان مجدداً، وفي نهاية المطاف، اندلع اشتباك بين الطرفين، تم في إطاره إطلاق النار [في اتجاه الفلسطينيين]. واعترفت الشرطة في المداولة بأنه لم يتم حتى اليوم التحقيق مع أي مستوطن بشأن الحادثة. وهكذا، وبعد ثمانية أيام من الاعتقال، وعدم عرض الفلسطينيين السبعة على قاضٍ، تم إطلاق سراحهم، إذ أُطلق سراح اثنين منهم من دون شروط تقييدية، في حين فُرضت على خمسة آخرين كفالة بقيمة ألف شيكل، لضمان التزامهم شروط إطلاق سراحهم.
- قبل نحو أسبوعين، تم اعتقال رئيس بلدية التواني [جنوبي جبل الخليل] ، محمد ربعي، بحجة رفضه إخلاء المنطقة القريبة من بؤرة "حفات معون" الاستيطانية. كان ربعي معتقلاً مدة ثمانية أيام بتهمة التشويش على عمل جندي في أثناء قيامه بأداء مهمته، والمساس بأمن المنطقة. وحين تم سوقه، في نهاية المطاف، إلى المحكمة العسكرية في عوفر، طالبت الشرطة بتمديد اعتقاله يومين إضافيين، لكن القاضي، الكولونيل ليفي، أطلق سراحه، مشيراً إلى أنه على الرغم من ادعاء الشرطة أن المنطقة المشار إليها هي منطقة عسكرية مغلقة، فإن الأمر غير واضح، وأن لا دلائل تشير إلى أن ربعي كان عنيفاً، أو قام باستفزاز ما. ولأن الحديث يدور حول إنسان من دون أي ماضٍ جنائي، ويخدم كرئيس مجلس محلي، حسبما كتب القاضي، فإنه يجب إطلاق سراحه. لاحقاً، تم تقديم اتهام آخر ضد الرجل، بادّعاء أنه قام بإزعاج جندي، مع مسح الاتهام بارتكابه العنف، أو دخوله إلى منطقة عسكرية مغلقة.
- بعد اعتقال ربعي، وازدياد استخدام بند الاعتقال الحربي، توجهت المحامية نصرة، التي كانت تمثل ربعي، إلى المستشارة القضائية ميارا، وقائد المنطقة العسكرية الوسطى، فوكس، والنائبة العسكرية العامة، يروشالمي. وكتب الرائد نويمان، الذي يعمل في مكتب المستشارة القضائية للحكم العسكري، رداً على رسالتها، أن ربعي اعتُقل "بسبب الشك في ارتكابه جناية أمنية خطِرة"، وأن الادعاءات المتعلقة باستخدام البند المذكور سيتم النظر فيها.
- في قضية أُخرى، تم اعتقال سبعة رعاة من قرية المجاز الواقعة في مسافر يطا [جنوبي جبل الخليل]، بادّعاء وجودهم في المنطقة من دون تصريح. وبحسب محاميتهم، نيطع عومر شيف، لقد قام السبعة برعي مواشيهم في منطقة لا تبعد أكثر من 250 متراً عن منازلهم، حيث اعتادوا رعاية المواشي فيها يومياً. في تلك المنطقة، تم خلال العام الماضي شق شارع للدوريات العسكرية، في منطقة قريبة من الخط الأخضر، لا يوجد فيها جدار. ولاحقاً، استلمت المحامية نصرة قضيتهم، وقد وردها من الشرطة أن هناك خلافاً بشأن المكان الذي تم اعتقالهم فيه. وبعد سبعة أيام، ومن دون حتى أن يُعرض هؤلاء على قاضٍ، تم إطلاق سراحهم. وفي حادثة أُخرى، تم اعتقال فلسطينيَين اثنين من المنطقة نفسها، وتم إطلاق سراحهما بعد ستة أيام. وتفيد محاميتهما، قمر مشرقي، بأنه لم يتم التحقيق معهما، وبناءً عليه، فإنها لا تعلم ما هي التهمة التي اعتُقلا بموجبها.
- وردّاً على تقريرنا، صرّح الناطق بلسان الجيش بالتالي: "منذ اندلاع حرب "السيوف الحديدية"، تواجه قيادة المنطقة العسكرية الوسطى منظمات "الإرهاب" وناشطيه في الضفة. في إطار هذا النشاط، تم، ويتم اعتقال "مخربين وناشطين إرهابيين" يعملون على ضرب أمن دولة إسرائيل والإقليم، وآخرين مشتبه فيهم بارتكاب جنايات أمنية. في ضوء ذلك، وبناءً على صلاحيات قوات الجيش، بموجب التعليمات الحربية، يتم اعتقال الناشطين "الإرهابيين" فترة قصوى من الزمن، تبلغ ثمانية أيام، في ضوء الحاجة إلى التحقيق المعمق والشامل مع المشتبه فيهم بارتكاب الأعمال "الإرهابية"، من أجل التوصل إلى الحقيقة. ومع صدور أمر الاعتقال، يتم إرسال إحاطة فورية إلى محطة من محطات الشرطة الإسرائيلية، ثم تحويل الموقوفين إلى قسم التحقيقات". كما أفاد الجيش بأن "التحويل الوارد في البند رقم 33 يتمثل في الاعتقال فترة تصل إلى ثمانية أيام، تملك الشرطة الإسرائيلية فيها حق عرض قضية الموقوفين على قاضٍ في موعد أبكر، في الحالات التي تتيح فعل ذلك لاعتبارات التحقيق، وقد تم فعل ذلك في الماضي".
أمّا بشأن الحالات الواردة في التقرير، فوردنا أن "القرارات المتعلقة بإطلاق سراح موقوفين قبل سوقهم إلى المحكمة، هي قرارات تتخذها الشرطة التي تقوم بالتحقيق في قضاياهم.علينا أن نوضح أنه لا مانع من استخدام البند القانوني المذكور في الحالات التي تتعلق بالوجود في منطقة بصورة غير قانونية".