عودة المخطوفين أم حرب شاملة؟ سيناريو الرعب يمكن أن يتحقق
تاريخ المقال
فصول من كتاب دليل اسرائيل
المصدر
- توجد علاقة مباشرة للتصعيد الخطِر الذي ساد الحدود الشمالية خلال الأيام الأخيرة بخطاب حسن نصر الله؛ فرفْضُ الحزب التخلي عن معادلته، التي تفيد بأنه طالما الجيش الإسرائيلي يقاتل "حماس" في غزة فإن الحزب سيقاتل إسرائيل على الحدود الشمالية، يؤدي إلى أنه حتى الآن لا يوجد حل سياسي في الأفق يضمن عودة السكان إلى منازلهم، ووقف إطلاق النار من جانب الحزب.
- وعلى الرغم من أن الصراع بين إسرائيل وحزب الله يحدث على حدود لبنان، فإن موقف الحزب يربط، عملياً، مستقبل الحرب في الشمال بالتوصل إلى توافق ممكن بين "حماس" وإسرائيل بشأن وقف إطلاق النار في القطاع، وبينما لا توجد علامات لتحقيق وقف إطلاق النار هذا في الأفق، فمن المرتقَب أن يتواصل الاشتباك في الشمال، بل أيضاً أن يتصاعد؛ إذ لا يمكن أن تبدأ أي مفاوضات بشأن أي نوع من التسويات في الشمال طالما الحرب في غزة مستعرة.
- وعلى الرغم من الضربات الموجعة التي تلقّاها الحزب منذ 8 تشرين الأول/ أكتوبر، والثمن الباهظ الذي يدفعه (والذي يفوق 200 قتيل من أعضاء الحزب)، بصورة تضرّ به (والدليل على ذلك هو تصريحات نصر الله في خطابه أمس بشأن الحاجة إلى المحافظة على أمن المعلومات، من أجل تخفيض قدرات إسرائيل على ضرب التنظيم)، فيبدو أنه لا يزال ملتزماً وقوفَه إلى جانب محور المقاومة، وسيظل يعمل على تشتيت قوات الجيش الإسرائيلي كي لا تتمكن من صب كل جهودها الحربية ضد حركة "حماس" في غزة. وهذا الواقع يؤدي إلى افتراض أن الحزب لن يوقف حربه في الشمال، مهما تفعل إسرائيل، كما أنه، بحسب تصريحات نصر الله أمس، على أتم الجهوزية لتوسيع نطاق المواجهة إذا شاءت إسرائيل ذلك.
- حينما تغيب عن الأفق خيارات وقف إطلاق النار، في ظل المواجهات الشرسة واليومية التي يخوضها حزب الله ضد الجيش، وبالتوازي مع الضغط الداخلي الإسرائيلي على الحكومة لضمان عودة سكان مستوطنات الشمال إلى منازلهم، فإن إمكانات تدهوُر الوضع تصبح أعلى، وتظهر عبْر التصعيد في تصريحات الطرفَين. إن كون حزب الله يعمل وسط السكان المدنيين، ولا يتوانى عن ضرب البلدات المدنية في شمال إسرائيل، يمثّل وصفة مضمونة "للانزلاق" الذي يؤدي إلى وقوع إصابات في صفوف المدنيين، ونتيجة لذلك، تتصاعُد حمأة الردود المتبادلة بين الطرفَين.
- وهكذا، وفي ظل غياب آلية سياسية يمكن أن تضمن وضع حد للقتال، وفي ظل قيام الطرفَين، حرفياً، باللعب بالنار، فإنه يبدو أن التدهور قد صار، تقريباً، أمراً لا مفر منه، ويحدث هذا الآن تحديداً، لأن إمكانات التوصُل إلى اتفاقية بين إسرائيل و"حماس" باتت منخفضة للغاية. وما يظهر الآن، بعد ما يزيد على 100 يوم من المواجهة في الشمال، أن القدرة على التحكُم في "تصاعُد اللهب" تتآكل.
- وفي الخلاصة، فإن الواقع في الشمال "يجذب" الطرفَين إلى مواجهة، على الرغم من أنه لا توجد لديهما، ظاهرياً، مصلحة فيها؛ فصحيح أن حزب الله يواجه معارضة داخلية قوية في لبنان، وهي معارضة يجب عدم الاستهانة بها، كما أن جهات عديدة في الدولة تخشى كثيراً وصول الاشتباك إلى حرب شديدة التدمير، يقود الحزب الدولة اللبنانية إليها، إلاّ إن خطوات حزب الله تشير إلى أنه منزعج من ترك "حماس" في المعركة وحدها قبالة إسرائيل أكثر من خشيته من دخول الحرب. وهكذا، وفي ظل عدم وجود آفاق للتوصل إلى صفقة تضمن وقف إطلاق النار في غزة، وفي ظل التصعيد الجاري في النشاطات العسكرية شمالاً خلال الأيام الماضية، وعلى الرغم من رغبة الطرفين في المحافظة على "المعادلات" القائمة، فإنه يبدو أنه سيكون صعباً منع المرحلة التالية من التصعيد بين الطرفَين.