التغييرات في صلاحيات السيطرة على الضفة الغربية ومسار الاصطدام بالولايات المتحدة
تاريخ المقال
المصدر
- لم تأت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا على عدد من المستوطنين في الضفة الغربية من فراغ، إنما هي ذات علاقة بتغييرات دراماتيكية جارية تتعلق بالسيطرة على الأراضي وراء الخط الأخضر. وكذلك أيضاً، فهناك تقارير تحدّثت هذا الصباح عن خطة لإقامة دولة فلسطينية تدفع بها الولايات المتحدة، وخطوات أُخرى تفكر فيها الإدارة الأميركية.
- إن النظر عن قرب إلى الشبان الذين فُرضت عليهم العقوبات يثير بعض التساؤلات؛ فهُم ليسوا من الوجوه المعروفة التي لها علاقة بالجريمة القومية، ولم تصدر في حقهم أوامر اعتقال إداري، وبعضهم جرى التحقيق معه عدة مرات، لكن المؤسسة الأمنية اختارت استبعادهم، واعتقلت شباناً آخرين متورطين بجرائم قومية، وبالاعتداء على الفلسطينيين.
- وفي حزيران/يونيو الماضي، وبعد الهجوم الذي وقع بالقرب من مستوطنة عيلي، والذي قُتل فيه 4 إسرائيليين، وقعت حوادث عنف في قرى فلسطينية أدت إلى إصابة عدد من سكان هذه القرى، بعضهم يحملون جنسية أميركية. وعلى الرغم من ذلك، فإن أياًّ من المشتبه فيهم المعروفين جيداً من الشرطة و"الشاباك" ليس موجوداً على قائمة الأسماء (لم ينشر الفرنسيون أسماء المستوطنين الذين قرروا فرض العقوبات عليهم).
- إن القاسم المشترك بين جميع الذين فُرضت عليهم عقوبات أنهم أصحاب مزارع زراعية أُقيمت مؤخراً، وتمتد من جنوب الخليل حتى غور الأردن. ولقد تبنّى المستوطنون مخطط المزارع الزراعية منذ عدة سنوات، وأساس هذه الخطة الصراع على أراضي المنطقة "ج" في مواجهة توسُع البناء الفلسطيني.
- وتُشعل إقامة مزارع على طول الضفة الغربية مواجهات يومية بين المستوطنين والفلسطينيين؛ فمنذ بداية الحرب، تحدثت التقارير الفلسطينية عن مغادرة عدد كبير من الجماعات الفلسطينية أراضيها بسبب سيطرة المستوطنين عليها. وفي المقابل، يدّعي المستوطنون أن هؤلاء الفلسطينيين موجودون داخل أراضيهم، وأنهم يمنعونهم من التوسع. وفي الحقيقة، فإن الصراع على أراضي المنطقة "ج" يزداد حدة يوماً بعد يوم.
- لكن هذه التغييرات على الأرض هي بداية عملية أكبر كثيراً، وهي نقل الصلاحيات من الإدارة المدنية وقيادة المنطقة الوسطى إلى إدارة أنشأها الوزير في وزارة الدفاع بتسلئيل سموتريتش. ووفقاً للاتفاقات الائتلافية، فإنه من المتوقع أن يعيّن قريباً، وللمرة الأولى، نائباً مدنياً لرئيس الإدارة المدنية. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه من المفترض، خلال بضعة أشهر وعلى مراحل متفق عليها مسبقاً، انتقال كل الصلاحيات القانونية من منسق أنشطة الحكومة في الضفة الغربية إلى منسق الأنشطة الموجود في وزارة الدفاع، والتابع لسموتريتش.
- وفي الواقع، وبدءاً من آذار/مارس حتى نهاية أيار/مايو، فإن الصلاحيات القانونية في مجال الأراضي والتخطيط والتنفيذ ستنتقل على دفعات، والمقصود هنا خطوات مهمة تعكس عملياً ونظرياً الصراع على الأراضي المفتوحة في الضفة الغربية في مواجهة السلطة الفلسطينية.
- وفي موازاة ذلك، يحاول المستوطنون في هذه الأيام، كما كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الدفع قدُماً إلى عقد اجتماع للجنة التخطيط العليا في الإدارة المدنية من أجل الموافقة على مئات الوحدات السكنية في المستوطنات. وقالت سارة ليبمان، مديرة مجلس "يهودا والسامرة" [الضفة الغربية]، في مؤتمر مركز البناء الإسرائيلي: "كل وحدة سكنية لا تجري الموافقة عليها هذه السنة، لن تُبنى في السنوات الـ3 المقبلة. أنا أدعو الحكومة إلى التحرر من الحواجز السياسية، وأن تدعو لجنة التخطيط العليا إلى الانعقاد للموافقة على آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات. ويجب رفع التجميد والسماح بالاستيطان، فهذه هي الطريقة للدفاع عن البلد. ونحن هنا وسنبقى."
- هذه الأسباب، بالإضافة إلى حقيقة أن مجموعات فلسطينية أُجبرت على مغادرة أماكن سكنها منذ بداية الحرب، وازدياد سيطرة الوزير سموتريتش على عمليات البناء في الضفة الغربية، والضغط الذي يمارسه المستوطنون عبر وزراء اليمين من أجل توسيع المستوطنات، كلها أمور تُقلق كثيراً الأميركيين الذين يحاولون إيجاد أفق سياسي إزاء الفلسطينيين. ويجب أن نضيف إلى ذلك الانتخابات في الولايات المتحدة، والوضع السياسي غير المستقر لنتنياهو، والنقاش في محكمة العدل الدولية في لاهاي بشأن قانونية الاحتلال، وقبل كل شيء الحرب في القطاع.
- لا علاقة لنتنياهو بما يحدث، فالصلاحيات تنتقل إلى سموتريتش، على الرغم من طلبات الجيش، لأن جزءاً من هذه الصلاحيات له تداعيات أمنية. ومن جهة، فإن نتنياهو يقبع تحت ضغوط من طرف أعضاء الائتلاف، ومن جهة أُخرى، فهو يخضع للضغوط من طرف الأميركيين وسائر العالم. وهو حالياً لا يتدخّل في الأحداث التي لها علاقة بالتوترات بين المستوطنين والقيادة الوسطى (باستثناء الرد الذي قرر نشره ضد التدريب الذي أجرته القيادة الوسطى وحاكى عملية خطف مستوطنين لفلسطيني).
- وفي الواقع، فإنه ليس في استطاعة نتنياهو أن يفعل الكثير بشأن كل ما له علاقة بأنصار اليمين فيما وراء الخط الأخضر، لأنه إذا فعل ذلك، فلن يكون لديه ائتلاف. ولقد أصر سموتريتش على الحصول على هذه الصلاحيات في الاتفاقات الائتلافية، وهو يعرف تماماً السبب. وفي المقابل، فصحيح أن نتنياهو احتج أمام بايدن على فرض العقوبات على المستوطنين، لكنه لم يفعل أكثر من ذلك.