أين كان الجيش؟ في المواقع الموضوعة في رأس سلّم الأولويات
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • قراءة المعطيات مؤلمة جسدياً، لكن لا يمكن، ولا يجب التجاهل أنه: في يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، وضع الجيش على الحدود مع غزة 400 جندي ومجموعة من الدبابات، في مقابل آلاف المقاتلين من "حماس". القوات على الحدود اللبنانية كانت أكبر، ما بين 4 و5 كتائب، لكنها أيضاً كانت أقل عدداً من قوات حزب الله. وفي الوقت نفسه، تم نشر قوات كبيرة جداً في الضفة الغربية، 21-22 كتيبة، وجرى تعزيزها في اللحظة الأخيرة بفرقتين من قيادة المنطقة الجنوبية بسبب التوترات التي جرت على خلفية قيام عضو الكنيست تسفي سوكوت بنصب خيمة في حوارة.
  • لا يجب أن تكون قائد هيئة أركان أو رئيس وحدة عمليات لكي تفهم أن الدفاع عن الحدود كان مهمة ثانوية للجيش عشية الحرب. المهمة العسكرية المركزية كانت الدفاع عن المستوطنات في الضفة الغربية، بما معناه ترميم الاحتلال وضبط الفلسطينيين. ومن أجل تعزيز الاحتلال، تم تخصيص 5 أضعاف القوات في الشمال، و10 أضعاف في الجنوب. توزيع القوات هذا يعكس سلّم الأولويات القومي: المستوطنات أولاً، وبلدات الجليل و"غلاف غزة" تأتي بصعوبة خلفها.
  • بدأ نقل القوات بكثافة إلى الضفة في آذار/مارس 2022، خلال ولاية حكومة التغيير برئاسة نفتالي بينت، التي تخوفت من موجة عمليات وصلت إلى تل أبيب والخضيرة، وكان ردّها مضاعفة القوات الموجودة في الضفة الغربية وخط التماس، من 15 كتيبة إلى 28-29 كتيبة (حملة "كاسر الأمواج"). ولاحقاً، جرى تخفيض عديد القوات، عندما تراجعت العمليات داخل الخط الأخضر. وفي نهاية العام نفسه، عاد بنيامين نتنياهو إلى الحكم على رأس حكومة يمين كاملة، وأعلن خطوطها العريضة، أن للشعب اليهودي الحق الحصري "في جميع مناطق أرض إسرائيل"، وعيّن بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير في مناصب مركزية. الآن، اتضح أن الدفاع عن المستوطنات هو المهمة العسكرية العليا.
  • لقد بات من الواضح الآن أن وضع الجيش للدفاع عن المستوطنات وإخلاء الشمال والجنوب من الجنود كان أحد الأسباب المركزية لكارثة السابع من تشرين الأول/أكتوبر. لقد فهم العدو جيداً الفرصة الموجودة أمامه: المسؤول الكبير في "حماس" صالح العاروري، قال خلال مقابلة معه في نهاية آب/أغسطس، إن أغلبية القوات الإسرائيلية النظامية - 30 كتيبة - موجودة في الضفة الغربية، وقليل منها فقط موجود في غزة، و"هذا اعتبار مهم للقيام بعملية الآن". لكن في إسرائيل لم يجرِ أي نقاش جماهيري بشأن الرؤية الأمنية. لم تُطرح أي أسئلة عن نشر القوات العسكرية وإسقاطاته، لا في الحكومة، ولا في الكنيست، ولا في حركة الاحتجاجات، ولا في الصحافة. لقد اعتقدوا أن كل شيء سيكون بخير، حتى بعد أن حذّر وزير الدفاع يوآف غالانت (علناً) ورئيس وحدة الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية (سراً)، أمام رئيس الحكومة، من إمكان اندلاع حرب. لقد تعاملوا مع تحذير العاروري على أنه كلام فارغ، و"يعلم لماذا يختبئ"، بحسب رد نتنياهو.
  • خلال العام الماضي، كان يبدو أن نتنياهو منشغل في مواجهة مع رؤساء أجهزة الأمن والاستخبارات. بدايةً، بسبب الانقلاب الدستوري الذي دفع به قدماً، وبعد اندلاع الحرب، بسبب المسؤولية عن الإخفاق. وفي اللحظة الحقيقية، عندما تم اتخاذ القرار، أين يجب نشر القوات، وأين لا، انصاع الجيش لتوجيهات المستوى السياسي من دون أي احتجاج، أو معارضة. وهذا الأمر أيضاً ليس جديداً، بعد أن يُسرّح الجنود من الخدمة العسكرية، يبدأ بعض الجنرالات ورؤساء أجهزة الاستخبارات بالحديث ضد الاحتلال في مقابلات مع الإعلام. لكن خلال فترة خدمتهم العسكرية، يتفهمون توجيهات المستوى السياسي الذي يضع أمن المستوطنات وقمع الفلسطينيين على رأس سلّم الأولويات. وحتى لو أن الحساب البسيط سيُظهر لهم أن نتيجة ذلك ستكون تجاهُل النقب والجليل.