إسرائيل أمام منعطف حاسم
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- نحن نمرّ بوقت حساس للغاية. القرارات الاستراتيجية التي تتخذها القيادة السياسية في هذه الأيام، وعلى رأسها رئيس الحكومة، ستحدد مصيرنا بصورة جذرية. من جهة، يحقق الجيش الإسرائيلي إنجازات عسكرية باهرة، لكن من جهة ثانية، من دون استراتيجية خروج من الحرب، قد نجد أنفسنا في حقل ألغام من الإخفاقات الخطِرة، سببها تغلُّب السياسة الصغيرة على الاستراتيجيا الكبرى.
- لقد أعلن رئيس الحكومة في الماضي – بما في ذلك من على منبر الأمم المتحدة، إنه ينوي قيادة سياسة حازمة تمنع الجمهورية الإسلامية في إيران، التي تدعو إلى تدمير إسرائيل، من التحول إلى دولة تملك سلاحاً نووياً. لكن بالاستناد إلى رئيس المشروع النووي الإيراني السابق، أصبحت إيران دولة على عتبة النووي، وعندما يقرر زعيمها، يمكنها أن تمتلك سلاحاً نووياً خلال وقت قصير. وهذا ما تؤكده تصريحات المدير العام للوكالة الدولية للطاقة النووية، وكذلك تصريحات مسؤولين سابقين في المؤسسة الأمنية الأميركية الذين قالوا إن إيران يمكنها تصنيع سلاح نووي في غضون 6 أشهر، والحصول على يورانيوم مخصّب على درجة 90% من أجل إنتاج سلاح نووي، خلال أسبوعين. وبذلك، سيذكر المؤرخون أن رئيس الحكومة، بعكس تصريحاته الحازمة، فشل في منع حصول إيران على سلاح نووي.
- يمكن رؤية عيّنة من السلوك عينه في العلاقة بـ "حماس". لقد وعد رئيس الحكومة، علناً، بالقضاء على "حماس"، لكن بدلاً من ذلك، دعم حماستان ضعيفة ومرتدعة، كجزء من جهده لمنع عملية سياسية إزاء الفلسطينيين. وكانت النتيجة المأساة الفظيعة في 7 أكتوبر.
- أكتب هذا الكلام للتحذير من إخفاقات استراتيجية إضافية. ليس لدى دولة إسرائيل استراتيجيا خروج من الحرب في غزة، ونتيجة ذلك، نحن على مسار تصادمي، وربما أكثر، مع الولايات المتحدة، والعالم الحر، والدول العربية المركزية التي يشكل السلام معها ركيزة أساسية في أمننا القومي. إذا لم تتعاون إسرائيل مع مبادرة بايدن، فقد تنجرّ إلى سيطرة مباشرة على غزة، المنطقة المنكوبة التي تتطلب إعادة إعمار جذرية. إن الاحتلال المباشر لغزة سيتحول إلى عبء اقتصادي وسياسي ودولي لا يُحتمل، ويمكن أن يعرّض علاقاتنا بالدول العربية للخطر. يجب أن نضيف إلى ذلك أن وزراء معيّنين في الحكومة يحاولون إضعاف السلطة الفلسطينية، وحتى إسقاطها، ويتطلعون إلى استغلال شهر رمضان لإشعال مواجهات بيننا وبين العالمَين العربي والإسلامي.
- لسنا بحاجة إلى ذكاء استثنائي لكي ندرك أن تفضيل اعتبارات سياسية ضيقة على استراتيجيا واسعة النطاق يمكن أن يؤدي، على الأرجح، إلى إقامة محور استراتيجي يعتمد على دول عربية قوية بقيادة الولايات المتحدة، يمكن أن يُضعف إسرائيل. إذا لم يغيّر نتنياهو سياسته، فقد تؤدي معارضته قيام دولة فلسطينية، الفكرة التي لم تقدَّم كخطة ملموسة إلى إسرائيل، إلى توحيد العالم، برعاية الولايات المتحدة، حول فكرة الدولة الفلسطينية على المستوى المبدئي، وهو ما يعزز هذا البديل ويحّوله إلى واقع قاتم.
- تعزيز السلطة الفلسطينية، وفقاً لرؤية الرئيس الأميركي هو عملية يمكن أن تستمر أعواماً طويلة بسبب ضعف السلطة. وخلال هذه الفترة، يمكن تعبيد الطريق أمام وقوع العالم في حبّ فكرة الدولة الفلسطينية التي ستُقدم كبديل وحيد، من دون مناقشة مسألة ماهية صورة السلطة الفلسطينية. بالإضافة إلى ذلك، تتطلب عملية إعادة الإعمار عشرات المليارات من الدولارات، ولا تملك إسرائيل المال لإنجازها. من هنا، إذا انجررنا إلى السيطرة على الميدان، فستضعف قدرتنا على مواجهة التهديد الإيراني المتعاظم، سواء في إيران، أم من خلال أذرعها في سورية واليمن.
- تقف إسرائيل أمام مفترق طرق، ويجب عليها الاختيار بين السياسة الضيقة التي تستلهمها من عناصر متطرفة، ستؤدي عقيدتهم الواهمة إلى إضعافنا، أو استغلال الفرصة الذهبية التي تشكلها مبادرة الرئيس الأميركي التي ستسمح لإسرائيل بالقضاء على قدرات "حماس"، وأن تكون نموذجاً من الازدهار، وقوة استراتيجية مندمجة في الشرق الأوسط. قوة الجيش الإسرائيلي والتعاون الاستراتيجي كانا موضع اختبار في 7 أكتوبر، ولا بديل منهما. إن قوة إسرائيل، استراتيجياً، مرتبطة بقوتها العسكرية وحكمتها السياسية - الاستراتيجية، والآن، هو وقت القرار.