النظرية انهارت على الحدود مع لبنان، وعلينا تغييرها قبل انفجارها في وجوهنا
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- هل تذكرون الاتفاق مع لبنان، الذي وقّعناه قبل أقل من عام ونصف العام، والذي وعدونا بأنه سيجلب الهدوء إلى الحدود الشمالية؟ في ظل الوضع الأمني الهش السائد الآن على الحدود اللبنانية، تبدو الوعود الضخمة اليوم مضحكة، والظاهر أننا الجانب الخاسر في الاتفاق.
- ونظراً إلى أن زوجي يخدم في مزارع شبعا منذ 4 أشهر، فإنني أسمع من مصدر مباشر عن إطلاق حزب الله، يومياً، القذائف والصواريخ المضادة للدروع في اتجاه الأراضي الإسرائيلية. صحيح أن الحرب الشاملة لم تندلع بعد، لكن من الواضح أن الوضع لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه.
- جرى توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية خلال فترة زمنية قصيرة جداً. المسيّرتان اللتان أرسلهما حزب الله في اتجاه حقل الغاز "كاريش" كانتا كافيتَين لإحداث هلع في قيادة المؤسسة الأمنية. والخلافات الأساسية التي استمرت أعواماً عديدة بشأن الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، جرى حلها خلال أسابيع معدودة، ووافقت الحكومة الانتقالية، برئاسة لبيد، على الموقف اللبناني كاملاً، وذلك في ذروة فترة انتخابية.
- يومها، قدّم منتدى كوهيليت التماساً إلى المحكمة العليا، بأن الاتفاق شمل تخلياً عن أراضٍ إسرائيلية، وهذا يتطلب الالتزام بأحكام قانون أساس: استفتاء للرأي العام، والذي ينص على أن أيّ تنازُل عن الأراضي يفرض إجراء استفتاء عام، أو موافقة 80 عضو كنيست. كما قدمت منظمات أُخرى التماسات إلى المحكمة العليا ضد الاتفاق، بحجة أساسية، هي أنه لا يمكن الموافقة عليه خلال فترة ولاية حكومة انتقالية. رداً على ذلك، اتخذت القيادة الأمنية موقفاً دفاعياً، وهددت المحكمة العليا، بحجة أن الاتفاق ضروري ومُلح بالنسبة إلى أمن إسرائيل.
- جرت مناقشة الالتماسات خلال عدة أسابيع، وبعد يوم من المداولات، رفضت المحكمة كل الالتماسات. وفي مبررات الرفض التي وصلت بعد مرور عدة أشهر، برزت الجهود الذكية التي بذلتها المحكمة من أجل تشريع الاتفاق من دون إجراء استفتاء عام. المبررات القانونية مخيفة، وإذا أخذناها على محمل الجد، فمن الممكن أيضاً تسليم ميناء حيفا من دون أن يُعتبر ذلك تنازلاً إقليمياً.
- واليوم، يبدو أن هذا الاتفاق لم يؤدّ إلى الهدوء إزاء حزب الله، بل على العكس، زاد في شهيته. قد يكون هناك مَن سيقول إنه لم يكن في إمكاننا توقُّع هذا مسبقاً، لكن لهذا السبب، تحديداً، يوجد قانون أساس الاستفتاء العام؛ وطرح الاتفاق على النقاش العام. وقبل توقيع اتفاق حساس، من الأفضل طرحه على النقاش، وعرض كل الاعتبارات، والاستماع إلى المواقف المختلفة للجمهور الإسرائيلي. طبعاً، كان هناك مَن حذّر من أن هذا الاتفاق سيئ، ولم يصغوا إليه. لكن عندما يكون المقصود خطوة مهمة جداً في التعامل مع أهم عدو لإسرائيل، فإن إجراء نقاش عام هو الحد الأدنى المطلوب.
- كَوني من الذين شاركوا في الدعوى القضائية، رأيت بنفسي كيف ظهرت تفاصيل مهمة كثيرة خلال التحضيرات الحثيثة للمناقشة. ففي صبيحة النقاش، برزت خلافات بشأن كيفية احتساب المياه الإقليمية والجرف القاري، وإحدى طرق الاحتساب دعمت موقفنا. وبسبب ضيق الوقت، لم نتمكن من تطوير الحجة بصورة كافية، وبالتالي لم يتم أخذها في الاعتبار بالقدر المطلوب. ولو كان ممكناً فحص الاتفاق في العمق، لكان من المحتمل ظهور مسائل أُخرى مهمة. وهذه مهمة النقاش العام، طرح الأسئلة، والفحص والاستماع. تفاصيل الاتفاق كانت معروفة من مجموعة أشخاص تفكر بطريقة واحدة، ولديها اعتبارات متشابهة. وعموماً، تولد النظرية في غرفة مغلقة، يوجد فيها أشخاص يقولون الكلام نفسه؟
- النظرية انهارت أيضاً على الحدود اللبنانية. وجهة النظر القائلة إنه يمكن تحقيق الهدوء، تنفجر يومياً أمام جنودنا في الشمال. والنظرية القائلة إن انتقال حقل غاز يساوي المليارات من الشيكلات، سيدفع العدو إلى وضع سلاحه جانباً والعمل من أجل رفاه مواطنيه، ثبت أنها نظرية خاطئة وعلامة ضُعف. إذا كان هناك مجال أمام الجهود للتوصل إلى تسوية مع حزب الله ، فمن الممنوع التهرب من إجراء نقاش عام حقيقي، يجري فيه الاستماع إلى جميع الآراء ووجهات النظر. يجب أن نسمح للجمهور الإسرائيلي بأن يسمع، ويدرس، ويعبّر عن رأيه. في إمكاننا جميعاً أن نغضب من النظرية التي انهارت في الجنوب. لكن دعونا نغيّر النظرية في الشمال، قبل أن تنفجر في وجوهنا.