لا لغوانتانامو إسرائيلي
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- إن اللامبالاة الإسرائيلية إزاء مصير الغزيين في أحسن الأحوال، والرغبة في الانتقام في أسوأ الأحوال، يشكلان أرضية خصبة لجرائم الحرب. وفي نهاية الأسبوع، نشرت "هآرتس" (هاجر سيزاف 7/3) أن 27 معقتلاً غزياً لاقوا حتفهم منذ بداية الحرب في منشآت عسكرية في قاعدة سديه تيمان بالقرب من بئر السبع، وفي قاعدة عنتوت بالقرب من القدس، أو خلال تحقيقات في منشآت أُخرى في إسرائيل. ولم يقدّم الجيش الإسرائيلي معطيات بشأن أوضاع وفاة هؤلاء المعتقَلين، لكنه أشار إلى أن بعضهم كان مصاباً جرّاء القتال، وأن وضع البعض الآخر الصحي كان صعباً قبل اعتقالهم. لكن تقريراً للأونروا، نُشر في الأسبوع الماضي في "نيويورك تايمز"، تضمّن شهادات أسرى أُطلق سراحهم، تحدثوا فيها عن العنف الجسدي الذي تعرضوا له، وعن منعهم من رؤية طبيب أو محامٍ.
- ويُضاف هذا التقرير إلى ما كشفته "هآرتس" قبل شهرين (18/12) عن المعتقَلين في سديه تيمان الذين كانوا مقيَدي الأيدي ومعصوبي الأعين طوال ساعات النهار. وتحدّث الذين أُطلق سراحهم عن تعرُضهم للضرب، وكشفت صور صادمة حجم الأذى الجسدي الذي تعرضوا له بسبب تقييدهم ساعات طويلة. وكان قد جرى الكشف، بعد مرور شهر على الحرب ("هآرتس"، 4/11)، عن وفاة عاملَين من غزة في سجن إسرائيلي على الرغم من كونهما لم يُتهما بأي تهمة، أحدهما كان مريضاً بالسكري، ولم يتلقَ العلاج الذي يحتاج إليه.
- ولا يُعتبر المعتقلون في إسرائيل أسرى حرب من الناحية القانونية، لأن قطاع غزة ليس دولة، ويجري اعتقال هؤلاء بموجب قانون مقاتلين غير شرعيين، والذي يسمح باعتقال كل من يُشتبه بأنه شارك في نشاطات ضد إسرائيل لمدة 75 يوماً من دون أن يمثلوا أمام قاضٍ. وهناك العديد من هؤلاء يُطلق سراحهم ويعودون إلى القطاع بعد فترة معينة، وبعد أن يتضح للجميع أنهم ليسوا مشتبهاً فيهم، لكن هذا لا يعني أنهم لم يتعرضوا لأوضاع اعتقال مريعة. وما يحدث للمعتقَلين الفلسطينيين الأمنيين داخل السجون يثير قلقاً كبيراً، بسبب سوء الطعام، والتعرض للضرب، والاكتظاظ الشديد.
- إن وفاة المعتقلين تفرض تحقيقاً شاملاً وجذرياً من دون تستُر أو تشويه. لكن من سيقوم بهذا التحقيق؟ فإن هذا المجال يقع ضمن مسؤولية الجيش الإسرائيلي، لكن مصلحة السجون تتحمل أيضاً المسؤولية، بَيْدَ أن إدارة السجون خاضعة لوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير. لذلك، فإنه يجب على الشرطة العسكرية أن تحقق هي في حوادث الوفاة، ويتعين على وزراء كابينيت الحرب أن يوضحوا للجيش وإدارة السجون أن إسرائيل ليست تنظيماً إرهابياً، وأن سديه تيمان والمنشآت الأُخرى ليست غوانتانامو، وأن إسرائيل ملزَمة بالمحافظة على حقوق الأسرى الفلسطينيين، حتى لو كانوا رسمياً أسرى حرب.
- ممنوع أن تؤدي لامبالاة الجمهور ورغبته في الانتقام إلى إعطاء الضوء الأخضر لسفك دماء الأسرى. كما يجب على إسرائيل عدم إلحاق الأذى بأي شخص لم يعد يشكل تهديداً لها، ويجب أن تكون أوضاع اعتقال الأسرى معقولة، فضلاً عن وجوب المحافظة على حياتهم والحرص على صحتهم. كما أن كون "حماس" تحتفظ بمخطوفين وتسيء معاملتهم يجب ألاّ يُستخدم ذريعة أو مبرراً لإساءة معاملة الأسرى الفلسطينيين.