من دون قدرة على إدارة الحرب، غالانت يستغل قانون الإعفاء من أجل دفع الائتلاف إلى الانهيار
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- سافر وزير الدفاع، يوآف غالانت، إلى واشنطن على عَجَل، وذلك، بصورة خاصة، من أجل تسريع إمدادات السلاح الأميركي الضروري للجيش، والمطلوب لاستمرار القتال في قطاع غزة، وأيضاً في الحدود اللبنانية، في حال تصاعدت الحرب مع حزب الله من تبادل إطلاق عشرات الصواريخ في اليوم إلى حرب شاملة.
- كما سيتحدّث غالانت أيضاً مع الشركاء في الولايات المتحدة بشأن قضايا أُخرى؛ كالحملة الإسرائيلية المخطط لها في رفح، والخطوات الضرورية المطلوبة من أجل منع المجاعة في قطاع غزة، وأيضاً تجهيز قوات - ليست الجيش الإسرائيلي ولا "حماس" – لتتولى المسؤولية الأمنية عن قطاع غزة.
- ومع جدول أعمال كثيف إلى هذا الحد، يُطرح السؤال: "لماذا ينشغل غالانت بمسألة قانون الإعفاء من الخدمة العسكرية للحريديم؟" حتى إنه يعلن قبل سفره أنه سيرفض طرح القانون في الحكومة هذا الأسبوع. بصفته جنرالاً كبيراً في هيئة الأركان، لم يقم غالانت بالدفع بمبادرات من هذا النوع، وأيضاً، لم يقم بأي مبادرة شبيهة خلال الأعوام الـ 10 التي كان فيها سياسياً، وكان في أغلب الوقت وزيراً في الحكومات.
- للوهلة الأولى، يبدو أنه بصفته المسؤول عن المنظومة الأمنية في وقت الحرب، فإنه من المنطقي أن يصادق على خطوات تدفع قُدُماً بهذا القانون الفارغ الذي يضعه الائتلاف، ففي جميع الأحوال، يهدف القانون إلى نقل المشكلة إلى المحكمة العليا. ففي اللحظة التي لن تتم الموافقة فيها على مطلب الأحزاب الحريدية بأن يتضمن القانون بنداً يتخطى المحكمة العليا، كان من الواضح أنه لا يمكن الوصول إلى تفاهُم بشأن صيغة القانون معهم، بحيث يضمن المساواة التي يُريدها قضاة المحكمة العليا.
- وفي الوقت نفسه، حتّى لو لم يتم تمرير القانون، فإن الإعفاء من الخدمة سيتوقف، ومعه أيضاً الميزانيات للمدارس الدينية التي يتم فيها تسجيل المتهربين من الخدمة. ولا توجد لدى أي من الضباط المسؤولين عن الفرز فكرة بأن هذه القضية ستحل مشكلة الجيش بشأن تعبئة الصفوف الناقصة من أجل استمرار القتال.
- صحيح أن الإعفاء سيحوّل في لحظة أكثر من 60,000 رجل حريدي إلى مرغَمين على التجنيد، لكن تجنيدهم عملياً سيكون أكثر تعقيداً من الحملة في رفح؛ فمن يعتقد أن تغيير سياسة الحكومة سيؤدي إلى دخول لواء من الحريديم إلى القتال خلال بضعة أشهر يتوهم، إذ على الرغم من أنه يوجد تجنيد إجباري في إسرائيل، فهو يحدث طواعية، فلا توجد لدى الجيش أي قدرة على فرض التجنيد على جمهور واسع يرفضه.
- يعلم غالانت أن عدم تمرير قانون الإعفاء لن يحل له أزمة النقص في عدد القوات في الحرب الحالية، ويبدو أيضاً خلال الأعوام الـ 10 المقبلة أن هذا الأمر لن يساهم إلاّ في منح جنود الاحتياط، الذين أنهوا 4 أشهر من القتال بعد أشهر طويلة، بعض المعنويات، وأزماتهم الممتدة من ترك العائلات والمصالح التجارية التي استثمروا حياتهم فيها لن تصبح أسهل بسبب عدم تمرير قانون الإعفاء، وغالانت يعلم هذا جيداً.
- في النهاية، يبدو أن غالانت وصل إلى استنتاج لا يمكن التهرب منه؛ وهو أنه لا يمكن الوصول إلى المساواة في التجنيد مع أعضاء الائتلاف الحالي، وأيضاً، لا يمكن الاستمرار في إدارة الحرب، على الأقل ليس كما يعتقد أنها يجب أن تُدار.
- وقد توجّه بنيامين نتنياهو إلى مواجهة علنية مع الإدارة الأميركية، عبْر استخدام الحملة في رفح على الرغم من أن الجيش لا يستعجل خوضها، كما أنه رفض مناقشة أي خطة واقعية لليوم التالي في غزة، وكل هذا يمنع الجيش من التخطيط للأشهر القريبة من القتال، وربما سنوات القتال المقبلة أيضاً.
- قبل عام، عندما أعلن غالانت أنه لن يصوّت على الانقلاب الدستوري، لم يكن مؤمناً بالحاجة إلى محكمة عليا مستقلة وقوية، إنما كان قلقاً بشأن تأثير الانقلاب الهدّام في تماسُك الجيش. والآن أيضاً، لا توجد لدى غالانت أي مشكلة في استمرار حالة اللامساواة في التجنيد، ولو سمحوا له بإدارة القتال كما يريد هو وهيئة الأركان، فإنه لم يكن ليمانع احتواء الموضوع، كما احتوى سابقاً الوعود للأحزاب الحريدية خلال الاتفاقيات الائتلافية.
- يعرف غالانت أن الحكومة الحالية، وبعد نصف عام تقريباً من القتال، لا تريد وضع أهداف واضحة للاستمرار وهي غير قادرة على ذلك، لذا، فهو يحاول الدفع بالائتلاف إلى نهايته عبر استغلال قضية ذات إجماع جماهيري عليها، وهو يعرف هذه المرة أن نتنياهو لا يستطيع إقالته.
- حتّى الآن، فإن ما يقوم به الحاخامون الحريديم يصب في مصلحته، ومقولة الحاخام الأكبر، يتسحاق يوسف؛ إن طلبة المدارس الدينية سيهاجرون إلى خارج البلد ولن يتجندوا، والتي حصلت على دعم الحاخامين الأشكنازيين، لا تترك أي مهرب لممثليهم في الحكومة. إن صيغة القانون الذي سيتم طرْحه على الحكومة قبل عودة غالانت من واشنطن تشير إلى أنه لا توجد فيه أي أهداف للتجنيد، ولا عقوبات على من يرفض التجند أيضاً... لقد تحولت القضية إلى قضيّة أيديولوجية بالنسبة إلى الحريديم، ولن يتنازلوا عنها، وهذا يساعد غالانت في التمسّك بموقفه، وكذلك يدفع بيني غانتس إلى تبنّي مواقف أكثر حدّة.
- وعلى الرغم من ذلك، فمن غير المؤكد أن الأزمة ستُسقط الحكومة؛ فنتنياهو والشركاء في الائتلاف يستطيعون المصادقة على القانون حتّى من دون دعم وزير الدفاع، وذلك من أجل كسْب الوقت، وهذا على الرغم من أن إمكان تجنيد 61 عضواً من الائتلاف خلال دورة عمل الكنيست المقبلة غير مضمون.
- حتّى لو لم يمر القانون، وأُرغم الحريديم على التجنيد، وتم وقف تمويل المدارس الدينية، فهذا لن يدفع الحريديم إلى الخروج من الحكومة، فَهُم لا يزالون يتمتعون بقوة كبيرة وميزانيات ضخمة، ونتنياهو يستطيع دائماً أن يقول: "إنني حاولت"، وحتى لو انسحبوا من الائتلاف، فإن هذا لا يعني بالضرورة أنهم سيصوتون مع المعارضة من أجل الذهاب إلى انتخابات. حتّى الآن، فإن إمكانات تشكيل حكومة أكثر راحة بالنسبة إليهم ضعيفة، لكن لا يوجد لدى غالانت ما يخسره، فهو يعلم أنه، ومع الحكومة الحالية، لن يستطيع الجيش، حتى لو جنّد آلاف الحريديم، إخضاع "حماس".