المواجهة مع إيران ليست وراءنا بعد، واستمراريتها مرتبطة بالقرار الإسرائيلي
المواضيع
المصدر
- ليس الهجوم الإيراني الذي نُفذ ليلة السبت نهاية الحدث، والتساؤل بشأن الاتجاه الذي نسير إليه من هذه النقطة يعتمد أيضاً على القرارات التي ستتخذها إسرائيل، بَيْدَ أن تحليل أحداث الهجوم تفيض بعدة رؤى؛ بعضها إيجابي، وبعضها أكثر إشكالية، وخصوصاً على المستوى الاستراتيجي.
- بدايةً، إن التواضع مطلوب، لكن ما حدث، إسرائيلياً، هو عملية ناجحة لسلاح الجو، الذي عمل في سماء أربع دول متعددة، وتمكن من اعتراض نحو 200 مسيّرة وصاروخ كروز، كما عملت أنظمة الاستخبارات والدفاعات الجوية ضِمْنَ تنسيق تام، وتمكنت من اعتراض الأغلبية العظمى من الصواريخ البالستية الكثيرة التي أُطلقت نحو إسرائيل. لكن، ومع ذلك، فإن هذا النجاح العسكري الكبير يصطدم بتعقيد استراتيجي، وإنجازات إيرانية.
- وفيما يلي، نجد الرؤى الأساسية الاستراتيجية، والتي بعضها إيجابي، وبعضها الآخر سلبي:
- لم تنجح أي من إسرائيل أو الولايات المتحدة في ردع إيران عن تنفيذها الهجوم، وذلك على الرغم من التحذيرات العلنية الصادرة عن البلدَين، وعلى رأسها التحذير الذي أطلقه بايدن عشية الهجوم.
- نجحت إيران في صنْع سابقة تاريخية، عبر إطلاق صواريخ مكثفة من أراضيها السيادية نحو دولة إسرائيل بصورة مباشرة، وهذا حدثٌ لم نشهد مثله منذ حرب الخليج الأولى، حين قامت دولة سيادية بمهاجمتنا. وكان الهجوم مكثفاً، واشتمل على محاولة إنشاء معادلة جديدة لأي نشاط إسرائيلي مستقبلي يماثل عملية الاغتيال المنسوبة إلى إسرائيل في دمشق تجاه ضباط كبار في الحرس الثوري. ولا يمكن لإسرائيل أن تقبل بمعادلة كهذه.
- عملت إسرائيل في تلك الليلة، للمرة الأولى، بصفتها جزءاً من تحالُف دولي، وهذا الأمر تاريخي ومهم، لكن من شأنه أيضاً أن يفرض قيوداً على حرّية إسرائيل في العمل. وقد ثبت أن إسرائيل لا تعمل وحدها في فراغ هذا العالم الذي بدأ في التبلور بصورة عامة، وفي الشرق الأوسط بصورة خاصة. فهذه الدول التي ساعدت إسرائيل في اعتراض الصواريخ والطائرات الإيرانية، عبْر الكشف والإنذار، تتوقع منها تنسيقاً والتزاماً بمصالحها ومخاوفها قبل أي قرار يتعلق بالرد على إيران.
- العرض الهادف إلى قوة التحالف الإقليمي: لقد شاهدت جميع الدول الموقعة على اتفاقية أبراهام، وإلى جانبها السعودية أيضاً، ما حدث في تلك الليلة، كما ساهمت بعضها أيضاً في جهود الاعتراض. وبمفاهيم معينة، قامت إسرائيل بترميم بعض الأضرار التي أصابت صورتها نتيجة الإخفاق الفادح الذي سببته لها أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر، لكن ترميم الصورة هذا حدث أمام أنظار حلفائها الإقليميين، والقوى العظمى على غرار الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وليس في نظر إيران.
إلى أين نتجه من هنا إذاً؟
- الرد الإسرائيلي آتٍ، لكن توقيته لا يجب أن يكون فورياً، ولا ينبغي لنا أن نكون واضحين في هذا الشأن. دعونا نترك الجانب الآخر يعاني جرّاء الشك، فنجاحنا الجاري يتيح لنا مستويات من الحرّية والمرونة في الحسم. إن الوقت في مصلحتنا، وفي إمكاننا التفكير والتخطيط والعمل بصورة ذكية.
- هناك فرصة نادرة لنمارس تحرُكاً سياسياً يُضعف إيران بصورة كبرى، وإلى جانبها الحلف المعادي. علينا منذ الآن أن ننظر إلى الصورة الشاملة؛ إسرائيل تعيش منذ تلك الليلة مرحلة جديدة في الحرب، ويمكن لقرارات شجاعة وصعبة أن تحوّل التحالف الذي عمل عشية الهجوم إلى تحالف قوي وصامد في وجه إيران ومحور المقاومة. وقد رأينا، في تلك الليلة، مثالاً حياً للحالة المرغوب فيها، والممكنة لإنهاء الحرب؛ وهو انتظام إقليمي جديد تقوده الولايات المتحدة. لقد أوضح بايدن بالأفعال، مجدداً، أنه لن يترك إسرائيل وحدها، لكن يبدو في المقابل أنه يسعى، عبْر احتضانه هذا، إلى فرْض القيود على ردنا الممكن، وتحويل الأزمة القائمة في الشرق الأوسط إلى مبادرة سياسية كبرى.
- وهذه المبادرة هي مصلحة إسرائيلية، ومن شأنها أن تساعدنا في تحقيق أهداف الحرب.