يقدّرون في الجيش الإسرائيلي أن القرار الذي سيبلور نهاية الحرب في قطاع غزة سيُتخذ خلال 48 إلى 72 ساعة: صفقة مخطوفين مع "حماس"، أو دخول الجيش الإسرائيلي إلى رفح. في الأيام الأخيرة، شددت الولايات المتحدة على معارضتها لعملية عسكرية في "معقل حماس الأخير"، خوفاً من الصعوبات الإنسانية المترتبة على العملية في منطقة صغيرة يوجد فيها نحو 60% من سكان القطاع كله، والقريبة من خط الحدود مع مصر، على الرغم من التعهدات الإسرائيلية، وتقديم خطة لإجلاء جزئي للسكان ونقلهم إلى أماكن آمنة محددة في خانيونس والمواصي، شمالي رفح.
الحساسية الأميركية حيال هذه العملية كبيرة جداً، إلى حدّ أن معارضة إدارة بايدن وإسرائيل في الولايات المتحدة، حالياً، واقعة تحت تأثير مزاعم "حماس" والدعاية المعادية لإسرائيل. والتخوف الأميركي هو من أن تؤدي العملية العسكرية في رفح إلى مقتل عدد كبير من الفلسطينيين غير الضالعين في القتال، وهو ما سيصعّد المواقف ضد إسرائيل والإدارة، بعكس الشرعية التي حظيت بها في بداية الحرب.
وبالإضافة إلى الضغط الأميركي، هناك ضغط أوروبي على محكمة الجنايات الدولية في لاهاي من أجل إصدار أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى، بينهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، وكبار قادة الجيش. ويمكن أن نلمس الدليل على هذا الضغط في دعوة نتنياهو الحكومة إلى مناقشة المسألة، اليوم.
ولعل السيناريو الأقل سوءاً، بالنسبة إلى الجيش، هو الدخول إلى رفح، أو عقد صفقة على أساس التطبيع مع السعودية، تشمل وقفاً لإطلاق النار مع "حماس"، ودخول السلطة الفلسطينية لتحلّ محلّ "حماس"، وتعزيز الحلف الإقليمي ضد إيران؛ أمّا الخيار الأسوأ فهو رفض "حماس" المقترح الإسرائيلي "السخي والمرن".
في مثل هذا الوضع، يقدّر الجيش أننا سنكون أمام حائط مسدود: ستبقى إسرائيل من دون المخطوفين، ومن دون دعمٍ لعملية في رفح، لكنها ستكون مضطرة إلى الدخول إلى هناك من أجل تفكيك كتائب "حماس" التي لا تزال موجودة في المنطقة، وضرب محاور تهريب السلاح من سيناء.
الجيش مستعد بالكامل للعملية التي ستجري بالتدريج، ومع إمكان وقفها من أجل التفاوض بشأن صفقة، إذا جرى التوصل إليها. لكنهم في إسرائيل يعملون وفق تجارب الأشهر الماضية، ويدركون أن المناورة البرية ستعرّض للخطر المخطوفين الذين ما زالوا في قيد الحياة، والمحتجزين في رفح كدروع بشرية. حتى لو جرى التوصل إلى صفقة هذا الأسبوع، فمن الواضح أن السنوار سيحتفظ بعدد من المخطوفين الأحياء كبطاقة ضمان لبقائه وبقاء "حماس" في السنوات المقبلة.