تداعيات احتمال إصدار محكمة الجنايات الدولية أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

  • التقارير التي تحدثت عن إصدار محكمة الجنايات الدولية في لاهاي أوامر اعتقال ضد مسؤولين في الحكومة والجيش، تثير مخاوف كبيرة في إسرائيل. وسواء أكان من المتوقع أن يصدر مثل هذه الأوامر في وقت قريب، أم أنها مجرد شائعات، فقط من باب التلويح بخطوة مستقبلية، يجب التعامل معها بجدية. هذه الأوامر هي ذات "أسنان"، ويمكن أن تفرض قيوداً على حركة مَن تصدر الأوامر ضدهم. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الأوامر يمكن أن تؤذي صورة إسرائيل ومكانتها الدولية، وأن تُستخدم أساساً لخطوات أُخرى من أجل عزل إسرائيل بواسطة العقوبات والمقاطعات.
  • تعمل محكمة الجنايات الدولية منذ سنة 2002 وفق معاهدة روما. ومن صلاحياتها مناقشة المسؤولية الجنائية لأفراد متورطين بجرائم حرب، أو جرائم ضد الإنسانية، وجرائم إبادة، وهجمات نُفّذت في أراضي دولة عضو في المعاهدة، أو على يد مواطنيها. ومن صلاحياتها إصدار أوامر اعتقال ضد مشتبه فيهم، وبموجبها، يتعين على الدول الأعضاء الـ124 في المحكمة احترام هذه الأوامر واعتقال الأشخاص المشتبه فيهم ضمن حدودها، وإحالتهم على المحكمة في لاهاي.
  • وعلى الرغم من أن إسرائيل ليست عضواً في محكمة الجنايات الدولية، ولا تعترف بصلاحياتها، ففي سنة 2021، فُتح تحقيق في جرائم حرب ارتُكبت في الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة، بعد الاعتراف بـ"فلسطين" كدولة ذات صلاحيات. وتطرّق التحقيق إلى كل الأطراف على الأرض، من الإسرائيليين والفلسطينيين، منذ 13 حزيران/يونيو 2014، ومن دون تحديد موعد انتهاء التحقيق، لذلك، فهو يسري على الحرب الحالية. لقد اكتسب التحقيق زخماً بعد الحرب، ويمارَس على المدعي العام في المحكمة ضغط كبير للمضي به قدماً.
  • سلوك إسرائيل يؤثر في الإجراءات القانونية المتخذة ضد مواطنيها. ومن المهم بصورة خاصة إجراء تحقيقات مهنية في الاتهامات بارتكاب جرائم، لأنه وفق مبدأ التكامل المنصوص عليه في قوانين محكمة الجنايات الدولية، لا تقبل المحكمة الشكاوى المقدمة لها، عندما يجري التحقيق في الحادثة بصورة مهنية من خلال السلطات الرسمية المعنية. علاوةً على ذلك، لا تستطيع إسرائيل التباهي بأنها دولة ديمقراطية لديها منظومة قضائية محترمة، وتسمح جهة أُخرى، بصدور تصريحات عديمة المسؤولية من وزراء وأعضاء في الائتلاف تتعلق بنيات إسرائيل في الحرب مثل، "تسوية القطاع بالأرض"، و "لا يوجد في غزة غير ضالعين في القتال"، أو القول إنه يوجد عدد كبير من المعتقلين، والتساؤل عمّا إذا كان من الممكن "قتل عدد منهم". مثل هذا الكلام الصادر عن مسؤولين رفيعي المستوى، ولا يدينه رئيس الحكومة بوضوح، يُستخدم أساساً للمطالبة بتسريع الإجراءات في المحاكم. كما أنه يقوّض التعامل مع إسرائيل كدولة ديمقراطية تحترم القانون، ويزعزع الثقة بها، وبالتحقيقات والتوضيحات الصادرة عنها. وبذلك، تساهم الحكومة الإسرائيلية، بيديها، في تصاعُد المعركة الدولية ضد إسرائيل. والفشل في هذه المعركة، سينعكس مباشرة على إنجازات المعركة العسكرية التي تعتمد على الشرعية الدولية، وسيُلحق ضرراً كبيراً باستراتيجية الأمن القومي.
 

المزيد ضمن العدد