ترسانة لا آخر لها؛ ما هو السلاح الذي بقي لدى حزب الله؟
المصدر
غلوبس

موقع متخصص بالمسائل الاقتصادية ومسائل الطاقة. يصدر باللغة الإنكليزية.

  • منذ اندلاع الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، تم تسجيل وقوع آلاف الهجمات على الحدود اللبنانية من جانب حزب الله وإسرائيل، يدور القتال هناك بصورة يومية. في نهاية المطاف، فإن كل ما يحدث ليس سوى ظلال شاحبة للسيناريو الرهيب المتمثل في حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله. فتلك المنظمة "الإرهابية" الشيعية لديها قوى عاملة ووسائل قتالية توازي، من حيث الكمية والنوعية، القوة الموجودة لدى "حماس" والجهاد الإسلامي، أو بقية المنظمات "الإرهابية" في قطاع غزة مجتمعةً.
  • بناءً عليه، وبما أن حزب الله ليس مستعجلاً للدخول في حرب شاملة مع إسرائيل بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعيشها لبنان، فليس من المؤكد على الإطلاق أن إسرائيل معنية بمثل هذه الحرب في الوقت الراهن. فإسرائيل أيضاً، في حال نشوب الحرب، ستضطر إلى دفع أثمان اقتصادية جسيمة تتجاوز كثيراً ما تدفعه في المرحلة الحالية: لقد صادق الكنيست، قبل نحو أسبوعين، على ميزانية سنة 2024 المحدّثة التي تم في إطارها تخصيص 117 مليار شيكل [47.5 مليار دولار] للأمن، بما يتجاوز الميزانية المخططة بـ 55 مليار شيكل [14.8 مليار دولار].
  • ينبع توازُن الرعب على الحدود الشمالية، بصورة أساسية، من تقدير جهاز الـ CIA أن حزب الله لديه ترسانة أسلحة تشمل نحو 150 ألف صاروخ وقذيفة. لقد افتتحت "حماس" ضربة 7 تشرين الأول/أكتوبر بمنسوب غير مسبوق من الضربات الصاروخية الذي بلغ نحو ثلاثة آلاف صاروخ وقذيفة هاون على إسرائيل، في حين أن حزب الله قادر على الحفاظ على وتيرة بهذا الحجم على مدار نحو شهر ونصف. وللمقارنة، طوال حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006]، قام حزب الله بإطلاق نحو أربعة آلاف صاروخ على إسرائيل، أغلبيتها صواريخ كاتيوشا لا يتجاوز مداها الـ30 كلم. إن تشغيل مجمل وسائل حزب الله القتالية البعيدة المدى بصورة أبعد مما يجري اليوم على الحدود وحتى عكا، سيضع الجبهة الداخلية في مواجهة تحديات أكبر كثيراً مما تقوم به الآن.

صواريخ تتحدى القبة الحديدية

  • يقول الدكتور يهوشواع كاليسكي، وهو باحث رفيع في "معهد دراسات الأمن القومي"، إن "قدرات حزب الله أكبر كثيراً من قدرات ’حماس’، لدى الحركة 20 ألف قطعة جوية، أمّا حزب الله فيملك 150 ألفاً"... "أغلبية الوسائل التي يملكها حزب الله ذات مدى قصير، يتراوح ما بين 10 و 20 كلم، وتواجه القبة الحديدية تحدياً في اعتراضها لأنها تحلّق على ارتفاعات منخفضة جداً. يملك حزب الله أيضاً صواريخ "فاتح 110" ذات مدى أطول، وصواريخ دقيقة، بما يشمل بضعة صواريخ سكود D وC يصل مداها إلى 700 كلم، وهي تغطي مساحة إسرائيل كلها. كما يملك الحزب مسيّرات أنتجها ذاتياً، بالاستناد إلى الخبرات الإيرانية، ويصل مداها إلى 400 كلم، فضلاً عن صواريخ كروز لا يعرف أحد عددها".
  • لقد سبق أن ذاقت إسرائيل واحدة من القدرات الجديدة لحزب الله خلال الشهرين الماضيَين، عندما جرى إطلاق صواريخ "بركان" التي يصل مداها إلى 10 كلم. الخطر الكامن في هذه الصواريخ ليس نابعاً من مداها، بل من قدرتها على حمل نصف طن من المواد المتفجرة، والتسبب بأضرار هائلة. لقد قام حزب الله بتطوير هذا الصاروخ بنفسه، بدعم إيراني، وهو الآن يستغل الخبرة التي تراكمت في استخدامه في الحرب الأهلية في سورية، دعماً لنظام الأسد.
  • صرّح د. كاليسكي في مقال له متعلق بالموضوع، بأن الوقت القصير الذي يستغرقه تشغيل هذا الصاروخ لا يتيح المجال أمام عملية اعتراض حركي له، بواسطة القبة الحديدية مثلاً. ويوضح الخبير أن صاروخ "بركان" يمكن إسقاطه بواسطة منظومة اعتراض ليزر، تطلق دفقة ضوء إلى الهدف خلال أجزاء من الثانية، وتقوم بحرق أجزاء مهمة من الصاروخ. لكن منظومة درع الضوئية التي تطورها شركة "رفائيل" لن تكون عملانية إلّا خلال النصف الثاني من سنة 2025.

صواريخ إيرانية وصينية مضادة للدروع

  • هناك وسيلة أُخرى قام حزب الله باستخدامها على نطاق واسع نسبياً، هي مضادات الدروع من طراز ألماس 1، وهي كناية عن طريقة الهندسة الإيرانية العكسية لصواريخ Spike MR التي تنتجها رفائيل. الهندسة العكسية هي العملية التي ينجح فيها العدو في وضع يده على وسيلة قتالية، فيقوم الخبراء بإجراء تحليل عميق لمكوناتها، وبعدها يتم إنتاج وسيلة قتالية جديدة في إجراء تسلسلي. يدّعي الإعلام الإيراني أن زنة صاروخ ألماس 1 تبلغ 11.5 كيلوغراماً (ويبلغ وزنه مع منصة إطلاقه نحو 15 كيلوغراماً)، ويمكنه متابعة الهدف وضربه من مسافة تصل إلى نحو ثمانية كيلومترات.
  • يضيف د. كاليسكي أنه وفقاً للمعهد البحثي Small Arms Survey الكائن في جنيف، فإن حزب الله يملك أيضاً صواريخ صينية مضادة للدروع من طراز MANPADS. هذا المضاد للدروع تفضله المنظمات "الإرهابية" المؤيدة لإيران، على غرار حزب الله، لكنهم ليسوا وحدهم الذين يفضلونه. فبحسب المعهد البحثي السويسري، هناك 12 طرازاً مختلفاً من MANPADS تم العثور عليها لدى منظمات "إرهابية" في 13 دولة في الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا في الفترة 2015 -2023.

من المسيّرات إلى مضادات الطيران

  • حرص الإيرانيون أيضاً على تزويد حزب الله بمسيّرات أكثر عدداً وتنوعاً من تلك التي تملكها "حماس". إذ يملك الحزب مسيّرات جمع معلومات، على غرار مسيّرة أيوب، ومسيّرات هجومية، على غرار أبابيل، أو تلك التابعة لسلسلة شاهد. وفي المقابل، من الواضح أن حزب الله راقب جيداً نتائج عمل أنظمة الدفاع الجوية لاعتراض الهجوم الإيراني التاريخي في 14 نيسان/ أبريل، وأدرك أن الجيش الإسرائيلي يمتلك قدرات متطورة في هذا المجال.
  • يملك حزب الله أيضاً قدرات دفاع جوي، وتمكّن بواسطتها من إسقاط مسيّرة "هرمس 900"، قبل نحو شهر. ويقول د. كاليسكي إن "قدرات الدفاع الجوي لدى حزب الله هائلة، وفي بعض الحالات، يستخدم الحزب صواريخ بسيطة نسبياً، لكنه يملك بطارية S-200 المتطورة إلى جانب صواريخ 358. هذه الصواريخ يتم إطلاقها من دون أن تكون موجهة نحو هدف محدد، لكنها حين تعثر على الهدف، فإنها تستهدفه وتصيبه".

كتيبة "الرضوان" والجهاديون الأتراك

  • يمتلك حزب الله ميزة أُخرى، هي القوة البشرية. صحيح أن نصر الله ادّعى قبل نحو ثلاثة أعوام أن لديه 100 ألف مقاتل، لكن تقديرات الـCIA تشير إلى أن عديد مقاتلي تنظيمه يبلغ نحو 45 ألف مقاتل، يُعتبر25 ألفاً منهم قوات احتياط. ويمكن أن نضيف إلى ذلك، كما ظهر منذ بداية الحرب، عناصر حركة "أمل"، و"حماس" في لبنان، وغيرهما من المنظمات الإسلامية.
  • إحدى القضايا المثيرة للقلق على مدار الأشهر الأخيرة، هي أن لبنان أصبح هدفاً للتنظيمات الجهادية. قبل وقت طويل من قيام السائح التركي حسن سكلانن بتنفيذ عملية الطعن في القدس الأسبوع الماضي، قُتل مواطنان تركيان خلال غارة إسرائيلية استهدفت أحد قادة "حماس" في لبنان، ولم يتم دفن الشخصين في تركيا، بل في طرابلس.
  • لقد قامت عائلتا القتيلين التركيين بتنظيم جنازتين لهما، من دون جثامين. وفي إحدى الجنازتين، اتضح أن والد أحد القتلى كان مجاهداً في أفغانستان، في حين نظّمت العائلة الثانية نشاطاً في ميدان بيازيد في البلدة القديمة في إستانبول. هذا يعني أنه بات في إمكاننا الآن تشخيص توجُّه آخذ في الاتساع لأتراك جهاديين يستهدفون إسرائيل، سواء أكان ذلك على الأراضي الإسرائيلية، أو عبر الحدود.

مهاجمة حقول النفط

  • هناك ميدان اشتباك آخر مع حزب الله، هو البحر. نجح الحزب في حرب لبنان الثانية في ضرب السفينة الحربية "أحي حنيت"، بواسطة صاروخ كورنيت مضاد للسفن، في حادثة أودت بحياة أربعة مقاتلين، عندما أراد حزب الله استعراض قوته خلال المفاوضات بشأن الحدود البحرية اللبنانية الإسرائيلية سنة 2022، فقام بإطلاق مسيّرات انتحارية في اتجاه حقل "كاريش" للغاز. لقد تم اعتراض هذه المسيّرات بواسطة صواريخ باراك في أول نشاط عملياتي لهذه الصواريخ. إن صواريخ باراك مخصصة لمواجهة صواريخ "ياخونت" المضادة للسفن، الروسية المتطورة، التي يبلغ مداها 300 كلم، والتي وصلت إلى حزب الله، على ما يبدو.
  • تشكل منصات الغاز فارقاً جوهرياً مهماً بين المهمة الدفاعية التي كانت قائمة في حرب لبنان الثانية سنة 2006 وبين حالنا اليوم. لقد صارت إسرائيل دولة مستقلة في مجال الغاز الطبيعي، وباتت تنتج الغاز وتصدّره عبر أنابيب إلى الأردن ومصر، لكن الأمر يحوّل أرصدتها الاستراتيجية وحقولها إلى أهداف. إن حقل "كاريش"، الواقع شمالي المياه الاقتصادية الإسرائيلية، قد يتحول إلى هدف خلال الحرب، تماماً كما هي حال حقول لفيتان الرئيسية الإسرائيلية للغاز. بالنظر إلى القرار الفوري لوزارة الطاقة الإسرائيلية بشأن تعطيل منصة "تمار" الجنوبية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، والذي استمر شهراً، فمن المعقول الافتراض أن قرارات مماثلة ستُتخذ لدى اندلاع حرب شاملة في الشمال.
  • في مجال الدفاع عن الحقول أيضاً، انتهت في شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي عملية تحويل السفينة الرابعة والأخيرة من سلسلة "ساعر 6" إلى سفينة حربية. هذه السفن مزودة برادارات متطورة، وواحدة من المنظومات التي ثبتت نجاعتها، وتحتوي على منظومة "قبة حماية"، وهي نسخة بحرية من القبة الحديدية، قامت خلال شهر نيسان/أبريل الماضي بعملية الاعتراض الأولى في خليج إيلات. وإلى جانب هذه المنظومة، هناك منظومات دفاعية أُخرى ضد الصواريخ لحماية السفن وحقول الغاز.