الأخلاقية والعملية: إسرائيل ارتكبت خطأين استراتيجيَّين في الحرب
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • ارتكبت حكومة إسرائيل، ورئيسها بشكل خاص، خطأين استراتيجيَّين، بعد إخفاق السابع من تشرين الأول/ أكتوبر. الأول والأساسي والمهم، هو إطلاق المناورة البرية، من دون محاولة إعادة الرهائن أولاً. 240 طفلاً وشاباً وشابة، ونساء ورجال وكبار في السن تم خطفهم في هذا اليوم السيئ.
  • قبل بدء الحملة العسكرية، كانوا، في أغلبيتهم، في قيد الحياة. وكان الواجب القومي والأخلاقي يفرض إعادتهم إلى المنزل، بغض النظر عن الثمن. هذا كان واجب الدولة، بعد أن تخلت عن مواطنيها في منازلهم. إنه ذنب الحكومة المباشر، وبسببه، كان يجب على أصحاب القرار اتخاذ قرار فوري لإعادتهم، وهُم أحياء، والاعتراف بحقيقة أننا خسرنا المعركة، وكان يجب أن تمثل إعادة الرهائن الانتصار الأولّي.
  • كان يجب التنازل عن الـ"أنا" القيادية، وعن الحق في توجيه ضربة عسكرية قاضية للتنظيمات "القاتلة"، والانتظار حتى عودة المخطوفين. وصنّاع  القرار اتخذوا قراراً مختلفاً. رغبتهم في تعويض إخفاقهم دفعتهم إلى اتخاذ قرار خاطئ ومصيري، وهو لا يزال يلاحقنا منذ 8 أشهر، ويقلل من عدد الرهائن الأحياء، بمرور كل يوم.
  • الحاجة إلى الانتقام، والانتصار العسكري الساحق، وتفكيك "حماس" كهدف مركزي، أمور كلها انتصرت على الحق القومي والأخلاقي والقيمي. قرار سيئ ومؤلم للرهائن، ولعائلاتهم، وللمقاتلين على الجبهات الذين يسقطون كل يوم، للأسف، وكذلك للنازحين من سكان الشمال والجنوب الذين لا أحد يعلم متى سيعودون إلى منازلهم. وأن يعودوا متأخرين، أفضل من ألّا يحدث هذا  قط.
  • وبدلاً من تعميق الصراع مع صديقتنا الأكبر والمهمة الولايات المتحدة، ودول كثيرة أُخرى. وبدلاً من السيطرة على رفح، والاستمرار في فقدان رغبتنا في المعرفة، كان يتوجب على "الكابينيت" أن يقرر فوراً إعادة الرهائن إلى المنزل، بغض النظر عن الثمن. يجب القيام بذلك بأيّ ثمن، الآن.
  • الخطأ الاستراتيجي الثاني والمصيري كان خلال المناورة البرية نفسها. يجب على الحكومة إدارة الحرب في مسارَين متوازيَين. بما معناه، دخول متوازٍ إلى شمال غزة وجنوب رفح منذ بداية المناورة، عندما كان العالم معنا، ودعمَنا من دون تحفّظ، وتفكيك الألوية والكتائب "القاتلة" في المدينتَين في الوقت نفسه، ومن هناك، يبدأ التحرك إلى خان يونس ومخيمات الوسط.
  • هذه الخطوة العسكرية الذكية كانت ستلقى قبولاً في العالم برمته، وتمنع القيود التي تفرضها علينا الولايات المتحدة، وغضب العالم الآخذ بالاتساع، وكذلك معاداة السامية والتصويت المعارِض لإسرائيل في الأمم المتحدة وغيره. الصدمة والخجل، هما اللذان دفعا إلى فقدان العقلانية التي رافقت متّخذي القرار في الأيام الأولى التي تلت الإخفاق، لقد ارتُكب كثير من الأخطاء، لكن هذين الخطأين دفعانا إلى إخفاق آخر، وهو عدم القدرة على الحسم وفقدان الأمل بكل ما يتعلق بتحقيق أهداف الحرب، حسبما عرّفها أصحاب القرار قبل 8 أشهر.
  • وفي هذا السياق، يجب الإشارة إلى الفيديو المؤلم الذي يمنع من النوم، ويصرخ انقذونا، واستمرار عرضه، والذي تظهر فيه المجندات اللواتي اختُطفن من القاعدة العسكرية خلال السيطرة العنيفة عليها، وسوْقهن إلى الأسر لدى "حماس" خلال قيامهن بمهماتهن المهمة بمهنية وبرودة أعصاب. هذا الفيديو يوضح مرة أُخرى عُمق الإخفاق و"وحشية" العدو.
  • هذه الفرصة قد تكون الأخيرة للحكومة، لتحاول القيام بواجبها القومي والأخلاقي والقيمي، وتعيد الرهائن جميعاً إلى المنزل، بأيّ ثمن. رئيس الحكومة- هذا واجبك ومسؤوليتك. وفي رأيي ورأي كثيرين، نحن في حالة انهيار خطِرة، يجب وقفها فوراً.
  • مقود القيادة والكوابح في يد رئيس الحكومة، هو وغيره، وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان ورئيس "الشاباك" وقائد منطقة الجنوب، وغيرهم، كان عليهم الانسحاب وترك المكان لغيرهم لإدارة المعركة، بعد فشلهم الكبير. إن الذين فشلوا فشلاً كبيراً كهذا لا يستطيعون إدارة عملية الترميم، عسكرياً ومدنياً، وبصورة خاصة مَن لم يتحمل المسؤولية حتى اللحظة.
 

المزيد ضمن العدد