حتى تحقيق الانتصار المؤزر لحركة "حماس"
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

  • سقط ما لا يقلّ عن 35 قتيلاً وعشرات الجرحى في الغارة التي نفّذها سلاح الجو في رفح. وكل ذلك من أجل القضاء على ناشطَين من "حماس". وأعلن الجيش أنه نجح في عملية التصفية. نجاح هذه العملية فاق المتوقع. قضينا عليهم، وقضينا على جيرانهم، وبحسب التقارير: قضينا على أطفال جيرانهم. 35 رجلاً وامرأة وطفلاً قُتلوا في تلك الغارة. وإذا صحّت التقارير، فهؤلاء كانوا في منطقة أُعلن في السابق أنها آمنة، ولا يجب إخلاؤها. لقد قُتلوا بنيران شبّت في الخيام. وكثيرون ماتوا بسبب عدم وجود مرافق طبية في المنطقة قادرة على معالجتهم. هذه المأساة المستمرة من النوع الذي يمكن أن يتوقعه أيّ عاقل. عملياً، إنها مأساة حذّر كثيرون من وقوعها في السابق.
  • لقد حدثت لأسباب، من بينها أنه لم يتجرأ أحد منا على التحدث عن هذه الكارثة. فمن غير الصائب، سياسياً، التحدث عن دم الفلسطينيين، وخصوصاً سكان غزة، وبصورة خاصة بعد أحداث 7/10/2023، لذا، نحن نتجاهل كما لو أن الأمر لا يتعلق بموت بشر. يمكننا أيضاً ألّا نتجاهل ما حدث، إذا رغبنا في ذلك، والتحدث عن الغارة على أنها "ضرر أصاب صورتنا في العالم". وإن كنتم من اليمين العميق، فيمكنكم أيضاً الاحتفاء بهذا الموت. تماماً كما فعل ينون مغيل [مدير القناة 14 الإسرائيلية] ونافا درومي [المذيعة في القناة] اللذان يعتقدان أن إحراق البشر أحياء عبارة عن طريقة أُخرى لإحياء عيد لاغ بعمر [عيد يهودي من طقوسه إشعال الحرائق في الخلاء].
  • يجب أن يبدأ شخص هنا بتقديم إجابات على وجه السرعة عمّا حدث. هل هاجم الجيش، عن سابق معرفة، منطقة من المفترض أن تكون منطقة آمنة؟ ما مدى أهمية أهداف الغارة، بحيث كان القضاء على المستهدفين مبرراً لمقتل 35 مدنياً؟ هل سيُفرض أدنى عقاب على مَن يحتفلون بموت الأطفال الصغار في شبكات التواصل الاجتماعي؟ من المحتمل أن هذه الكلمات، لو وجهناها إلى الحكومة، لن تكون سوى تبديد للجهد. وربما أصبحت قلوبكم قاسية وزادتها دماء المدنيين قسوة، وربما بات أمر إنقاذ إنسانية مَن في الحكومة متأخراً جداً. لقد سلبكم الغضب والدم جزءاً مهماً جداً يجعلنا بشراً. وإذا صدقت توقعاتي، فدعوني أتحدث معكم باللغة الوحيدة التي ما زلتم تفهمونها، وهي لغة المصالح:
  • عندما يجبرنا العالم على التوقف، نتيجة العقوبات، ووقف التسليح، وفرض حلقة تخنقنا اقتصادياً، فإن أشخاصاً مثل نتنياهو سيوضحون أننا كنا على مرمى حجر من تحقيق النصر المؤزر، لكن اللاساميين في العالم لم يسمحوا لنا بذلك. وعندها، علينا أن نقول الآن، وهنا: إذا كانت خطتك الاستراتيجية لا تشمل الشرعية الدولية الإسرائيلية، فإنها لا تساوي شيئاً. إنها ليست سوى أضغاث أحلام سخيفة. ومَن لا يدرك أن القتال في وسط معسكر لاجئين مكتظ يعني احتكاكاً مؤكداً بالسكان المدنيين، وتعريض حياتهم للخطر الدائم، مثلما جرى في قصف رفح، فيبدو أنه لا يجب أن يكون رئيس حكومة. لأننا كنا في هذا الموضع أكثر من مرة، وكل مَن لديه عقل في رأسه يدرك أن وقوع مثل هذه المجازر ليس سوى مسألة وقت.
  • لا يوجد نصر مؤزّر. هذا يجب أن يكون واضحاً لنا. لقد استنفدنا الائتمان الدولي، ومحركاتنا لا تعمل إلّا على ما تبقى من بخار وقود في خزاناتنا الفارغة. وهذه الكارثة كلها، بكل ما فيها من فاشيين يحتفلون بالدم النازف، تقرّبنا أكثر إلى توقعات مَن توقع أن الحرب ستتوقف من دون أن نتمكن من فكّ أسر المخطوفين، وأن إسرائيل ستصبح أفقر وأضعف، ومحاطة بالأعداء.
  • في غزة أطفال ونساء ورجال أبرياء، وهناك أيضاً مخطوفون إسرائيليون. إذا كنا نريد تحقيق أمر واحد له رائحة النصر، فعلينا أولاً أن نبدأ بالتعامل مع الحياة باحترام وقدسية. علينا استعادة المخطوفين عبر صفقة، الآن، وعلينا تشكيل لجنة تحقيق رسمية تحقق في أحداث يوم 7/10/2023 وطريقة إدارة هذه الحرب، وتوقفها. وإلّا فإن كل ما سنحققه، بعد كل هذا الدم المسفوك، هو النصر المؤزر لـ"حماس".
  • ويبدو لي، الآن، أن هذا هو بالضبط ما يسعى نتنياهو لتحقيقه.