إدخال المساعدات الإنسانية قبل تدمير "حماس" نهائياً هو صب للزيت على نار الشرق الأوسط
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

  • يعمل وزير الخارجية الأميركي، أنطوني بلينكن، على الدفع قدُماً بالاستقرار والسلام في الشرق الأوسط، عبر إنشاء واقع بديل وسيناريو مستقبلي كارثي منقطع عن الواقع الشرق أوسطي. فهو، على سبيل المثال، يقدّس الخيار الدبلوماسي الذي ساهم كثيراً في تحويل نظام الملالي في إيران إلى عنصر مركزي في الساحة الإقليمية والعالمية، ويعارض خيار تغيير النظام، ويرفض الحل العسكري، على الرغم من سلوك نظام الملالي المعادي لأميركا منذ الثورة سنة 1979...
  • ويضغط بلينكن على إسرائيل للانتقال من الخيار العسكري إلى الخيار الدبلوماسي، على الرغم من أن الدرس الأساسي خلال 17 عاماً من حكم "حماس" يُظهر بوضوح أن وقف إطلاق النار والمفاوضات يزيدان في "إرهاب" "حماس"، التي هي فرع من "إرهاب" الإخوان المسلمين، الذي هو أكبر تنظيم سني معادٍ لأميركا في العالم. واستجابة إسرائيل لطلب بلينكن ستنقذ "حماس"، وستحول دون تدمير بنيتها التحتية، وستشكّل انتصاراً دراماتيكاً لها واستمراراً لتآكل قوة الردع الإسرائيلية، كما أن تضرر قوة الردع الإسرائيلية سيشجع "الإرهاب" والحرب المتعددة الجبهات ضد إسرائيل، وضد كل الأنظمة العربية الموالية لأميركا، وسيمنع عودة الذين جرى إجلاؤهم في الجنوب والشمال، وسيقلص المصلحة العربية في توسيع حلقة السلام.
  • يرفض بلينكن الاعتراف بحقيقة أن الشرط المسبق للاستقرار والسلام هو تغيير النظام في إيران، الذي سيخلّص الجمهور الإيراني من نظام "وحشي"، ويزيل عن الدول السنية المؤيدة لأميركا تهديداً وجودياً مباشراً، وسيزيل أكبر عائق ضد توسيع حلقة السلام الإسرائيلي العربي، وسيقضي على "الإرهاب" الإسلامي والمعادي لأميركا.
  • لا يوافق بلينكن على أن قوة الردع هي عامل مركزي في الاعتبارات الأمنية الوطنية في الواقع الصعب والمتقلب للشرق الأوسط، وهي أهم كثيراً من مفاوضات واتفاقات ليست أكثر استقراراً من الأنظمة التي بلورتها.
  • ويتجاهل بلينكن أن المفاوضات المثمرة لا يمكن أن تجري مع كيان تشترط رؤيتُه القضاء على الطرف الثاني المفاوض كي تتحقق. وهكذا جرى التوصل إلى اتفاق السلام مع مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب وجنوب السودان والتعاون مع السعودية. صحيح أن هذه الدول كانت تتمنى شرقاً أوسط بلا وجود كيان يهودي "كافر"، لكن لم يكن هذا شرطاً لتحقيق رؤيتهم الوطنية، وهي تعتبر إسرائيل حليفاً في مواجهة تهديدات نظام الملالي وتهديد "الإخوان المسلمين"، ولا تعتبر قيام دولة فلسطينية شرطاً مسبقاً للسلام والتعاون مع إسرائيل.
  • وفي مقابل ذلك، لا يمكن إجراء مفاوضات مثمرة مع "حماس" التي تشترط رؤيتها من أجل التحقق القضاء على الكيان الصهيوني "الكافر"، وينطبق هذا على السلطة الفلسطينية أيضاً، والتي تسيطر عليها "فتح" ومنظمة التحرير الفلسطينية، والتي رؤيتها راسخة في ميثاق "فتح" ومنظمة التحرير منذ سنة 1959 و1964، والذي يتجلى في مناهج التعليم، وفي التحريض في المساجد، وتمجيد "الإرهابيين" عبر الدفعات الشهرية المقدمة إلى عائلاتهم، والعمليات "الإرهابية" المباشرة وغير المباشرة.
  • يتعين على وزير الخارجية الأميركي صوغ سياسة على أساس الواقع الشرق أوسطي البركاني والمثير للإحباط، وليس على أسس واقع بديل ينعش الروح، ومن أجل قطع سلسلة طويلة من إخفاقات وزارة الخارجية في الشرق الأوسط. إن المساعدة الإنسانية المرحب بها للعرب في غزة هي القضاء على "حماس"، وإن إدخال المساعدات الإنسانية قبل القضاء على "حماس"، لا يشكل مساعدة للحركة فقط، بل أيضاً يصب الوقود على نيران الشرق الأوسط بدلاً من الماء.
 

المزيد ضمن العدد