مناورات الترهيب بين إسرائيل وحزب الله يمكن أن تدفع بالطرفين إلى الهاوية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • بينما تُضَاعِفُ الولايات المتحدة جهودها للتوصل إلى صفقة مخطوفين ووقف لإطلاق النار بين إسرائيل و"حماس" في قطاع غزة، يتصاعد التوتر على الحدود الشمالية؛ إذ ازدادت حدة الضربات المتبادلة بين إسرائيل وحزب الله (وبصورة حادة ازدادت حدة وعي الناس لخطورة الوضع)، ففي الأمس، جُرح 11 شخصاً في هجوم بمسيّرة في منطقة يشوف حرفيش في الجليل الغربي، وقد أعلن حزب الله مسؤوليته عن الهجوم. وتهدد إسرائيل الآن بهجوم واسع في لبنان إذا لم يكبح حزب الله هجماته، وعلى خلفية ذلك، سيجد موفدو الرئيس بايدن، الذين من المفترض أن يصلوا إلى المنطقة في الأيام المقبلة على أمل التوصل إلى تسوية في القطاع، أنفسهم مشغولين أيضاً في بذل المساعي الحثيثة للتهدئة في لبنان. وحالياً، يقترب التوتر إلى المستويات العالية التي شهدها الأسبوع الأول من الحرب في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حين بدأ حزب الله مهاجمة الجليل، وفكر كابينت الحرب في توجيه ضربة استباقية إلى الحزب.
  • ومن التصريحات الكثيرة في الأيام الأخيرة، برزت تصريحات رئيس هيئة الأركان، هرتسي هليفي، خلال جولة في قيادة المنطقة الشمالية أمس، أعلن فيها أن الجيش "مستعد للهجوم"، وأننا نقترب من "النقطة التي سيتعين علينا فيها اتخاذ القرار." ويبدو أن قسماً من هيئة الأركان العامة ممن يجدون أنفسهم الآن في وضع حرج في ضوء التحقيقات في الحرب وقرارات رئيس هيئة الأركان المثيرة للجدل المتعلقة بالتعيينات في مناصب رفيعة، وجد مخرجاً ممكناً. وبدلاً من الغرق في فخ غزة، تقوم إسرائيل بتوجيه ضربة قاسمة إلى حزب الله، وتبدأ هي بفرْض سير الأحداث، وتتوقف عن الانجرار وراءها. والفكرة هي أن نوضح لحزب الله حجم الثمن الذي يمكن أن يدفعه في حال نشوب حرب شاملة، وبالتالي، دفْع الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، إلى التراجع، بَيْدَ أن الخطر هو طبعاً ألاّ تستطيع إسرائيل التحكم بألسنة النار. ومن جهة ثانية، فإن هناك قيادة محنكة، وعلى الرغم من راديكاليتها، فهي لا تقوم بخطوات غير محسوبة، ومن المعقول افتراض أن نصر الله قام بمناوراته الحربية، واستعد لسيناريوهات "الفعل وَرَدَّة الفعل"، بَيْدَ أن مناورات الترهيب المتبادلة والسير على حافة الهاوية يمكن أن تدفع الطرفَين معاً إليها. والدمار الذي يمكن أن يلحق بالدولة اللبنانية لا يشكّل مصدراً للعزاء، فعلى الرغم أنه سيكون هائلاً جداً، وسيحتاج اللبنانيون إلى سنوات كثيرة للتعافي منه، فإن الواقع الذي ينتظر إسرائيل لا يدعو إلى التفاؤل أيضاً؛ إذ إن الضرر الذي شهدناه مع "حماس" لا يُقارن بتاتاً بما يمكن أن يحدث هنا في مدن الشمال والوسط، فضلاً عن أن الجيش الإسرائيلي سيصل إلى هذه المواجهة بعد 8 أشهر من حرب قاسية في غزة، أدت إلى تآكل قدراته وصموده وسلاح الوحدات ومخزون الاحتياط لديه. وهنا يُطرح السؤال: هل الاتفاق الذي سيجري التوصل إليه في نهاية الحرب، على افتراض أن كفة الجيش الإسرائيلي ستكون هي الراجحة، لن يكون شبيهاً إلى حد بعيد بما يقترحه الأميركيون والفرنسيون حالياً؟
  • في غضون ذلك، دأب الإيرانيون على صب الزيت على النار؛ فبعد مقتل ضابط في الحرس الثوري الإيراني في الأسبوع الماضي في هجوم نُسب إلى سلاح الجو الإسرائيلي في مدينة حلب السورية، أعلن قائد الحرس الثوري أن "على إسرائيل أن تنتظر الرد." وفي أواسط نيسان/أبريل، وبعد اغتيال قائد فيلق القدس في سورية ولبنان، والذي نُسب إلى إسرائيل، ردت إيران بهجوم استخدمت فيه أكثر من 300 صاروخ باليستي، وصواريخ كروز، ومسيّرة أطلقتها على إسرائيل. أراد الإيرانيون أن يضعوا خطاً أحمر لإسرائيل لمنعها من ضرب عناصرها في المنطقة، لكن السؤال: هل سيفرضون هذا الخط؟ في الخلفية، تكمن مشكلة استراتيجية أكبر كثيراً تتعلق بإيران، وهي تموضعها كدولة "على عتبة النووي"، والتي بحسب تقارير وكالة الطاقة النووية الدولية، فقد باتت قريبة جداً من مراكمة كميات من اليورانيوم المخصب تكفي لإنتاج قنبلة.
  • والتخوف الأميركي من حرب إقليمية مركزها لبنان أكبر كثيراً من استمرار الحرب في غزة، وبناءً عليه، فإن إدارة بايدن تريد إزالة الموضوعَين بسرعة من جدول الأعمال الدولي، وقبل دخول المعركة الرئاسية، في الصيف، المرحلة الحاسمة، وقبل إجراء الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/ نوفمبر. كما أن حدوث مواجهة عسكرية تشمل إيران يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط، ويهدد مسعى الديمقراطيين لتصوير بايدن بأنه الرئيس الذي سيعيد بناء الاقتصاد الأميركي.