غالانت، هل وضعك جيد إلى هذا الحد في الشمال كي تتصرف بهذه الطريقة مع فرنسا؟
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • إذا أراد الوزير يوآف غلانت أن يثبت للفرنسيين أن إسرائيل الدولة الصغيرة يمكنها أن تنتقد سياستهم في منطقتنا، فإنه بالتأكيد نجح في ذلك، لكن بأي ثمن؟ هجومه يوم الجمعة على إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون تشكيل لجنة من أجل الدفع قُدُماً بحلول في لبنان، يعرّض المصالح الإسرائيلية للخطر، على المديَين القصير والبعيد.
  • وفي الأسابيع الأخيرة، ضاعفت واشنطن وباريس جهودهما الدبلوماسية من أجل التوصل إلى تهدئة في الشمال. وفضلت إسرائيل إبقاء هذه الاتصالات سرية قدر الإمكان، لكن بعكس الولايات المتحدة، قرر الرئيس الفرنسي ماكرون وضع نفسه شخصياً في الواجهة، ومن هنا، جاء إعلانه يوم الخميس تشكيل منتدى ثلاثي إسرائيلي أميركي فرنسي من أجل وقف التصعيد على الحدود مع لبنان، والذي فاجأ إسرائيل. وبعد مرور 24 ساعة على إعلان ماكرون، صرّح غالانت أن إسرائيل لن تشارك في لجنة من أجل التوصل إلى حل للوضع الأمني على الحدود الشمالية "إذا شاركت فيها فرنسا"، واتهم فرنسا بتجاهُل "الفظائع" التي ارتكبتها "حماس".
  • ولقد أثار الهجوم غير العادي لغالانت ردات فعل في باريس، لكن وزارة الخارجية في القدس، التي حاولت التخفيف من الأضرار، ذكّرت بمشاركة فرنسا في إحباط الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل في أواسط نيسان/أبريل، كما أن التدخل السريع للسفير الإسرائيلي الجديد في باريس، جوش زرقا، أثبت فعاليته. وبدلاً من إحراق الجسور، قال مسؤول فرنسي رفيع المستوى إنه على الرغم من تصريحات غالانت المفاجئة، فإن باريس مستعدة للعمل مع اللاعبين الكبار، بمن فيهم إسرائيل والولايات المتحدة من أجل التوصل إلى تهدئة.
  • هناك كثير من الاستياء لدى غالانت ومسؤولين آخرين إزاء ماكرون قبل كل شيء بسبب غزة، فبعكس واشنطن، التي استوعبت في هذه الأثناء العملية العسكرية المحدودة الإسرائيلية في رفح، دانت باريس منذ البداية قرار الدخول إلى هناك. وعلى ما يبدو، فإن قرار ماكرون منْع إسرائيل من المشاركة في معرض الصناعات الدفاعية والأمنية "Eurosatory" الذي افتُتح هذا الأسبوع، كان القشة التي قسمت ظهر البعير بالنسبة إلى اليمين الإسرائيلي. ومَن غير غالانت يعرف جيداً الميدان في بلده؟
  • تفضّل إسرائيل أن يدير الموفد الأميركي، عاموس هوكشتاين، الاتصالات مع لبنان. لكن كلما ازدادت حدة المواجهات في الشمال، فمن الواضح أن إسرائيل لا تملك ترف تجاهُل الفرنسيين وما يمكن أن يطرحوه على الطاولة، وذلك لأنه بالإضافة إلى العلاقات التاريخية بين لبنان وفرنسا، وكل ما يستتبع ذلك، فإن فرنسا اليوم تُعتبر لاعباً فعالاً في الساحة الأمنية والسياسية والاقتصادية في بلد الأرز، وهي المساهمة الكبرى بالجنود في قوات اليونيفيل في جنوب لبنان، ويشكل جنودها احتياطاً في قيادة القوة.
  • إن زيارة ماكرون للبنان بعد انفجار مرفأ بيروت سنة 2020 شكلت ارتفاعاً في درجة التدخل الفرنسي في حل سياسي للأزمة الحادة في لبنان، ومنحت باريس مكانة أكبر في هذه الدولة، ولهذه الغاية حافظت فرنسا على صلاتها السياسية مع الممثلين السياسيين لحزب الله، بعكس "حماس"، ولم يصنف الاتحاد الأوروبي حزب الله كتنظيم "إرهابي".
  • إن الدفع قُدُماً بحل دبلوماسي للنزاع مع لبنان هو أمر معقد، ويتطلب تدخلاً لمجموعة أطراف، كما أن أي حل مستقبلي يتطلب التطرق إلى الوضع الداخلي في لبنان، وليس فقط إلى تبادل الضربات بين حزب الله وإسرائيل. والولايات المتحدة تعرف كيفية الحصول على أرصدتها، لكن بالنسبة إلى كل ما له علاقة بالساحة الداخلية اللبنانية، فثمة شك في أن يملك أي لاعب خارجي (باستثناء إيران) تأثيراً موازياً لتأثير فرنسا، ويجب أن نضيف إلى ذلك الحقيقة التي يشدد عليها دبلوماسيون إسرائيليون؛ وهي أن فرنسا تنظر كإسرائيل إلى التهديد الاستراتيجي الذي تشكله إيران، وترى من الضروري إعطاءه الأهمية.
  • وبناء على ذلك، يتعين على إسرائيل احتضان فرنسا والتعاون معها في جميع الجبهات، لا التضحية بالعلاقات معها على مذبح السياسة الداخلية لحزب الليكود أو لوبي الصناعة الأمنية.