"قانون الحاخامين" بالون اختبار حريدي لمعرفة قوة نتنياهو
تاريخ المقال
المواضيع
فصول من كتاب دليل اسرائيل
مهند مصطفى
أسامة حلبي, موسى أبو رمضان
أنطوان شلحت
المصدر
- بعد مرور عام ونصف على تأليف حكومة نتنياهو السادسة، تشعر الكتلة الحريدية باليأس لعدم نجاحها في تحقيق أي من الوعود المركزية التي قطعتْها في الانتخابات. وفي كل مرة تظهر ذريعة، لكن عملياً، وفي امتحان الواقع، كان هناك فشل وراء فشل. والإخفاقات سُجلت، بصورة خاصة، قبل الحرب القاسية التي نشبت مع الهجوم "المجرم" لحركة "حماس".
- وبالإضافة إلى القضايا التي تشغل رؤساء الكتل الحريدية، فإن هناك 3 مسائل أساسية دخلوا من أجلها الكنسيت والسياسة الإسرائيلية، وقد فشلوا في جميع هذه المسائل، لذلك، فهُم يحاولون اليوم فحص ما إذا كان رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، يسيطر فعلاً على ائتلافه، أم أصبحوا يقومون بمهمة المدافع عن حكم الليكود من دون أي إنجاز. إن "قانون الحاخامين" هو بالون اختبار من أجل فحص قوة نتنياهو قبيل قانون التجنيد.
- الموضوع الأول هو عالم الحاخامين، الذي يعكس، بالنسبة إلى الحريديم، الهوية اليهودية لدولة إسرائيل، والمقصود هنا تعيين حاخامين في المدن والأحياء وغيرها، وهؤلاء هم فعلياً الذين يحافظون على التقاليد، ويجعلون الثقافة اليهودية في متناول الجميع.
- والموضوع الثاني هو التعليم الحريدي، أي الحرص على استقلالية التعليم الحريدي والمحافظة على الميزانيات التي تضمن بقاء مؤسسات التعليم الحريدي وتربية الجيل المقبل لهذا القطاع.
- أمّا الموضوع الثالث، فهو أن عالم اليشيفوت [المدارس الدينية] وعالم التوراة لديهما الرغبة في تسوية أوضاع تلامذة اليشيفوت وتسوية الميزانيات ومنع التقليصات، إنما بعكس ذلك، فهُم يحرصون على زيادة الميزانيات كي يتمكن طلبة التوراة من البقاء في اليشيفوت.
- وبالنسبة إلى الكتل الحريدية بشأن مختلف المسائل الحساسة بالنسبة إليها، فإنها تعتبر أن حكومة نتنياهو السادسة فشلت، على الرغم من الوعود الانتخابية التي قدمها نتنياهو شخصياً (المتعلقة بميزانيات التعليم الحردي)، وعلى الرغم من الاتفاقات الائتلافية الواضحة، وعلى الرغم من أنه واضح للجميع أن الحريديم لن يتنازلوا عن هذه البنود.
- وننتقل الآن إلى الموضوع الأساسي: قانون التجنيد العالق، ووضْع تلامذة اليشيفوت الذي لم يُحل، وعدم وجود حل في الأفق. وقد جمدت المحكمة العليا ميزانيات الحريديم، وتقوم كل من وزارة المال ووزارة العدل بوضع ميزانيات "مع تقليصات" على خلفية قرار المحكمة العليا، الأمر الذي أوصل القطاع إلى تراجُع لم نَرَهُ منذ سنوات كثيرة. وعلى الرغم من كل التصريحات والوعود، فإن خطة "أفق جديد" لم تطبَّق على التعليم الحريدي.
- أمّا فيما يتعلق بـ"قانون الحاخامين" الذي يهدف، بالنسبة إلى حزب شاس، إلى تعيين عشرات الحاخامين في شتى أنحاء البلد، فهو أيضاً عالق. وبعد استقالة غانتس وأيزنكوت اللذَين وضعا فيتو على القانون، أعلن أعضاء كنيست من الليكود أنهم سيصوتون ضده، ومنعوا إقراره.
- وفي حالة كهذه، ماذا بقي للكتل الحريدية لتفعله في الحكومة الحالية؟ هل هو النجاح في خفض الضرائب مرة واحدة على المشروبات؟ لم تدخل الكتل الكنيست لهذا.
- في كل مرة توجه زعماء الكتل الحريدية إلى نتنياهو، كان يجيبهم بأن هذا الأمر غير مرتبط به، ويقول لهم: "المستشارون القانونيون هم الذين يعرقلون الأمر، وليس أنا! هم يريدون إسقاط الحكومة التي أترأسها، ويفعلون ذلك عن طريقكم وعن طريق القطاع الحريدي." لقد أقرّ شركاء نتنياهو من الحريديم أن ما يجري هو خطة لإسقاط حكومة اليمين، لكنهم خرجوا محبَطين: "لا يمكن الدفع قُدُماً بشيء في الحكومة الحالية، نحن نجلس في وزارات كبيرة ولا نحقق إنجازات للجمهور الذي انتخبنا."
- وعندما وصل دور "قانون الحاخامين"، سئم الحريديم وقالوا لنتيناهو: "في هذا الموضوع لا يوجد مستشارون قانونيون ولا فرع الميزانيات في وزارة المال. الموضوع عالق بسبب أعضاء الكنيست من حزبك في الليكود، وبسبب إيتمار بن غفير، وهو مرتبط بك." بالنسبة إليهم، فإن الاختبار واضح؛ إذا لم ينجح هذا الائتلاف في تمرير القانون، فلا فائدة من وجوده، و"إذا كنا غير قادرين على إقرار أي شيء، فلماذا نبقى في هذه الحكومة؟"
- إن الرسالة واضحة لنتنياهو: "هذا اختبار لك، وامتحان سيؤثر في وجود الائتلاف. فإذا كنتَ غير قادر على أن تفرض إرادتك على المتمردين في كتلتك وعلى إيتمار بن غفير وكتلته، فإن الطريق إلى الانتخابات باتت قصيرة." ولقد فهم نتنياهو الرسالة، وأرسل رجاله والمقربين منه من أجل إقناع أعضاء كتلته، ولم تنجح هذه الخطوة، والقرار اتُخذ؛ تأجيل القانون من أجل إفساح المجال لإقراره، والهدف هو أن يثبت للكتل الحريدية أنه يوجد من يمكن التحاور معه، وأنه هو نتنياهو يسيطر على ائتلافه.
- "قانون الحاخامين" هو أيضاً "بالون اختباري" سينعكس في قانون التجنيد. ففي الشهر الماضي، وعد نتنياهو زعماء الكتل الحريدية بأنه سيدفع الأغلبية إلى التصويت على سن قانون لتسوية وضع تلامذة اليشيفوت، والحريديم يشككون في فُرَصِ النجاح في ضوء التهديدات والتصريحات الواضحة لأعضاء في الكنيست من كتلة الليكود ومن كتلة "قوة يهودية".
- صحيح أن هناك انتقادات كثيرة "لقانون الحاخامين"، لكنها أقل من الانتقادات لقانون التجنيد. وإذا خضع نتنياهو في هذا القانون للأغلبية، فمعنى هذا أنه فيما يتعلق بقانون التجنيد، سيستلم في هذه المرحلة، ولن يفعل شيئاً للحصول على الأغلبية. ويحاول نتنياهو في هذه المرحلة أن يثبت للكتل الحريدية أنه يمكنها التعاون معه، وهو يعرف كيف يقنع الأغلبية بسن القانون المهم بالنسبة إلى هذه الكتل.
- وستُظهر الأيام المقبلة ما إذا كان "قانون الحاخامين" سيقَر في الكنسيت، أم سيعلَق بعد إقراره في لجنة القانون. إن نتنياهو الآن أمام اختبار بالنسبة إلى الكتل الحريدية، وكل العبء انتقل إليه.