إرهاب المستوطنين هو إرهاب الدولة
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- بتأخير كبير - بعد أكثر من 46 عاماً على إقامة حركة "أمناه"، الذراع الاستيطانية لـ"غوش إيمونيم" - قررت حكومة كندا فرض عقوبات عليها. وبذلك، انضمت إلى الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي وحكومة بريطانيا، الذين فرضوا، خلال الأشهر الأخيرة، عقوبات على مجموعة من المستوطنين والمنظمات الاستيطانية، مثل حركة "لهافا" ورئيسها بنتسي غوبشتاين - وهو مجرم مُدان ومستشار لوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير- هذا بالإضافة إلى "شبيبة التلال"، وهي ليست تنظيماً، لكن أعضاءها معروفون جيداً، خصوصاً في بعض المزارع، مثل "مزرعة موشيه" و"مزرعة تسفي".
- وتتضمن هذه العقوبات منع دخول الناشطين إلى الدول التي فرضت عليهم العقوبات، ومنع جمع التبرعات من هذه الدول، بالإضافة إلى منع إقامة تجارة فيها، فضلاً عن تجميد الحسابات المصرفية. هذه العقوبات ليست سهلة على مَن اعتاد تنفيذ جرائم وتفادي المحاكمة في الدولة التي تُحاكَم اليوم بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
- إلّا إن مجموعات المستوطنين وداعميهم لا يستسلمون، وبصورة خاصة أمام غرباء يتدخلون في قضايا دولتهم الداخلية، ويحاولون فرض حقوق الإنسان في الضفة الغربية، المسجلة باسمهم بوعد إلهي. لقد جرى استدعاء وزيرَي الاستيطان غير الشرعيَّين، بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، لتشريع قوانين تخفف من حدة العقوبات. ومن بين هذه القوانين، يمكن الإشارة إلى قانون بن غفير، والذي يفرض على البنوك الإسرائيلية تجاهُل العقوبات، ومشروع قانون سموتريتش بشأن منع الاعتقالات الإدارية للمستوطنين، ومبادرته إلى إقامة مستوطنة ضد كل دولة تعترف بالدولة الفلسطينية، لكي "تعرف كل دولة تتعامل مع النشاطات المعادية لإسرائيل، وتعترف بالسلطة الفلسطينية كدولة، أنها تساعد المشروع الصهيوني على تقوية الاستيطان اليهودي".
- ولذلك، إذا كانت المستوطنات تُستعمل كـ"رد صهيوني لائق" على كل عملية قتل مستوطن في الضفة (مستوطن تحديداً، أمّا مقتل يهودي عادي داخل حدود الخط الأخضر على يد "مخربين"، فهو لا يستحق إقامة مستوطنة باسمه). ومنذ الآن، يعلن سموتريتش أن المستوطنات ستُستعمل كسلاح دبلوماسي هجومي. وعندما تكون هذه هي الاستراتيجيا، فلا يمكن الاكتفاء بـ"مزارع" و"بؤر". فكما يبدو، إن "الدول العدائية" لم تفهم بعد أن الاستيطان يشكل عائقاً أمام إقامة الدولة الفلسطينية، ولا مهرب من إقامة عشرات آلاف الوحدات الاستيطانية الإضافية، ونقل مئات الآلاف من اليهود إليها، وضم الضفة، ومن الممكن غزة أيضاً، لأن "العالم" مصمم على ألّا يفهم.
- إلّا إن سابقة العقوبات يمكن أن تشير إلى أن "العالم" أيضاً لا ينوي الاستسلام. فمن المستغرب أن تتدخل دول الغرب الآن في الأعمال غير القانونية المستمرة منذ سنة 1967، وما الذي دفعها إلى ذلك؟ وأساساً، لماذا يهاجمون هؤلاء الأفراد الآن، وهم "الأعشاب الضارة"، ولا يمثلون الحكومة التي تستمر في رعايتهم، قانونياً، والدفاع عنهم، عسكرياً، بالإضافة إلى حزمة اقتصادية كبيرة. وبذلك هي تصادق على نشاطهم، قانونياً، وتعترف بأنهم يخدمون مصلحة وجودية لإسرائيل.
- عندما يجلس في حكومة إسرائيل وزراء يشجعون الإرهاب الاستيطاني، ويقف على رأسها مَن يمنح مصادقته على كل جنون صادر عن وزراء الإجرام، فإن حكومة الولايات المتحدة وحكومات الغرب، عموماً، لا يمكن أن يتجاهلوا أن المسار اللائق لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي لا يمكن أن يتجاوز المسؤولين في المستويات الأعلى. فإذا كانت أعمال المستوطنين الأفراد ضد الفلسطينيين معرّفة بأنها إرهاب، فلا يمكن الامتناع من تعريف التنظيمات التي تدعمهم بأنها منظمات إرهابية، ومن تعريف الحكومة التي تمنحهم رعايتها بأنها حكومة داعمة للإرهاب. وهذا التهديد غير محصور بالمستوطنين ومنظماتهم، بل يستهدف كل مواطن إسرائيلي مباشرةً.